إنه استبداد ضعيف بالنسبة لما سيأتي

 

«حينما كانت "الحرية" قرينة الجنون، جعل الاستبداد الضعيف مستشفى المجاذيب مدرسةً لي.([1])

والذي يبدو أن الغاية([2]) ما كانت استرداد الحرية من السلطان عبد الحميد، بل تحويل استبداد ضعيف وضئيل إلى استبداد شديد وقوي.([3])

وقد رأيت كثيرين يهاجمون "السلطان عبد الحميد" أكثر من هجوم "الأحرار"([4]) وكانوا يقولون: إنه على خطأ لقبوله "الحرية" و"القانون الأساسي"([5]) قبل ثلاثين سنة.

فما ظنكم بقول من حَسِبَ الاستبداد الذي اضطر إليه السلطان عبد الحميد حريةً، وارتعد من القانون الأساسي الذي هو اسم دون مسمّى! فما قيمة قوله يا تُرى؟.([6])

وكيف لا أعارض مَن ظن الاستبداد السابق حريةً وهاجم القانون الأساسي! ولكن مع أن أولئك كانوا يعارضون الحكومة إلاّ أنهم أرادوا استبداداً أشدّ، لهذا كنت أرفضهم وأردّ عليهم.([7])

ولقد أحس "سعيد القديم" ما أحسّه عدد من دهاة السياسة وفطاحل الأدباء؛ بأن استبداداً مريعاً مقبلٌ على الأمة، فتصدّوا له، ولكن هذا الإحساس المسبَق كان بحاجة إلى تأويل وتعبير، إذ هاجموا ما رأوه من ظل ضعيف لاستبدادات تأتي بعد مدة مديدة وألقت في نفوسهم الرعب، فحسبوا ظل استبداد ليس له إلاّ الاسم استبداداً أصيلاً، فهاجموه. فالغاية صحيحة إلاّ أن الهدف خطأ».([8])

 

[1]() صيقل الإسلام، المحكمة العسكرية.

[2]() من حادثة 31 مارت.

 

[3]() صيقل الإسلام، المحكمة العسكرية.

[4]() الأحرار: المنادون بالحرية.

[5]() أي الدستور بالتعبير الشائع حالياً والذي يعيّن صلاحية الحاكم والحكومة والبرلمان، ويحدد الخطوط الرئيسية لسياسة الدولة وقوانينها.

[6]() صيقل الإسلام، المناظرات.

[7]() صيقل الإسلام، المناظرات.

[8]() الملاحق، ملحق قسطموني.

Ekranı Genişlet