ذكرى وعبرة

 

قطرة نورية من كليات رسائل النورسي

في هذه الأوقات التي نجد فيها الضيق والعنت، تزعجني نفسي الجزعة الفارغة من الصبر، فاسكتتها هذه الفقرة، والزمتها الحجة، ودفعتها إلى الشكر لله.

أقدم هذه الفقرة الموضوعة فوق رأسي طي رسالتي هذه لعلها تفيدكم أيضاً.

1- يا نفسي! لقد أخذت نصيبك من الأذواق -في غضون ثلاث وسبعين سنة- اكثر مما أخذها تسعون بالمائة من الناس. فلم يبق لكِ بغية فيها.

2- انتِ ترومين دوام الأذواق وبقاءها وهي فانية آنية، لذا تبكين عشر ساعات عن ضحك دام دقيقة واحدة.

3- ان المظالم التي أتت عليك، والمصائب التي نزلت بك، تنطوي على عدالة القدر. فيظلمونك لما لم ترتكبيه، بينما القدر يؤدبك بيد تلك المصيبة -بناء على أخطاء خفية- ويكفّر عن خطاياك.

4- يا نفسي الجزعة! لقد اقتنعت قناعة تامة -بمئات من تجاربك- ان المصائب الظاهرية ونتائجها تنشق عن ثمرات عناية إلهية في منتهى اللذة. فالآية الكريمة: ﴿وعسى ان تكرهوا شيئاً وهو خير لكم﴾(البقرة:216) تلقن درس حقيقة يقينية. تذكّري دائماً هذا الدرس

القرآني. ثم ان الناموس الإلهي الذي يدير عجلة الكون، ذلك القانون القدري الواسع العظيم لا يبدّل لأجلك.

5- اتخذي هذا الدستور السامي دليلاً: (من آمن بالقدر أمِنَ من الكدر). ولا تلهثي وراء لذائذ موقتة تافهة كالطفل الغرير. فكري دوماً ان الأذواق الفانية تورث فيك حسرات وآلاماً معنوية، بينما الآلام والمشقات تورث لذائذ معنوية وأثوبة أخروية. فان لم تكوني بلهاء يمكنك ان تتحري عن الأذواق الموقتة للشكر وحده، وما اُعطيت اللذات الاّ للشكر. (*)

_______________________

(*) الملاحق - أميرداغ 1/290

قرئت 4 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد