لا احسن الظن بنفسي

 

قطرة نورية من كليات رسائل النورسي

اخوتي الأوفياء الصادقين!

يقال: لِمَ لا تقبل مقاماً ومزايا لشخصك بالذات الذي هو موضع حسن ظن مفرط لطلاب النور وقناعتهم التامة بحق شخصك، علماً ان قبولك ذلك المقام يكون مثار شوقهم للعمل في خدمة الإيمان. بل نجدك تصرف تلك المزايا عن شخصك إلى رسائل النور وحدها، وتظهر نفسك خادماً كثير الذنوب؟!

الجواب: حمداً لله وشكراً له لا منتهى لهما. فان لرسائل النور مرتكزات قوية لا تتزعزع، وحججاً نافذة ساطعة لا تخبو بحيث تستغني عما يظن في شخصي من مزايا وقابليات. فهي ليست كالمؤلمفات والآثار الأخرى تبني أهميتها على قابلية مؤلفها، وتستمد قوتها وحسنها منه، بل هي تستند على حججها القاطعة منذ عشرين سنة، حتى أرغمت أعدائي الماديين والمعنويين إلى الاستسلام، والأمر واضح أمام الجميع. فلو كانت شخصيتي نقطة استناد مهم لها، فان أعدائي الملحدين ومعارضي الظلمة كان يمكنهم ان ينزلوا ضربتهم القوية برسائل النور وذلك بالنيل من شخصي المقصّر المذنب. بينما أولئك الأعداء لطيشهم وبلاهتهم يدبرون ما وسعهم من الدسائس والوسائل للحط من قيمتي والنيل من شخصيتي، وإذ هم يسعون ليحولوا دون توجه الناس نحوي وإقبالهم عليّ، لا يستطيعون ان يحولوا دون فتوحات رسائل النورالإيمانية ولا التهوين من شأنها، بل يعجزون عن ان يجعلوا محبين جدداً يتخلون عن خدمة الإيمان، رغم ما كدّروا من صفاء أذهانهم وقلوبهم.

فلأجل هذه الحقيقة، ولأجل طغيان الأنانية وهيمنتها الواسعة في هذا الزمان، ارفض حسن الظن المفرط بشخصي الذي يفوق كثيراً حدّي وطوقي، لأني كاخوتي، لا أحسن الظن بنفسي، فضلاً عن ان المقام الأخروي الذي منحه اخوتي أخاهم هذا الفقير ان كان مقاماً دينياً حقيقياً، وان كنت اعلم ان نفسي أهلاً له -حاش لله- فهذا دليل على عدمه، ولو كنت أرى نفسي فارغاً عن ذلك المقام يلزم اذاً عدم قبول هداياهم ومنحهم كذلك، وذلك -حسب القاعدة المذكورة في المكتوب الثاني- فضلاً عن ان الذي يرى نفسه صاحب مقام فالأنانية ربما تتداخل في الأمر. (*)

 

_________________

(*) كليات رسائل النور- الملاحق - أميرداغ 1/307

 

قرئت 4 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد