إلى الشام

 

إلى الشام:

[سافر إلى الشام شتاءً في أواخر سنة 1910م (1329هـ) وهناك ألقى خطبة في الجامع الأموي، ثم طبعت في رسالة سميت (الخطبة الشامية)]

من مقدمة الخطبة الشامية:

هذه الرسالة العربية قد أُلقيتْ درساً في الجامع الأموي بدمشق منذ أربعين عاماً(1)، وذلك بناءً على إصرار العلماء هناك، واستمع إليها ما يقرب من عشرة آلاف شخص، بينهم ما لا يقل عن مائة من كبار علماء الشام.

إن الحقائق الواردة فيها، قد أحسَّها (سعيد القديم) بإحساس مسبق. فزفّها بشائر عظيمة بيقين جازم، ظناً منه أن تلك الحقائق وشيكة التحقق، بيد أن الحربين العُظميين، والإستبداد المطلق الذي استمر ربع قرن من الزمان(2) قد أدّيا إلى تأخر تحقق تلك الحقائق أربعين أوخمسين عاماً.(3)

طبعت هذه الخطبة الشامية مرتين في حينه. وقد شخّص فيها أمراض الأمة الإسلامية المادية منها والمعنوية. وكذلك الأسباب التي ادّت إلى أسارة العالم الإسلامي وتعرضه للمهالك وبيّن فيها طرق العلاج والخلاص.

وبشر المسلمين جميعاً بل الإنسانية قاطبة بأن الإسلام سيظهر على الأرض كافة مبينـاً أن اعظم رقي مادي ومعنوي سيحققه الإسلام، وستنجلى الحضارة الإسلامية بأبهى مظهرها وستطهّر الأرض من اللوثات، كل ذلك مقروناً بدلائل عقلية رصينة...(4)

نموذج من الخطبة:

لقد تعلمت الدروس في مدرسة الحياة الاجتماعية البشرية وعلمتُ في هذا الزمان والمكان أن هناك ستة أمراض، جعلتنا نقـف على أعتاب القرون الوسطى في الوقت الذي طار فيه الأجانب -وخاصة الأوربيين- نحو المستقبل.

وتلك الأمراض هي:

اولاً: حياة اليأس الذي يجد فينا أسبابه وبعثه.

ثانياً: موت الصدق في حياتنا الاجتماعية والسياسية.

ثالثاً: حبّ العداوة.

رابعاً: الجهل بالروابط النورانية التي تربط المؤمنين بعضهم ببعض.

خامساً: سريان الإستبداد، سريان الأمراض المعدية المتنوعة.

سادساً: حصر الهمة في المنفعة الشخصية.

ولمعالجة هذه الأمراض الستة الفتّاكة، أبيّن ما اقتبسته من فيض صيدلية القرآن الحكيم -الذي هو بمثابة كلية الطب في حياتنا الاجتماعية- أبيّنها بست كلمات، إذ لا اعرف اسلوباً للمعالجة سواها.

الكلمة الأولى: الأمل أي: شدة الاعتماد على الرحمة الإلهية والثقة بها.

نعم! انه بناء على ما تعلمته من دروس الحياة، يسرّني ان أزفّ إليكم البشرى يامعشر المسلمين، بأنه قد أَزِفَ بزوغ أمارات الفجر الصادقودنا شروق شمس سعادة عالم الإسلام الدنيوية وبخاصة سعادة العثمانيين، ولاسيما سعادة العرب الذين يتوقّف تقدم العالم الإسلامي ورقيّـه على تيقظهم وانتباههم، فإنني أعلن بقوة وجزم، بحيث اُسمع الدنيا كلها وأنفُ اليأس والقنوط راغم:

ان المستقبل سيكون للإسلام، وللإسلام وحده. وان الحكم لن يكون إلاّ لحقائق القرآن والإيمان. لذا فعلينا الرضى بالقدر الإلهي وبما قسّمه الله لنا؛ إذ لنا مستقبل زاهر، وللأجانب ماضٍ مشوش مختلط.

فهذه دعواي، لي عليها براهين عدة، سأذكر واحداً ونصفاً فقط منها، بعد ان أمهّد لها ببعض المقدمات...(5) [ثم عاد عن طريق بيروت - إزمير إلى استانبول واستمر في مطالبته بإنشاء مدرسة الزهراء].(*)

_____________________________

(1) المقصود عام 1911م

(2) أى منذ انتهاء الخلافة العثمانية سنة 1924م الى سنة 1950م

(3) صيقل الإسلام- الخطبة الشامية/ 481

(4) T. Hayat, ilk hayatı

(5) صيقل الإسلام- الخطبة الشامية / 492

(*) السيرة الذاتية ص 115

قرئت 3 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد