الأنوار ملك القرآن
قطرة نورية من كليات رسائل النورسي
إنني لا أقول هذا الكلام الذي يخص(الكلمات) تواضعاً، بل بياناً للحقيقة، وهي:
ان الحقائق والمزايا الموجودة في (الكلمات) ليست من بنات أفكاري ولا تعود اليّ أبداً وانما للقرآن وحده، فلقد ترشحتْ من زلال القرآن، حتى ان الكلمة العاشرة (رسالة الحشر) ما هي إلاّ قطرات ترشحت من مئات الآيات القرآنية الجليلة. وكذا الأمر في سائر الرسائل بصورة عامة.
فمادمتُ أعلم الأمر هكذا وأنا ماضٍ راحل عن هذه الحياة، وفانٍ زائل، فينبغي ألاّ يُربط بي ما يدوم ويبقى من أثر. ومادام عادة أهل الضلالة والطغيان هي الحط من قيمة المؤلف للتهوين من شأن كتاب لا يفي بغرضهم. فلابد إذن ألاّ ترتبط الرسائل المرتبطة بنجوم سماء القرآن الكريم بسند متهرئ قابل للسقوط، مثلي الذي يمكن أن يكون موضع اعتراضات كثيرة، ونقدٍ كثير.
ومادام عرف الناس دائراً حول البحث عن مزايا الأثر في أطوار مؤلفه وأحواله الذي يحسبونه منبع ذلك الخير ومحوره الأساس. فانه إجحاف اذاً بحق الحقيقة وظلم لها - بناء على هذا العرف - ان تكون تلك الحقائق العالية والجواهر الغالية بضاعة مَن هو مفلس مثلي وملكاً لشخصيتي التي لا تستطيع ان تظهر واحداً من ألف من تلك المزايا.
لهذا كله أقول: ان الرسائل ليست ملكي ولامني بل هي ملك القرآن. لذا أراني مضطراً إلى بيان أنها قد نالت رشحات من مزايا القرآن العظيم. نعم، لا تُبحث ما في عناقيد العنب اللذيذة من خصائص في سيقانها اليابسة؛ فأنا كتلك الساق اليابسة لتلك الأعناب اللذيذة.(1)
ولو بلغ صوتي أرجاء العالم كافة لكنت أقول بكل ما أوتيت من قوة: ان (الكلمات) جميلة رائعة وإنها حقائق وإنها ليست مني وانما هي شعاعات إلتمعت من حقائق القرآن الكريم. فلم اجمّل انا حقائق القرآن، بل لم أتمكن من إظهار جمالها وانما الحقائق الجميلة للقرآن هي التي جمّلت عباراتي ورفعت من شأنها ..(2) (*)
_____________________________________
(1) المكتوبات/476
(2) المكتوبات/477
(*) كليات رسائل النور – سيرة ذاتية ص:232