هل هناك حاجة إلى الأنبياء؟

The Details of the Question

هل هناك حاجة إلى الأنبياء؟

الجواب

الأخ / الأخت العزيز,

حتى لو استطاع البشر بعقولهم فهم وجود الله ووحدانيته، فإنهم لا يستطيعون إدراك أسمائه وصفاته الخاصة به، ولا يعرفون كيف يعبدونه، ولا يستوعبون مسؤولياتهم في الآخرة. لذلك، هم بحاجة إلى أن يُعلمهم الله هذه الأمور.
ولهذا السبب أرسل الله الأنبياء لتلبية هذه الحاجات.
عندما كان البشر في جهالة ولا يعلمون شيئاً، تعلموا من الأنبياء كل شيء، حتى الحرف والصناعات والفنون. 
الأنبياء هم من علموا البشر طرق السعادة والراحة في الدنيا والآخرة، وأسس التعامل الحسن، والأخلاق، وآداب السلوك.
أقوال العلماء حول الحاجة إلى الأنبياء:
الإمام الغزالي يقول: 
[أنه ليس يستحيل بعثه الأنبياء عليهم السلام خلافاً للبراهمة حيث قالوا لا فائدة في بعثتهم إذ في العقل مندوحة عنهم لأن العقل لا يهدي إلى الأفعال المنجية في الآخرة كما لا يهدي إلى الأدوية المفيدة للصحة فحاجة الخلق إلى الأنبياء كحاجتهم إلى الأطباء ولكن يعرف صدق الطبيب بالتجربة ويعرف صدق النبي بالمعجزة](الاحياء:133)
و أشار بديع الزمان النورسي إلى هذا المعنى بقوله:[النبوة ضرورية للبشرية:إنّ القدرة الإلهية التي لا تترك النمل من دون أمير، والنحل من دون يعسوب، لا تترك حتما البشر من دون نبي، من دون شريعة... نعم، هكذا يقتضي سر نظام العالم.](الكلمات-اللوامع)
أهمية الأنبياء:
1.    تحقيق العدل والنظام في المجتمع:
الأنبياء هم أساس تحقيق العدل ومنع الظلم. الشريعة التي أوحى بها الله إلى الأنبياء هي القانون الذي يضبط حياة البشر ويضمن تحقيق الإنصاف. 
يقول النورسي في كتابه إشارات الإعجاز:
[ان الإنسان خُلِق ممتازاً ومستثنى من جميع الحيوانات بمزاج لطيف عجيب، أنتج ذلك المزاجُ فيه ميلَ الانتخاب وميلَ الأحسن وميلَ الزينة، وميَلاناً فطرياً إلى أن يعيش ويحيى بمعيشة وكمال لائقين بالإنسانية.. ثم لأجل تلك الميول احتاج الإنسان في تحصيل حاجاته في مأكله وملبسه ومسكنه إلى تلطيفها وإتقانها بصنائع جمّة، لا يقتدر هو بانفراده على كلِّها. ولهذا احتاج إلى الامتزاج مع أبناء جنسه ليتشاركوا، فيتعاونوا، ثم يتبادلوا ثمرات سعيهم. لكن لمّا لم يحدد الصانعُ الحكيم قوى البشر الشهوية والغضبية والعقلية بحدٍّ فطريّ لتأمين ترقّيهم بزَمْـبَـرَكِ الجزء الاختياريّ -لا كالحيوانات التي حُدّدت قواها- حصل انهماكٌ وتجاوز.. ثم لانهماك القوى وتجاوزها -بسر عدم التحديد- تحتاج الجماعةُ إلى العدالة في تبادل ثمرات السعي.. ثم لأن عقلَ كل أحد لا يكفي في درْك العدالة احتاج النوع إلى عقل كلّي للعدالة يستفيد منه عقل العموم. وما ذلك العقل إلّا قانون كلّيّ، وما هو إلّا الشريعة.. ثم لمحافظة تأثير تلك الشريعة وجريانها لابد من مقنّنٍ وصاحب ومبلّغ ومرجِع، وما هو إلّا النبيّ عليه السلام.. ثم إن النبيّ لإدامة حاكميته في الظواهر والبواطن وفي العقول والطبائع يحتاج إلى امتياز وتفوّق مادةً ومعنى، سيرةً وصورة، خَلْقاً وخُلُقاً. ويحتاج أيضاً إلى دليل على قوة المناسبة بينه وبين مالكِ الملك صاحبِ العالَم، وما الدليل إلّا المعجزات]
2.    تعليم الإنسان هدف خلقه وتبليغ الأحكام الدينية:
الغاية من خلق البشر هي معرفة الله والإيمان به وعبادته. يقول الله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}(الذاريات:56)
لكن بالعقل وحده يعجز الانسان عن إدراك كيفية العبادة ومرضاة الله، لذا تأتي الحاجة إلى الأنبياء لتعليم البشر هذا الهدف.
3.    قطع حجج البشر أمام الله:
أرسل الله أنبياء إلى كل أمة ليكونوا حجة على الناس، فلا يكون لهم عذر يوم القيامة. 
يقول تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا}(الإسراء)
كذلك قال: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ}(طه:134)

إذن، الأنبياء هم النور الذي يوجه البشرية نحو الحق، وهم القادة الذين يعلمون الناس السبل التي تضمن سعادتهم في الدنيا والآخرة.

أسئلة إسلامية

المؤلف:
أسئلة إسلامية
Subject Categories:
قرئت 2 مرات
لإضافة تعليق يرجى تسجيل الدخول أو إنشاء قيد جديد