الالوهية المطلقة
قطرة نورية من كليات رسائل النورسي
إن إنهماك كل طائفة من طوائف البشرية بنوع من انواع العبادة وانشغالهم به انشغالاً كأنه فطري.. وقيام سائر ذوي الحياة بل حتى الجمادات بخدماتها ووظائفها الفطرية التي هي بحكم نوع من انواع العبادة.. وكون كلٍ من النعم والآلاء المادية والمعنوية التي تغمر الكائنات وسيلة عبادة وشكر لمعبودية تمدّهم بسبل العبادة والحمد..واعلان الوحي والالهام ما ترشح وما تجلى معنوياً من الغيب، بمعبودية الاِله الواحد.. كل هذا يثبت بالبداهة تحقق الالوهية الواحدة المطلقة وهيمنتها.
فما دامت حقيقة هذه الالوهية كائنة وموجودة، فلن تقبل إذاً المشاركة معها؛ لأن الذين يقابلون تلك الالوهية (اي المعبودية) بالشكر والعبادة هم ثمرات ذات مشاعر في قمة شجرة الكائنات، لذا فان إمكان وجود آخرين يشدّون انتباه اولئك الشاعرين، ويجذبونهم اليهم، ويجعلونهم ممتنين لهم وشاكرين، محاولين تنسيتهم معبودهم الحق - الذي يمكن أن ينسّى بسرعة لغيابه عن الرؤية ولاحتجابه عن الانظار - مناقض لماهية الالوهية ومناف لمقاصدها القدسية، ولايمكن قبوله إطلاقاً. ومن هنا أفاض القرآن الكريم في رفض الشرك بشدة، وهدد المشركين بعذاب جهنم.(*)
______________
(*) كليات رسائل النور - الشعاع السابع - ص: 193