طَلْحَة بن عُبَيْد اللّه رضي الله عنه
بسم الله الرحمن الرحيم
هو طلحة بن عبيد الله ابن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ، القرشي التيمي المكي ،
يجتمع نسبه مع نسب النبي صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي.
وأمه هي أخت الصحابي العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه، وكانت تلقب باسم الصعبة بنت الحضرمي من بني الصدف.
كنيته: أبو مُحمَّد
لقبه: بطلحة الخير، وطلحة الفياض
مولده ونشأته:
وُلِد طلحة في مكة قبل الهجرة بثمانية وعشرين عامًا (28 ق.هـ/594 م)
ونشأ وكبر في قبيلة قريش،و كان تاجراً، يسافر إلى الشام لكي يجمع البضاعة ويرجع بها إلى مكة حتى يتاجر بها كما كان يفعل رجال قبيلة قريش.
كان طلحة بن عبيد الله من السابقين الأولين، وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، حيث كان من الذين أسلموا على يد أبي بكر الصديق، ولمّا أَسلم آخى النبي بَيْنَه وبين الزبير بن العوام، ولم يهاجر طلحة إلى الحبشة لأنه كان من أكابر قريش، فلم يكن يناله من العذاب ما ينال ضعفاء المسلمين، فلم يحتج للهجرة إلى الحبشة.
ولمّا هاجر طلحة بن عُبيد الله إلى المدينة نزل على أسعد بن زرارة، وآخى النبي بينه وبين أبي أيوب الأنصاري،
وعن موسى بن طلحة قال: «كان أبي أبيض يضرب إلى الحمرة، مربوعًا، إلى القصر هو أقرب، رحب الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم القدمين، إذا التفت التفت جميعًا».
قال ابن منده: «كان رجلا آدم، كثير الشعر، ليس بالجعد القطط ولا بالسبط، حسن الوجه، إذا مشى أسرع، ولا يغير شعره.»،
فضائله ومناقبه :
طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده، وكان ممن سبق إلى الإسلام وأوذي في الله ، ثم هاجر، فاتفق أنه غاب عن وقعة بدر في تجارة له بالشام وتألم لغيبته، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره .
عن عقبة بن علقمة اليشكري ، سمعت عليا يوم الجمل يقول: سمعت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " طلحة والزبير جاراي في الجنة " .
وعن جابر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على رجليه، فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: " أوجب طلحة " .
وقال ابن أبي خالد عن قيس قال: رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد شلاء .
وعن جابر قال: لما كان يوم أحد ، وولى الناس ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية في اثني عشر رجلا ، منهم طلحة ، فأدركهم المشركون ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من للقوم ؟ قال طلحة: أنا ، قال: كما أنت . فقال رجل: أنا. قال: أنت ، فقاتل حتى قتل، ثم التفت فإذا المشركون، فقال: من لهم ؟ قال طلحة: أنا. قال: كما أنت، فقال رجل من الأنصار: أنا، قال: أنت. فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى بقي مع نبي الله طلحة، فقال: من للقوم ؟ قال طلحة: أنا ، فقاتل طلحة، قتال الأحد عشر، حتى قطعت أصابعه ، فقال: حس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت: باسم الله لرفعتك الملائكة، والناس ينظرون" ثم رد الله المشركين
وعن عائشة وأم إسحاق بنتي طلحة قالتا: جرح أبونا يوم أحد أربعا وعشرين جراحة، وقع منها في رأسه شجة مربعة ، وقطع نساه - يعني العرق -، وشلت أصبعه، وكان سائر الجراح في جسده، وغلبه الغشي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مكسورة رباعيته، مشجوج في وجهه ، قد علاه الغشي ، وطلحة محتمله ، يرجع به القهقرى ، كلما أدركه أحد من المشركين ، قاتل دونه ، حتى أسنده إلى الشعب .
وعن ابن عمران قاضي المدينة ، أن طلحة فدى عشرة من أسارى بدر بماله ،
عن الحسن البصري أن طلحة بن عبيد الله باع أرضا له بسبع مائة ألف. فبات أرقا من مخافة ذلك المال، حتى أصبح ففرقه .
وعن سلمة بن الأكوع قال: ابتاع طلحة بئرا بناحية الجبل، ونحر جزورا ، فأطعم الناس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنت طلحة الفياض " .
وعن موسى بن طلحة، عن أبيه قال : لما كان يوم أحد ، سماه النبي صلى الله عليه وسلم طلحة الخير. وفي غزوة ذي العشيرة طلحة الفياض ويوم خيبر، طلحة الجود .
