منابع السنة الشريفة
باسمه سبحانه
أيها المستخلف المبارك
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }.(الحشر: 7)
إن لسنة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ثلاثة منابع،
هي: أقواله، وأفعاله، وأحواله.
وهذه الأقسام الثلاثة هي كذلك ثلاثة أقسام:
الفرائض، النوافل، عاداته صلى الله عليه وسلم.
ففي قسم الفرائض والواجب، لامناص من الاتباع، والمؤمن مجبر على هذا الاتباع بحكم إيمانه. والجميع بلا استثناء مكلفون بأداء الفرض والواجب، ويترتب على إهماله أو تركه عذاب وعقاب.
وفي قسم النوافل، فأهل الإيمان هم مكلفون به أيضا حسب الأمر الاستحبابي، ولكن ليس في ترك النوافل عذاب ولاعقاب. غير أن القيام بها واتباعها فيه أجر عظيم. وتغيير النوافل وتبديلها بدعة وضلالة وخطأ كبير.
وأما عاداته صلى الله عليه وسلم وحركاته وسكناته السامية فمن الأفضل والمستحسن جداً تقليدها واتباعها حكمة ومصلحة سواء في الحياة الشخصية أو النوعية أو الاجتماعية، لأن هناك في كل حركة من حركاته الاعتيادية منافع حياتية كثيرة جدا فضلا عن أنها بالمتابعة تصير تلك الآداب والعادات بحكم العبادة.
نعم، مادام - عليه الصلاة والسلام - متصف بأسمى مراتب محاسن الاخلاق، باتفاق الأولياء والاعداء.وأنه صلى الله عليه وسلم هو المصطفى المختار من بين بني البشر، وهو أشهر شخصية فيهم باتفاق الجميع.. وما دام هو أكمل إنسان، بل أكمل قدوة ومرشد
بدلالة آلاف المعجزات، وبشهادة العالم الإسلامي الذي كونه، وبكمالاته الشخصية بتصديق حقائق ما بلغه من القرآن الحكيم.. وما دام ملايين من أهل الكمال قد سموا في مراتب الكمالات، وترقوا فيها بثمرات اتباعه فوصلوا إلى سعادة الدارين... فلابد أن سنة هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وحركاته هي أفضل نموذج للإقتداء وأكمل مرشد للاتباع والسلوك وأحكم دستور، وأعظم قانون، يتخذه المسلم أساسا في تنظيم حياته.
فالسعيد المحظوظ هو من له أوفر نصيب من هذا الاتباع للسنة الشريفة.
ومن لم يتبع السنة فهو في خسران مبين إن كان متكاسلا عنها.. وفي جناية كبرى إن كان غير مكترث بها.. وفي ضلالة عظيمة إن كان منتقداً لها بما يومئ التكذيب بها.(*)
______________________
(*) كليات رسائل النور – اللمعة الحادية عشر ..ص:94