تأليف الشعاع الأول

 

قطرة نورية من كليات رسائل النورسي
تأليف الشعاع الأول (1)

«في سجن "أسكي شهر" وفي وقت رهيب حيث كنا أحوج ما نكون إلى سلوان قدسي خطر على القلب ما يأتي:

إنك تبين شهوداً من كلام الأولياء السابقين على أحقية رسائل النور وقبولها بينما بمضمون الآية الكريمة ﴿وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾(الأنعام:59). فإن صاحب الكلام في هذه المسألة هو القرآن الكريم. فهل يقبل القرآن الكريم ويرضى بـرسائل النور؟ وكيف ينظر إليها؟

واجهتُ هذا السؤال العجيب، واستمددت من القرآن الكريم، وإذا بي أشعر في ظرف ساعة أن رسائل النور فردٌ داخل ضمنِ كليّةِ المعنى الإشاري الذي يمثل طبقة واحدة من طبقات التفرعات للمعنى الصريح لثلاث وثلاثين آية كريمة، وعرفتُ قرينة قوية على دخولها في ذلك المعنى وتخصيصها، فشاهدتُ قسماً منها بشيء من الوضوح وقسماً آخر مجملاً. فلم تبق في قناعتي أية شبهة وشك ووهم ووسوسة. وأنا بدوري دوّنتُ قناعتي القاطعة تلك وأعطيتها إخوتى الخواص على شرط سرّيّتها بنية الحفاظ على إيمان أهل الإيمان برسائل النور. فنحن لا نقول في تلك الرسالة: إن المعنى الصريح للآية الكريمة هو هذا، حتى يقول العلماء: فيه نظر! ولم نقل فيها: إن كلية المعنى الإشاري هي هذه. بل نقول: إن تحت المعنى الصريح للآية الكريمة طبقات متعددة من المعاني، إحدى هذه الطبقات هي المعنى الإشاري والرمزي. فهذا المعنى الإشاري أيضاً هو كليّ له جزئيات في كل عصر. فـرسائل النور فردٌ في هذا العصر من أفراد كلية طبقة المعنى الإشاري ذاك. وقد جرى بين العلماءمنذ القدم دستور حساب الجُمّل والجفر -حساب الأبجدية- لإيجاد القرائن والحجج، فهذا الطرز من الحساب لا يخدش الآية الكريمة ولا يجرح معناها الصريح، بل قد يكون وسيلة لبيان إعجاز القرآن وعظمة بلاغته. فلا اعتراض على هذه الإشارات الغيبية، إذ الذي لا يستطيع إنكار ما لا يعد ولا يحصى من استخراجات أهل الحقيقة من الإشارات القرآنية التي لا تحصى، لا ينبغي له أن ينكر هذا بل لا يمكنه ذلك».(2)(*)

______________________________

(1) تأليفاته الأخرى في سجن "أسكي شهر":

     1-اللمعة السابعة والعشرون (دفاعه أمام محكمة أسكي شهر).

     2-اللمعة الثامنة والعشرون (رسائل مسليةإلى إخوانه في السجن).

     3-اللمعة التاسعة والعشرون (رسالة التفكر الإيماني الرفيع والمعرفة التوحيدية السامية كتبها باللغة العربية).

     4-اللمعة الثلاثون (في شرح الاسم الأعظم: الفرد، الحي، القيوم، الحكم، العدل، القدوس).

     5- الشعاع الثاني (حول التوحيد ومعاني قل هو اللّٰه أحد).

(2) الملاحق، ملحق قسطموني/179.

(*) كليات رسائل النور- السيرة الذاتية ص:301

قرئت 8 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد