اَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ
قطرة نورية من كليات رسائل النورسي
اعلم!ان في {اَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} (1) سر عظيم ومثل عظيم!.. اذ كما انك تحفظ من التفتت والضياع بعض البذور، وتدخرها ثم تزرعها في مزرعتك.. كذلك ان الوارث الباعث الحفيظ الذي يحي الارض بعد موتها، يكتب ثمرات اعمال جميع النباتات فيرثها حافظا لها، ثم يزرعها منثورة بحكمة توزيعٍ وانتظام تقسيم، باطارة بعض البذور الى الاطراف لا مجتمعة خلف اصلها فقط، ثم ينشر اوراقها وازهارها حتى يصير نظير: {وَاِذا الصّحُفُ نُشِرَتْ}(2) فانظر من شدة اهتمامك حتى تقتدر على حفظ بعض البذور، الى كمال حفيظية الحفيظ المطلق في محافظة ما لا يعد من الصنيدقات اللطيفة المتضمنة لفهرستات امهاتها المعينة بمسطر القدر، من مغيّرات ومُفسدات لا تحد في انقلابات لا تعد، مع نهاية التمييز في نهاية
الاختلاط. فهذا الحفظ لا يخليك غاربك على عنقك تفعل ما تشاء ثم تموت وتستريح.. { اَيَحْسَبُ الانسانُ اَنْ يُتْرَكَ سُدىً }(3) كلا ليحاسبنّ على النقير والقطمير..(*)
_______________
(1) الواقعة: 64
(2) التكوير: 10
(3) القيامة: 36
(*) كليات رسائل النور - المثنوي العربي النوري - ص: 357