انت قلادة النعم

بسم الله الرحمن الرحيم

{ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } (التين4)

{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً } (البقرة: 30)

{ ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا } (الإسراء 70)

قطرة نورية من كليات رسائل النورسي

انت قلادة النعم

اعلم!انه جئ بك من العدمِ الى الوجود، ثم رقّاك موجِدُك من ادنى اطوارِ الوجود حتى اوصَلكَ بإنعامه الى صورة الانسان المسلم. فما تخلل بينك بين مبدأ حركتك من المنازل الكثيرة المتعددة كلٌ منها نعمةٌ عليك، وفيك ثمرةٌ وصبغةٌ من كلِّ واحدٍ.فصرتَ كقلادةٍ منظّمة، وعنقودٍ نضيدٍ بحبات النِعَم، وسنبلةٍ منضدة من الرأس الى القدم، كأنك فهرستة لطبقات نِعَمه تعالى؛ ولان الوجودَ يقتضي علّةً، والعدم لايقتضي.. كما تقرر في العقول.. تُسأل ويُسألُ عنك في كل منزل في مراتب الوجود من الذرة الى العدم: كيف وصلت الى هذه النعمة؟ وبِمَ استحقيتها وب"هل شكرت؟" ولايَسأل من له مسكةُ عقلٍ عن حَجَر لماذا ماصار شجراً، وعن شجرةٍ لماذا ماصارت انساناً...

فيا أيها السعيد المسكين المغرور! انت نقطةٌ في وسط سلسلةِ الموجودات، فعليك نِعَمٌ بعددِ ماتحتَك الى العدم الصرف، وانت مسؤولٌ عن شُكرها. واما مافوقك فليس لك ولالأحدٍ أن يسأل لماذا ماوصلت الى أعلى مما انت فيه، كما لاحقَّ للذرة ان تقول:(اي واه) لِمَ ماصرتُ شمساً، ولا للنحلةِ ان تقول لصانعها: هلا خلقتَني نخلةً مثمرة؟.. اذ ماتحتك وقوعاتٌ، ومافَوقك عدمات إمكانات شبيهة الممتنعات..(*)

________________________________________

(*) المثنوي العربي النوري - ص: (242)

قرئت 12 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد