فلينطق كل ما حولك
باسمه سبحانه
﴿إنّا سخّرنا الجبالَ معه يسبّحنَ بالعشيّ والإشراق﴾ (ص:18).
﴿يا جبالُ أوّبي مَعَه والطيرَ وألنّا له الحديد﴾ (سبأ:10).
﴿عُلِّمنا منطقَ الطير..﴾(النمل:16).
ايها المستخلف المبارك
هذه الآيات الكريمة التي تذكر معجزات سيدنا داود عليه السلام تدل على أن الله سبحانه قد منح تسبيحاته واذكاره من القوة العظيمة والصوت الرخيم والأداء الجميل ما جعل الجبال في وجدٍ وشوق، وكأنها حاكٍ عظيم تردد تسبيحاتٍ واذكاراً. أو كأنها انسان ضخم يسبّح في حلقة ذكر حول رئيس الحلقة.
اتُراك هذه حقيقة؟ وهل يمكن ان يحدث هذا فعلاً؟!
نعم!
انها لحقيقة قاطعة، أليس كل جبل ذي كهوف يمكن ان يتكلم مع كل انسان بلسانه، ويردد كالببغاء ما يذكره؟ فان قلت (الحمد لله) أمام جبل،فهو يقول ايضاً: (الحمد لله) وذلك برجع الصدى.. فما دام الله سبحانه وتعالى قد وهب هذه القابلية للجبال، فيمكن اذاً أن تنكشف هذه القابلية وتنبسط اكثر من هذا.
وحيث ان الله سبحانه قد خص سيدنا داود عليه السلام بخلافة الأرض فضلاً عن رسالته، فقد كشف بذرة تلك القابلية لديه ونماها وبسطها بسطاً معجزاً عنده، بما يلائم شؤون الرسالة الواسعة والحاكمية العظيمة، حتى غدت الجبال الشم الرواسي منقادة اليه كأي جندي مطيع لأمره، وكأي صانع أمين لديه، وكأي مريد خاشع لذكره.
فأصبحت تلك الجبال تسبح بحمد الخالق العظيم جلّ جلاله بلسانه عليه السلام وبأمره. فما كان سيدنا داود يذكر ويسبّح إلاّ والجبال تردد ما يذكره.
نعم، ان القائد في الجيش يستطيع ان يجعل جنوده المنتشرين على الجبال يرددون: (الله اكبر) بما لديه من وسائل الاتصال والمخابرات، حتى كأن تلك الجبال هي التي تتكلم وتهلل وتكبر! فلئن كان قائداً من الانس يستطيع أن يستنطق (مجازياً) الجبال بلسان ساكنيها، فكيف بقائد مهيب لله سبحانه وتعالى؟ الا يستطيع أن يجعل تلك الجبال تنطق نطقاً (حقيقياً) وتسبح تسبيحاً حقيقياً؟.(*)
______________
(*) كليات رسائل النور – الكلمات ص :286