سنصمد تجاه الويلات
رسائل من سجن دنيزلي
سنصمد تجاه الويلات
«إخوتي!
لقد أصبح ضرورياً بيان مسألة أُخطرت صباح هذا اليوم إزاء كل احتمال:
كثيراً ما تحرت نفسي وشيطاني منذ عشرين عاماً الحقائق التي استنبطناها من القرآن، والتي هي أشبه بالشمس أو النهار لا تقبل أي شك أو ريب أو تردُّد قائلَين: "ما رأي الفلاسفة المتزندقة تجاه هذا وما مستندهم؟"
ولما لم تجد نفسي وشيطاني ثلمة أو نقصاً، سكتا. وأعتقد أن الحقيقة التي أسكتت نفسي وشيطاني الحساسين جداً والعاملين معاً، قادرة على حمل أشد الناس تمرداً على الصمت والسكوت أيضاً.
وما دمنا نعمل من أجل حقيقة هي من أهمّ الحقائق وأجلّها، وأشدها ثبوتاً ورسوخاً؛ ولا يمكن تقييمها أو تقديرها بأي قيمة مادية مهما كانت، ويهون بذل النفس والروح والصديق والحبيب، بل الدنيا بأسرها في سبيل تحققها، فلا بد إذن من أن نصمد بكمال المتانة والصبر تجاه جميع الويلات والمحن التي قد تنـزل بنا، وأن نواجه بصدر رحب جميع مضايقات الأعداء. إذ من المحتمل جداً أن يُحرَّكَ ضدنا مشايخ أو علماء متظاهرون بالتقوى، مخدوعون بأنفسهم أو بتحريض غيرهم لهم.. وتجاه موقف كهذا، لا بد لنا من المحافظة على وحدتنا وتساندنا، وعدم تضييع الوقت معهم في الجدل والنقاش الفارغ».(1)(*)
_________________________
(1) الشعاعات، الشعاع الثالث عشر.
(*) كليات رسائل النور- سيرة ذاتية ص:354