خلاصة فترة بقاءه في استنبول قبل عهد الحرية

 

خلاصة فترة بقاءه في استنبول قبل عهد الحرية :

كان سعيد الشاب يتضايق فطرةً من ان يحدد شئ حركته ويقيد أسلوب حياته، ويرغب في ان يبقى حراً طليقاً في أطوار حياته وأسلوب معيشته بعيداً عن ضغوط الأوامر وأغلال القوانيـن. فكان يردد دائماً: إنني لا احدد حريتي بأي قانون اعتباطي.

وقد شوهد منه هذا التوق إلى الحرية في صفحات حياته كلها، فلم يرضخ لقوانين الضلالة الرهيبة والزندقة الواردة من أوروبا. ورفض أي انقياد كان للإستبداد الرهيب الناشئ من الفلسفة الطبيعية وسعى لبيان حقيقة الإسلام المتضمنة للحرية الشرعية الحقة والحضارة المثلى.

وكان الطابع العام لحياة بديع الزمان في استانبول طابعاً سياسياً إلى حد ما، إذ كان يحمل فكرة خدمة الدين عن طريق السياسة، فدفعه عشقه لخدمة الدين إلى هذا الطريق. فناصـر الدعوة إلى الحرية وعارض بشدة جمعية الإتحاد والترقي عندما شاهد من ظلمهم، بل ما كان يتردد ان يصدع في وجوههم قائلاً: لقد اعتديتم على الدين وتعرضتم لغيرة الله وأدرتم ظهوركم للشريعة.. احذروا فان العاقبة وخيمة!.

وبعد إعلان الدستور ناصر جمعية (الإتحاد المحمدي) التي بدأت تتوسع بسرعة في زمن قصير حتى انضم إليها خمسون الفاً من الأعضاء في كل من (ادا بازارى) وازميت بعد نشـر مقالة بديع الزمان.. وفي هذه الفترة تعاقبت مقالاته في الصحف الدينية(1) وخطبه التي كان يلقيها للحيلولة دون تفسير الحرية تفسيراً خاطئاً وتغييـر مجراها الحقيقي. ولإعلام الناس ان الرضى بالمشروطية يكون مشروطاً بالشرع.. فاستفاد الناس والسياسيون والعلماء من تلك المقالات والخطب أيما استفادة.

وكان يبشر الناس دوماً ببزوغ الفجر الصادق لسعادة آسيا الدنيوية، وذلك بانتباه الروح الملية بشرط الامتثـال بالأوامر الشرعية، لئلا تفلت تلك اليقظة الملية. وكان يحذّر قائلاً : (إن لم نقبل المشروطية المشروعة والحرية والشرعية ولم يطبقا على الوجه المطلوب فسوف نضيعهما وستحل إدارة مستبدة محلهما).(2) (*)

________________________

 

(1) نقلنا مقالة منها فقط فليراجع من أراد التوسع مجموعة صيقل الإسلام.

(2) T. Hayat, ilk hayatı

(*) السيرة الذاتية ص110

قرئت 2 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد