إزالة العوائق عن طريق القلب

 

«قد شاهدتُ ازدياد العلم الفلسفي في ازدياد المرض، كما رأيت ازدياد المرض في ازدياد العلم العقلي. فالأمراض المعنوية توصِلُ إلى علوم عقلية، كما أن العلوم العقلية تولّد أمراضاً قلبية. ([1]) إذ حينما سار "سعيد الجديد" في طريق التأمل والتفكر، انقلبت تلك العلوم الأوروبية الفلسفية وفنونها التي كانت مستقرة إلى حدٍّ ما في أفكار "سعيد القديم" إلى أمراض قلبية، نشأت منها مصاعب ومعضلاتٌ كثيرة في تلك السياحة القلبية. فما كان من "سعيد الجديد" إلاّ القيام بتمخيض فكره والعمل على نفضه من أدران الفلسفة المزخرفة ولوثات الحضارة السفيهة. ([2]) حيث إن سعيداً القديم والمفكرين، قد ارتضوا بقسم من دساتير الفلسفة البشرية، أي يقبلون شيئاً منها، ويبارزونها بأسلحتها، ويعدّون قسماً من دساتيرها كأنها العلوم الحديثة فيسلّمون بها. ولهذا لا يتمكنون من إعطاء الصورة الحقيقية للإسلام على تلك الصورة من العمل، إذ يطعّمون شجرة الإسلام بأغصان الحكمة التي يظنونها عميقة الجذور. وكأنهم بهذا يقوّون الإسلام. ولكن لما كان الظهور على الأعداء بهذا النمط من العمل قليلاً، ولأن فيه شيئاً من التهوين لشأن الإسلام،فقد تركتُ ذلك المسلك. وأظهرت فعلاً أن أسس الإسلام عريقة وغائرة إلى درجة لا تبلغها أبداً أعمق أسس الفلسفة، بل تظل سطحية تجاهها..

ففي المسلك السابق؛ تُظن الفلسفة عميقة، بينما الأحكام الإسلامية ظاهرية سطحية، لذا يُتشبث بأغصان الفلسفة للحفاظ على الإسلام. ولكن هيهات! أنّى لدساتير الفلسفة من بلوغ تلك الأحكام». ([3])

 

[1]() المثنوي العربي النوري، قطرة من نور معرفة اللّٰه، خاتمة.

[2]() اللمعات، اللمعة السابعة عشرة، المذكرة الخامسة.

[3]() المكتوبات، المكتوب التاسع والعشرون، القسم السابع.

 

Ekranı Genişlet