الاشتراك في الامور الاخروية
باسمه سبحانه
{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ }(المائدة :2)
ايها المستخلف المبارك
يحصل الصناعيون واهل الحرف على الانتاج الوفير وعلى ثروة هائلة نتيجة اتباعهم قاعدة "المشاركة في الصنعة والمهارة". واليك المثال:
قام عشرة من صناعي ابر الخياطة بعملهم، كل على انفراد، فكانت النتيجة ثلاث ابر فقط لكل منهم في اليوم الواحد.. ثم اتفق هؤلاء الاشخاص حسب قاعدة "توحيد المساعي وتوزيع الاعمال" فأتى احدهم بالحديد والاخر بالنار، وقام الثالث بثقب الابرة والاخر ادخالها النار والاخر بدأ يحدها.. وهكذا.فلم يذهب وقت احد سدى، حيث انصرف كل منهم الى عمل معين وانجزه بسرعة، لانه عمل جزئي بسيط اولاً ولاكتسابه الخبرة والمهارة فيه ثانياً. وحينما وزعوا حصيلة جهودهم رأوا ان نصيب كل منهم في يوم واحد ثلاثمائة ابرة بدلاً من ثلاث ابر.. فذهبت هذه الحادثة انشودة يترنم بها اهل الصناعة والحرف، الذين يدعون الى توحيد المساعي وتوزيع الاعمال.
فيا اخوتي! ما دامت تحصل مثل هذه الفوائد العظيمة نتيجة الاتحاد والاتفاق في امور دنيوية وفي مواد كثيفة، فكم يكون يا ترى ثواب اعمال اخروية ونورانية! وكم يكون الثواب المنعكس من اعمال الجماعة كلها بالفضل الإلهي في مرآة كل فرد منها!
تلك الاعمال التي لا تحتاج الى تجزئة ولا انقسام. فلكم ان تقدروا ذلك الربح العظيم..فإن مثل هذا الربـح العظيم لا يُفوّت بالحـسد وعدم الاخلاص..! (*)
______________________
(*) كليات رسائل النور -اللمعة الحادية والعشرون - ص: 249