التواضع والتحدث بالنعمة

باسمه سبحانه

ايها المستخلف المبارك

التواضع والتحدث بالنعمة

قال الله تعالى :{ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } (1)

وقال: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين} (2)

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:[ بينما رجل يمشي في حلُّة تعجبه نفسه مرجِّل جمُّته(3)إذ خَسف الله به فهو يتجلجل(4) إلى يوم القيامة ] (5)

 

التحدث بنعمة الله تعالى من دواعي شكرها ، ومن إقرار المسلم بفضل الله عليه ، والتَّواضُع هوأن يتجنَّب الإنسان المباهاة بما فيه مِن الفضائل، والمفاخرة بالجاه والمال، وأن يتحرَّز مِن الإعجاب والكِبْر وان يرضى الإنسان بمنزلة دون ما يستحقُّه فضله ومنزلته

يقول بديع الزمان النورسي رسائل النور:

(( اعلم!(6) ان التواضع قد ينافي تحديث النعمة.وقد ينجرُّ تحديثُ النعمة الى الكِبر والغرور، فلا بد من الدقة والامعان وترك الافراط والتفريط.

وللاستقامة ميزان وهو: ان لكل نعمة وجهين:

وجهٌ الى المُنعَم عليه فيزيّنه ويميّزه ويتلذذ به، فيفتخر، فيقع في السُكر فينسى المالك، فيتملك، فيظن الكمال بملكه الذاتي، فيتكبر بما لا حقّ له فيه.

ووجهٌ ينظر الى المنعِم فيظهر كرمه، ويُعلن رحمته، وينادي على انعامه، ويشهد على اسمائه.وهكذا مما يتلو من آيات جلواته في انعامه. فالتواضع انما يكون تواضعاً اذا نظر الى الوجه الاول، والا تضمن كفرانا. وتحديث النعمة انما يكون شكراً معنوياً وممدوحاً اذا نظر الى الوجه الثاني، والا تضمن تمدحا وغروراً..

يا يوسف الكشرى(7) اذا تلبست بلباس فاخر غال لاخيك يوسف الكيشي، فقال لك سعيد: ما احسنك! فقل: الحسن للّباس، لا لي، فتصير متواضعاً في التحديث )).(8)

يقول رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم: [ وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله](9)

قال النووي : قوله صلى الله عليه وسلم : " وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله " : فيه وجهان : أحدهما : يرفعه في الدنيا , ويثبت له بتواضعه في القلوب منزلة , ويرفعه الله عند الناس , ويجل مكانه .

والثاني : أن المراد ثوابه في الآخرة , ورفعه فيها بتواضعه في الدنيا .

قال العلماء : وقد يكون المراد الوجهين معا في جميعها في الدنيا والآخرة ، والله أعلم.. (10)

اللهم صلِّ أزكى صلاتك على أعبد مخلوقاتك سيدنا محمد

وعلى آله وسلم عدد معلوماتك ومداد كلماتك

 كلما ذكرك الذاكرون

او غفل عن ذكرك

 الغافلون

______________________________

(1)       الضحى : ( 11)

(2)       القصص: (83)

(3)       مرجل جمته : الترجيل هو تسريح الشعر ودهنه،

      والجمة هي الشعر المتدلي من الرأس إلى المنكبين

(4)       يتجلجل : ينزل في الأرض مضطرباً متدافعاً .

(5)       البخاري ( 5452 ) ومسلم ( 2088 )

(6)       المسألة السابعة من المكتوب الثامن والعشرين توضح هذا البحث.

(7)       الحوار مع بعض طلاب الاستاذ النورسى القدامى

(8)       المثنوي العربي النوري - ص: (375)

(9)       رواه مسلم ( 2588 )

(10)     شرح مسلم  ( 16 / 142(

قرئت 118 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد