مساندة جمعية الإتحاد المحمدي

 

مساندة جمعية الإتحاد المحمدي:

طرق سمعي ان جمعية باسم (الإتحاد المحمدي) قد تأسست(1)، فتوجست خيفة شديدة من صدور حركات خاطئة من بعضهم تحت هذا الإسم المبارك.

ثم سمعت اشخاصاً مرموقين -من أمثال سهيل باشا والشيخ صادق- قد حوّلوا هذا الاسم إلى شئ بسيط ويسير إذ حصروه في العبادة واتباع سنن مطهرة، فقطعوا علاقتهم بتلك الجمعية السياسية. فلا يتدخلون بعدُ بالسياسة. فخشـيت مرة أخرى حيث قلت: إن هذا الاسم هو حقّ المسلمين كافة، فلا يقبل تخصصاً ولا تحديداً. فكما أني منتسـب إلى جمعيات دينية عديدة من جهة-حيث قد رأيت أن أهدافها واحدة- كذلك أنتسب إلى ذلك الاسم المبارك.

ولكن الإتحاد المحمدي الذي اعرفه وانضممت إليه هو الدائرة المرتبطة بسلسلة نورانية ممتدة من الشرق إلى الغرب ومن الجنوب إلى الشمال. فالذين ينضوون تحت رايته يتجاوز عددهم عن ثلاثمائة مليون في هذا العصر، وان جهة الوحدة والارتباط في هذا الإتحاد هو توحيد الله. قَسَمه وعهده هو الإيمان. والمنتسبون إليه جميع المؤمنين منذ الخليقة. وسجل أسماء أعضائه هو اللوح المحفوظ. وناشر أفكاره: جميع الكتب الإسلامية والصحف اليومية التي تستهدف إعلاء كلمة الله. ومحالّ اجتماعاته ونواديه هي الجوامع والمساجد والتكايا والمدارس الدينية. ومركزه: الحرمان الشريفان.ِ

فجمعية مثل هذه.. رئيسها هو فخر العالمين سيدنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم . ومسلكها ومنهجها: مجاهدة كل شخص نفسه أي التخلق بأخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وإحياء السنة النبوية ومحبة الآخرين وإسداء النصح لهم ما لم ينشأ منه ضرر.

والنظام الداخلي لهذا الإتحاد: السنة النبوية.

وقانونه: الأوامر الشرعية ونواهيها.

وسيوفه: البراهين القاطعة، حيث أن الظهور على المدنيين المثقفين إنما هو بالإقناع وليس بالضغط و الإجبار. وان تحرّي الحقيقة لا يكون الاّ بالمحبة، بينما الخصومة تكون ازاء الوحشية والتعصب.

أما أهدافهم ومقاصدهم فهي إعلاء كلمة الله .

هذا وان نسبة الأخلاق والعبادة وأمور الآخرة والفضيلة في الشريعة هي تسع وتسعون بالمائة بينما نسبة السياسة لا تتجاوز الواحدة بالمائة. فليفكر فيها أولياء أمورنا.

والآن فان مقصدنا هو سوق الجميع بشوق وجداني إلى كعبة الكمالات بطريق الرقي، وذلك بتحريك تلك السلسلة النورانية، إذ إن الرقي المادي سبب عظيم لإعلاء كلمة الله في هذا الزمان. وهكذا فأنا أحد أفراد هذا الإتحاد ومن الساعين لرفع رايته وإظهار اسمه والاّ فلست من الأحزاب والجمعيات التي تسبب الفرقة بين الناس.(2)

وفي الأيام الأولى من التحقيق سألوني مثلما سألوا غيري:

وقالوا كذلك: هل انضممت إلى (الإتحاد المحمدي)؟

قلت: نعم بكل فخر واعتزاز! أنا من اصغر أعضائه، ولكن بالوجه الذي اعرّفه. أروني احداً خارج ذلك الإتحاد من غير الملحدين. وهكذا فأنا انشر اليوم ذلك الخطاب لأنقذ المشروطية من التلوث، وانجي أهل الشريعة من اليأس، واخلّص أبناء العصر من وصم الجهل والجنون بهم في نظر التأريخ، وانتشل الحقيقة من الأوهام والشبهات.(3)

نعم إنني دعوت ظاهراً إلى هذا الإتحاد المحمدي من اجل مقصدين عظيمين:

المقصد الأول: إنقاذ ذلك الاسم من التحديد والتخصيص، ولأعلن شموله المؤمنين عامة كي لا يقع الخلاف والفرقة ولا ترد الشبهات والأوهام.

المقصد الثاني: ليكون سداً أمام افتراق الفرق والأحزاب الذي كان سبباً في هذه المصيبة الفائتة العظيمة، وذلك بمحاولة التوحيد بينها، فيا اسفي لم يسعفنا الزمن فجاء السيل فأوقعني ايضاً.

ثم كنت أقول: لو نشب حريق فسأحاول إطفاء جزء منه في الأقل، ولكن احترقت حتى ملابسي العلمية. وذهبتْ - برضى مني - الشهرة

الكاذبة التي لا أستطيع تعهدها.(4) (*)

___________________

(1) تأسست في 5 نيسان 1909م وأعلن عنها في إجتماع حاشد في جامع اياصوفيا وألقى الأستاذ النورسي هناك خطبة رائعة.

(2) صيقل الإسلام - المحكمة العسكرية / 445

(3) صيقل الإسلام - المحكمة العسكرية / 440

(4) صيقل الإسلام - المحكمة العسكرية / 447

(*) السيرة الذاتية ص95

قرئت 41 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد