سبب المحاكمة
سبب المحاكمة
«إن الحصول على رسالة كُتب أصلها قبل خمس وعشرين سنة "أي الشعاع الخامس" في مكان بعيد، والتي لم أحصل عليها إلاّ مرة أو مرتين خلال ثماني سنوات، وضُيّعت في الوقت نفسه دفع أشباه العلماءإلى تقلّد طور المنافس، فبثوا الأوهام والشكوك في صفوف دوائر العدل.
وفي الوقت نفسه فقد انعكس خبر طبع رسالة "الآية الكبرى" بالحروف الجديدة -مع عدم موافقتي- بدلاً من رسالة "مفتاح الإيمان"(1) التي كنت أرغب في طبعها، ووصول نسخٍ منها إلى هنا، انعكس -هذا الخبر- على الدوائر الحكومية، فالتبست عليهم إحدى المسألتين بالأخرى. فكأن "الشعاع الخامس" قد طبع، خلافاً للقوانين المدنية، مما استهول ذلك أرباب الأغراض الشخصية واستعظموه جاعلين من الحبة مائة قبة. حتى زجّونا ظلماً وعدواناً في هذا المعتكف (السجن).
إننا نقول إزاء شكوك أهل الدنيا وأوهامهم: إن "الشعاع السابع" (رسالة الآية الكبرى) من أوله إلى آخره بحث في الإيمان، فلقد التبس عليكم الأمر وانخدعتم. وإن الشعاع الخامس يختلف عنه كلياً وهو رسالة خاصة وسرّيّة للغاية حتى لم يعثَر عليها عندنا رغم التحريات الدقيقة. وإن اصل هذه الرسالة قد كتب قبل عشرين سنة فنحن لا نرضى بطبعها وحدها بل ولا بإراءتها أيضاً إلى أي أحد كان في الوقت الحاضر. فهي رسالة تخبر عن أحداث مستقبلية، وقد صدّقها الواقع هناك، وهي لا تتحدى أحداً».(2)(*)
____________
(1) كتيب يضم مستلات من كليات رسائل النور..
(2) الشعاعات/351 وقد سُفّر بديع الزمانإلى أنقرة بإحدى سيارات النقل العمومية في أواخر شهر رمضان وفي يوم شديد الحر، ولكنه وهو في الطريق لا ينسى أن يؤدي واجب التبليغ والإرشاد إذ يلتفتإلى حارسه قائلاً له: "هل يمكن الإيعازإلى السيد السائق بأن يوقف السيارة؟ فلا إكراه في الدين ولكن عندي بعض النصائح أريد أن أسديها للركاب". فوقّف السائق السيارة، والتفت بديع الزمانإلى الركاب مخاطباً: إن هذه الليلة ليلة القدر على أغلب الاحتمال، وإن ثواب قراءة القرآن الكريم في الأيام الاعتيادية هو عشر حسنات لكل حرف من القرآن وفي أيام رمضان ألف حسنة، أما في ليلة القدر فهو ثلاثون ألف حسنة، فلو عرض أحدهم عليكم خمس ليرات ذهبية لقاء عمل ما، أما ترغبون في الحصول عليها؟! أجاب الركاب: "نعم.. نرغب في ذلك.." فقال لهم: "إذن فليقرأ كل مسلم منكم الآن سورة الفاتحة ثلاث مرات، وسورة الإخلاص مرة واحدة وآية الكرسي مرة واحدة، فإنها ستكون لكم ذخراً في حياتكم الأبدية". وفي الطريق عندما كان يحين وقت الإفطار تقف السيارة، حيث يفطر الأستاذ بديع الزمان مع الركاب، ويصلي معهم صلاة المغرب.
وفي أنقرة طلبه الوالي "نوزاد طان دوغان" حيث جرت بينهما مشادة حول زيّه، إذ حاول الوالي تبديل زيّه قسراً، فيرد عليه الأستاذ بديع الزمان من أنه شخص منـزو، وأن قانون الأزياء لا يشمله، وأن هذه العمامة لا تُرفع إلاّ مع هذا الرأس مشيراًإلى عنقه!.
ومن تجليات القدر الداعية للتأمل أن هذا الوالي الفظ الذي تلفظ بكلمات جارحة مهينة ضد الأستاذ قد انتحر في (9/7/1946) بإطلاق رصاصة على صدغه" (ش) 340 ويذكر الأستاذ نفسه هذه الحادثة بقوله: "أراد والي أنقرة السيد نوزاد أن يتعرض لزيّي إلا أنه لم يوفق في مسعاه وبانتحاره نال عقابه بيده" (ب)2 ص985 عن ملف دنيزلي مخطوط.
(*) كليات رسائل النور- سيرة ذاتية ص:324