انتفاء الحيلة في الدعوة
باسمه سبحانه
أيها المستخلف المبارك
{انْ هوَ إلاّ وَحيٌ يُوحى }.( النجم : 4 )
رشحة من بحر معرفة النبي صلى الله عليه وسلم
اعلم! ان كنت عارفاً بسجية البشر، انه لايتيسر للعاقل ان يدّعي في دعوى فيها مناظرة كذباً يخجل بظهوره، وان يقوله بلا حجاب وبلا مبالاة وبلا تأثر يشير الى حيلته، وبلا تصنّع وتهيّج يُوميان الى كذبه، في انظار خصومه النقادة، ولو كان شخصاً صغيراً، ولو في وظيفة صغيرة، ولو بحيثية حقيرة، ولو في جماعة صغيرة، ولو في مسألة حقيرة.
فكيف يمكن تداخل الحيلة ودخول الخلاف في مدّعيات مثل هذا الشخص الذي هو موظف عظيم، في وظيفة عظيمة، بحيثية عظيمة، مع انه يحتاج لأمنية عظيمة، وفي جماعة عظيمة، وفي مقابلة خصومة عظيمة، وفي مسألة عظيمة، وفي دعوى عظيمة؟ وها هو يقول ما يقول بلا مبالاة بمعترض، وبلا تردّد وبلا حجاب وبلا تخوف وبلا تأثر، وبصفوةٍ صميمية، وبجذبة خالصة، وبطرزٍ يحرِّك اعصاب خصومه بتزييف عقولهم وتحقير نفوسهم وكسر عزّتِهم، باسلوب شديد علوي.
فهل يمكن تداخل الحيلة في مثل هذه الدعوى من مثل هذا الشخص في مثل هذه الحالة المذكورة؟ كلاَّ (انْ هوَ إلاّ وَحيٌ يُوحى) (النجم : 4) .
نعم، ان الحقَّ اغنى من ان يُدلِّس، ونظر الحقيقة اعلى من ان يُدلَّس عليه! ..
نعم، ان مسلكه الحق مستغنٍ عن التدليس، ونظرهُ النفّاذ منزّهٌ من ان يلتبس عليه الخيال بالحقيقة.. (*)
_______________
(*) كليات رسائل النور- المثنوي العربي النوري ص:60