سنة 1921م/1339هـ

 

جواب للكنيسة الإنكليكية

 

"وحينما احتل الإنكليز إسطنبول، ودمرّوا المدافع في المضيق في إسطنبول سأل في تلك الأيام رئيس أساقفة الكنيسة الإنكليكية من المشيخة الإسلامية([1]) ستة أسئلة، وكنت حينئذٍ عضواً في دار الحكمة الإسلامية فقالوا لي:

أجب عن أسئلتهم بستمائة كلمة كما يريدون.

قلت: إن جواب هذه الأسئلة ليس ستمائة كلمة ولا ست كلمات ولا كلمة واحدة، بل بصقة واحدة.

لأنه عندما داست تلك الدولة بأقدامها مضايقنا وأخذت بخناقنا كما ترون، ينبغي البصاق في وجه رئيس أساقفتهم إزاء أسئلته التي سألها بكل غرور.

ولهذا قلت: ابصقوا في وجوه الظلَمة التافهة.([2])

وقد سأل ذات يوم قسيسٌ حاقد، السياسي الماكر، العدوّ الألدّ للإسلام، عن أربعة أمور طالباً الإجابة عنها في ستمائة كلمة. سألها بغية إثارة الشبهات، مستنكراً ومتعالياً، وبشماتة متناهية، وفي وقت عصيب حيث كانت دولته تشد على مضايقنا الخناق.

فينبغي الإجابة بـ"تباً لك!" تجاه شماتته، وبالسكوت عليه بسخط تجاه مكره ودسيسته، فضلاً عن جواب مسكت ينـزل به كالمطرقة تجاه إنكاره. فأنا لا أضعه موضع خطابي، بل أجوبتنا لمن يلقي السمع وينشد الحق وهي الآتية:

فلقد قال في السؤال الأول: ما دين محمد r؟

قلت: إنه القرآن الكريم. أساس قصده ترسيخ أركان الإيمان الستة وتعميق أركان الإسلام الخمسة.

ويقول في الثاني: ماذا قدّم للفكر وللحياة؟

 قلت: التوحد للفكر، والاستقامة للحياة. وشاهدي في هذا قوله تعالى ﴿قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ﴾ ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾(هود:112).

ويقول في الثالث: كيف يعالج الصراعات الحاضرة؟.

أقول: بتحريم الربا وفرض الزكـاة. وشاهـدي قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾(البقرة:275) ﴿يَمْحَقُ اللّٰهُ الْرِّبَا﴾(البقرة:276) ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾(النور:76).

ويقول في الرابع: كيف ينظر إلى الاضطرابات البشرية؟

 أقول: السعي هو الأساس، وألاّ تتكدس ثروة الإنسان بيد الظالمين، ولا يكنـزوها. وشاهدي قوله تعالى: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَـعَى﴾(النجم:39) ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾(التوبة:34)".([3])

 

[1]() وجهت هذه الرسالة بتوقيع رئيس الأساقفة "آرثر بوت وود" (Boutwood Arther) إلى المشيخة الإسلامية في 21/12/1918 فأرسلها شيخ الإسلام حيدري زادة إبراهيم أفندي إلى دار الحكمة الإسلامية. وقد أجاب عنها فضلاً عن الأستاذ النورسي وبإجابات مطولة وافية كل من المفسر إسماعيل حقي الإزميرلي والشيخ عبد العزيز جاويش.

[2]() المكتوبات، المكتوب التاسع والعشرون، القسم السادس.

 

[3]() الكلمات، اللوامع؛ الشعاعات، الشعاع الرابع عشر.

 

Ekranı Genişlet