وعن قبيصة بن جابر قال: صحبت طلحة ، فما رأيت أعطى لجزيل مال من غير مسألة منه.
عن جابر أنه سمع عمر يقول لطلحة: ما لي أراك شعثت واغبررت مذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لعله أن ما بك إمارة ابن عمك - يعني أبا بكر - قال: معاذ الله، إني سمعته يقول: " إني لأعلم كلمة لا يقولها رجل يحضره الموت، إلا وجد روحه لها روحا حين تخرج من جسده، وكانت له نورا يوم القيامة ". فلم أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، ولم يخبرني بها فذاك الذي دخلني. قال عمر: فأنا أعلمها. قال: فلله الحمد، فما هي؟ قال: الكلمة التي قالها لعمه، قال: صدقت .
قال: جاء رجل إلى طلحة فقال: أرأيتك هذا اليماني هو أعلم بحديث رسول الله منكم - يعني أبا هريرة - نسمع منه أشياء لا نسمعها منكم ، قال: أما أن قد سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع ، فلا أشك ، وسأخبرك: إنا كنا أهل بيوت ، وكنا إنما نأتي رسول الله غدوة وعشية ، وكان مسكينا لا مال له ، إنما هو على باب رسول الله ، فلا أشك أنه قد سمع ما لم نسمع ، وهل تجد أحدا فيه خير يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل ؟
ولَمَّا حدث الخلاف بين الصحابة حول أيهما أولى: استقرار الأمور وبيعة علي رضي الله ، أم القصاص لعثمان رضي الله عنه، كان طلحة مع الرأي الثاني، الذي كان يميل إلى تقديم القصاص، ولكن ورغم ذلك جاء علي رضي الله عنه، وناشد طلحة أن يرجع عن قتاله، وألَّا يؤذيه بذلك، فرجع طلحة، وقرَّرَ أن ينسحب عن المعركة، فلحقه سهمٌ غادرٌ، ممن يريدون إشعال الفتن، ويضرهم أن يتَّحدَ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن علقمة بن وقاص الليثي قال : لما خرج طلحة والزبير وعائشة للطلب بدم عثمان ، عرجوا عن منصرفهم بذات عرق ، فاستصغروا عروة بن الزبير ، وأبا بكر بن عبد الرحمن فردوهما ، قال : ورأيت طلحة ، وأحب المجالس إليه أخلاها ، وهو ضارب بلحيته على زوره ، فقلت: يا أبا محمد ، إني أراك وأحب المجالس إليك أخلاها ، إن كنت تكره هذا الأمر ، فدعه ، فقال: يا علقمة ، لا تلمني ، كنا أمس يدا واحدة على من سوانا ، فأصبحنا اليوم جبلين من حديد ، يزحف أحدنا إلى صاحبه ، ولكنه كان مني شيء في أمر عثمان ، مما لا أرى كفارته إلا سفك دمي ، وطلب دمه .
وعن حكيم بن جابر قال: قال طلحة: إنا داهنا في أمر عثمان ، فلا نجد اليوم أمثل من أن نبذل دماءنا فيه ، اللهم خذ لعثمان مني اليوم حتى ترضى .
كان طلحة أول من بايع عثمان بن عفان؛ حيث بايعه في مجلس الشورى، ثم كان من جملة أنصار عثمان بن عفان في الفتنة، فلما قُتِل عثمان؛ ندم على ترك نصرته.
عن يحيى بن سعيد ، عن عمه ، أن مروان رمى طلحة بسهم ، فقتله، ثم التفت إلى أبان ، فقال: قد كفيناك بعض قتلة أبيك .
عن طلحة بن مصرف أن عليا انتهى إلى طلحة وقد مات ، فنزل عن دابته وأجلسه ، ومسح الغبار عن وجهه ولحيته ، وهو يترحم عليه ، وقال: ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة و قال: بشروا قاتل طلحة بالنار .
وفاته:
وكان قتله في سنة ست وثلاثين من الهجرة النبوية الشريفة (36هـ/656م) في جمادى الآخرة، وقيل في رجب، وهو ابن ثنتين وستين سنة أو نحوها، وقبره بظاهر البصرة .
وكان أول من استشهد في معركة الجمل حيث أصابه سهماً رماه مروان ابن الحكم، فظل طلحة ينزف حتى مات
قيل قتل طلحة وفي يد خازنه ألف ألف درهم ومائتا ألف درهم، وقومت أصوله وعقاره ثلاثين ألف ألف درهم .