دعاءٌ فعلي و دعاء قولي
باسمه سبحانه
{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }(غافر:60)
ايها المستخلف المبارك
دعاؤنا نوعان:
احدهم:دعاءٌ فعلي وحالي.
وثانيهم:دعاء قلبي وقولي.
فمثل:الأخذُ بالأسباب هو دعاء فعلي، علماً أن اجتماع الأسباب ليس المرادُ منه ايجاد المسَّبب. وانما هو لإتخاذ وضعٍ ملائمٍ ومُرضٍ لله سبحانه لِطَلَب المسَّبب منه بلسان الحال. حتى إن الحراثةَ بمنزلةِ طَرْقِ بابِ خزينةِ الرحمةِ الإلهية. ونظراً لكون هذا النوع من الدعاء الفعلي موجّهٌ نحو اسم "الجواد" المطلق والى عنوانه فهو مقبولٌ لا يُردُّ في أكثر الأحيان.
أما القسم الثاني: فهو الدعاءُ باللسان والقلب. أي طلبُ الحصولِ على المطالب غير القابلة للتحقيق والحاجات التي لا تصلُ اليها اليدُ. فأهمُّ جهةٍ لهذا الدعاء وألطفُ غاياته وألذُّ ثمراته هو أن الداعي يدرك ان هناك مَن يسمع خواطر قلبه، وتصل يدُه الى كل شئ، ومَن هو القادرُ على تلبية جميع رغباته وآمالِه، ومَن يرحم عجزه ويُواسي فقرَه.
فيا أيها الانسان العاجز الفقير! اياك ان تتخلّى عن مفتاح خزينةِ رحمة واسعة ومصدر قوة متينة، ألا وهو الدعاءُ. فتشبَّث به لترتقيَ الى اعلى عليي الانسانية، واجعل دعاءَ الكائنات جزءاً من دعائك. ومن نفسك عبداً كلياً ووكيلاً عاماً بقولك {إياكَ نَسْتَعينُ} وكن أحسنَ تقويمٍ لهذا الكون (*)
____________________________
(*) كليات رسائل النور- الكلمة الثالثة والعشرون - ص: 358