براءته من المحكمة ودفاعه عن الأبرياء
ألقيتُ هذه الأسـئـلة في اليوم الثاني من تبرئتي على مسامع خورشيد باشا رئيس المحكمة العسكرية العرفية الأولى، وعلى غيره عدة مرات، وذلك دفاعاً عن المسجونين الأبرياء.([1])
ما جزاء من يتعرض لإنسان تشكّل في صورة ثعبان، ولولي صالح تقمص صفة شقيّ، وللمشروطية التي لبست لباس الاستبداد، وما هم في الحقيقة سوى ثعابين وشقاة ومستبدين؟
هل يكون المستبد شخصاً فرداً واحداً؟ أم يمكن أن يكونوا أشخاصاً عديدين مستبدين؟ وأرى أن القوة يجب أن تكون في القانون، وإلاّ فسيتوزع الاستبداد ويشتد أكثر بالمنظمات.
أيّهما أضرّ: إعدام بريء أم العفو عن عشرة جناة؟
أفلا يزيد من سبل النفاق والتفرقة تشديدُ الخناق على أرباب المسالك والفكر، علماً أنه لا يغلبهم؟
أيمكن بغير رفع المحسوبية والامتيازات حصول اتحاد الأمة الذي هو معدن حياتنا الاجتماعية؟
إذا عَدّت فرقة معينة نفسها صاحبة امتيازات على الآخرين، وألجأت الناس إلى الظهور بـمظهر المخالف للمشروطية، وذلك بكثرة تعرض تلك الفرقة لهم وجرحها لمشاعرهم، فعلى من يقع الذنب لو تعرض الجميع للاستبداد العنيد المتستر تحت اسم المشروطية التي تقلدته تلك الفرقة؟
على من تقع المسؤولية فيما لو ترك بستانيّ باب البستان مفتوحاً، ودخل فيه من دخل، ثم ظهر حدوث السرقات؟
لو منحت حرية الفكر والكلام للناس، ثم حوسب شخص على كلامه أو فكره، أفلا يكون ذلك خطة مدبّرة لدفع الأمة المنكوبة إلى النار؟
نرى الجميع يعاهدون المشروطية ويقسمون بها، بينما المعاهد هو نفسه مخالف لمسمّى المشروطية أو ساكت عن مخالفيها، ألا يحتاج ذلك إلى كفّارة اليمين؟ ألا تكون الأمة إذن كاذبة؟ أفلا يعتبر إذَن الرأى العام النـزيه كاذباً ومعتوهاً؟
حاصل الكلام: إن المهيمن على الوضع الحاضر استبداد شديد وتحكم صارم، وذلك من حيث الجهل المتفشي، وكأن الاستبداد والتجسس قد تناسخا روحاً.([2])
[1]() (ب) 257 عن آثار بديعية 257.
[2]() صيقل الإسلام، المحكمة العسكرية.
