بشرى الكلمة العاشرة: "وهو على كل شئ قدير"

باسمه سبحانه

ايها المستخلف المبارك

(لا إله إلاّ الله، وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيي، ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شئ قدير، وإليه المصير(

بديع الزمان سعيد النورسي يقول:

كل كلمة من كلمات هذا الكلام التوحيدي الرائع تزف بشرى سارة، وتبث املاً دافئاً. وفي كل بشرى شفاء وبلسم.. وفي كل شفاء لذة معنوية وانشراح روحي.

بشرى الكلمة العاشرة: "وهو على كل شئ قدير"

أي: أنه واحد أحد. قادر على كل شئ، لا يشق عليه شئ، ولا يؤوده شئ، ولا يصعب عليه أمر، فخلق ربيع كامل - مثل - سهل ويسير عليه كخلق زهرة واحدة. وخلق الجنة عنده كخلق ذلك الربيع وبالسهولة واليسر الكاملين.فالمخلوقات غير المحدودة التي يوجدها ويجددها كل يوم، كل سنة، كل عصر، لتشهد كلها بألسنة غير محدودة على قدرته غير المحدودة.

فهذه الكلمة ايضاً تمنح املاً وبشرى وتقول:

ايها الانسان! ان اعمالك التي اديتها، وعبوديتك التي قمت بها، لا تذهب هباءً منثوراً، فهناك دار جزاء خالدة، ومقام سعادة هانئة قد هئ لك. فأمامك جنة خالدة متلهفة لقدومك، مشتاقة اليك. فثق بوعد خالقك ذي الجلال الذي تخر له ساجداً

عابداً، وآمن به واطمئن اليه، فانه محال أن يخلف وعداً قطعه على نفسه، اذ لا تشوب قدرته شائبة أو نقص، ولا يداخل اعماله عجز أو ضعف، فكما خلق لك حديقتك الصغيرة ويحييها، فهو قادر على ان يخلق لك الجنة الواسعة، بل قد خلقها فعلاً، ووعدك بها. ولأنه وعد فسيفي بوعده حتماً ويأخذك الى تلك الجنة.

وما دمنا نرى أنه يحشر وينشر في كل عام على وجه البسيطة اكثر من ثلاثمئة الف نوع من انواع النباتات وامم الحيوانات وبانتظام كامل وميزان دقيق، وفي سرعة فائقة وسهولة تامة.. فلابد أن هذا القادر الجليل، قادر ايضاً على أن يضع وعده موضع التنفيذ.

وما دام القادر المطلق يوجد في كل سنة آلاف النماذج للحشر والجنة وبمختلف الانماط والاشكال.. وما دام أنه يبشّر بالجنة الموعودة، ويعد بالسعادة الابدية في جميع أوامره السماوية.. وما دامت جميع اجراءاته وشؤونه حقاً وحقيقة وصدقاً وصائبة.. وما دامت جميع آثاره تشهد على أن الكمالات قاطبة انما هي دلالات على أنه منزّه عن كل نقص أو قصور.. وما دام نقض العهد وخلاف الوعد والكذب والمماطلة هو من أقبح الصفات فضلاً عن أنه نقص وقصور..فلابد أن ذلك القدير ذا الجلال، وذلك الحكيم ذا الكمال، وذلك الرحيم ذا الجمال سينفذ وعده حتماً مقضياً، وسيفتح ابواب السعادة الابدية، وسيدخلكم - ايها المؤمنون - الجنة.. موطن ابيكم آدم عليه السلام.(*)

_______________________________

(*) المكتوب العشرون - ص: 295

 

قرئت 14 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد