اقل المشاق في سبيل اعظم عمل مقدس
قطرة نورية من كليات رسائل النورسي
باسمه سبحانه
مع تهنئتي لكم بعيدكم السعيد مرة اخرى، اقول: لاتتأسفوا على عدم اللقاء فيما بيننا لقاءً ظاهرياً، فنحن في الحقيقة معاً دائماً. وستدوم هذه المعية في طريق الابد باذن الله. وانني على قناعة من ان الاثوبة الابدية التى تكسبونها في عملكم في سبيل الايمان والفضائل والمزايا الروحية والمباهج القلبية التي تحصلون عليها تزيل الغموم والضجر التي تنتابكم موقتاً في الوقت الحاضر.
نعم، انه لم يحصل لحد الان نظير طلاب النور بمعاناتهم اقل مشاق في سبيل اعظم عمل مقدس.نعم ان الجنة غالية ليست رخيصة، وان انقاذ الايمان من قبضة
الكفر المطلق الذي يمحي الحياتين معاً له اهميته البالغة في هذا الوقت، وحتى لو وقع شئ من المشاق، فينبغي ان يجابه بالشوق والشكر والصبر، اذ لما كان خالقنا الذي يستخدمنا في هذه الخدمة ويدفعنا اليها، رحيم وحكيم. فعلينا اذن ان نستقبل كل مصيبة تنزل بنا بالرضى والسرور والالتجاء الى رحمته تعالى والاطمئنان الى حكمته.
ان احد اخواننا الابطال قد تحمل المسؤولية الكاملة المترتبة عل طبع رسالة " الآية الكبرى". انه اظهر حقاً انه اهل للفضيلة والشرف الاخروي الرفيع، باستنساخه للحزب القرآني(1) والحزب النوري(2)، لقد ابكتني حالته بكاءً ممزوجاً بسرور عميق.
فلقد جلب الشعاع السابع "الآية الكبرى" الانظار اليها، اذ المصادرة الحالية الموقتة تنطوي على حكمة تهيئة مجالات وفتوحات لائقة بها في المستقبل. فنحن نأمل من رحمته تعالى الاّ يضيع خدمات ومصاريف اخينا المذكور ورفقائه بل يجعلها ساطعة منورة. ان الذي يدخلكم جميعاً ضمن ادعيته الواردة بصيغة المتكلم مع الغير، امثال: اجرنا وارحمنا واحفظنا، دون استثناء احد منكم، ويسعى على وفق دستورنا "الاشتراك المعنوى" الذى هو بمثابة اجساد كثيرة وروح واحدة، ويتألم اكثر من آلامكم ومقاساتكم، وينتظر الهمة والعون والثبات والمتانة والشفاعة من شخصكم المعنوي هو(*):
اخوكم
سعيد النورسي
__________________
(1) الحزب القرآني: عبارة عن مجموعة آيات مختارة من سور القرآن الكريم والتي تعمق الإيمان وتخص التفكر الإيماني في الكون.
(2) الحزب النوري: عبارة عن خلاصة تأملات فكرية، كتبها الأستاذ النورسي باللغة العربية.
(*) كليات رسائل النور - الشعاع الثالث عشر - ص: 352