من أقواله في المحاكم بحق مصطفى الحاكم

 

«إننا لسنا مع زعيم أصدر حسب هواه أوامر باسم القانون ونفذها بقوة لتحويل "جامع أياصوفيا" إلى دار للأصنام، وجعل مقر المشيخة الإسلامية العامة ثانوية للبنات، لسنا معه فكراً ولا موضوعاً، ولا من حيث الدافع ولا من حيث النتيجة والغاية. ولا نجد أنفسنا ملزمين بقبول أمر كهذا. ([1])

يقول: «ولما اعترضت بكلمات قاسية على ذلك الشخص المعروف الذي تولى رئاسة الحكومة بأنقرة، لم يقابلني بشيء، بل آثر الصمت. إلاّ أن بعد موته أظهرت حقيقةُ حديث شريف خطأه -كنت قد كتبته قبل أربعين سنة- فتلك الحقيقة والانتقادات التي كانت فطرية وضرورية واتخذناها سرية، وعامة غير خاصة على ذلك الشخص قد طبقها المدعى العام بحذلقة على ذلك الشخص، وجعلها مدار مسؤولية علينا. فأين عدالة القوانين التي هي رمز الأمة وتذكارها وتجل من تجليات اللّٰه سبحانه من محاباة شخص مات وانقطعت علاقته بالحكومة. ([2])

إنه ضروري جداً لصالح الأمة ولنفع البلاد أن تحافظ الحكومة عليّ حفاظاً تاماً وتمدّ يد المعاونة إليّ. إلاّ أنها تضيق الخناق عليّ، مما يومئ إلى أن الذين يحاربونني هم منظمة الزندقة السرية وقسم من منظمة الشيوعية الذين التحقوا بهم، هؤلاء قد قبضوا على زمام الأمر في عدد من المناصب الرسمية المهمة في الدولة، فيهاجمونني ويجابهونني. أما الحكومة فإما أنها لا تعرف بهم أو تسمح لهم. ويا ترى أي ذنب وأي جريرة في أن تنتقد أو تضمر عدم المحبة لرجل حوّل جامع أياصوفيا الذي هو مبعث الشرف الأبدي لأمة بطلة، والدرة الساطعة لخدماتها وجهادها في سبيل القرآن، وهدية تذكارية نفيسة من هدايا سيوف أجدادها البسلاء.. حوّله إلى دار للأصنام وبيت للأوثان وجعل مقر المشيخة الإسلامية العامة ثانوية للبنات؟. ([3])

إن تعصب المدعي العام لمصطفى كمال وصداقته له -وهو يشغل مثل هذا المقام- أدّى إلى أسئلة واعتراضات غير قانونية وغير ضرورية وخاطئة مما ساقني إلى تقديم هذه الإيضاحات الخارجة عن الصدد، وأنا أبين هنا أحد أقواله كمثال على كلامه المشوب بالمزاج الشخصي الخارج عن القانون.

قال: ألم تندم من قلبك على ما أوردته في "الشعاع الخامس"؟ ذلك لأنك قمت بإهانته وتحقيره عندما قلت عنه: إنه أصبح مثل قربة الماء من كثرة شربه الخمر والشراب؟

وأنا أقول جواباً على تعصبه الذميم والخاطئ تماماً الناشئ من صداقته له:

لا يمكن إسناد شرف انتصار الجيش البطل إليه وحده، ولكن تكون له حصة معينة فقط من هذا الانتصار. فمِن الظلم ومن الخروج على العدالة بشكل صارخ إعطاء غنائم الجيش وأمواله وأرزاقه إلى قائد واحد.

وكما قام ذلك المدعي العام البعيد عن الإنصاف باتهامي لكوني لا أحب ذلك الشخص ذا العيوب الكثيرة، إلى درجة أنه وضعني موضع الخائن للوطن، فإنني أتهمه أيضاً بعدم حبه للجيش، ذلك لأنه عندما يعطي إلى صديقه ذاك كل الشرف وكل المغانم المعنوية فإنه يكون بذلك قد جرد الجيش من الشرف، بينما الحقيقة هي وجوب توزيع الأمور الإيجابية والحسنات والأفضال على الجماعة وعلى الجيش، أما الأمور السلبية والتقصيرات والتخريبات فيجب توجيهها إلى القيادة وإلى الرأس المدبر وإلى الممسك بزمام الأمور. ذلك لأن وجود أي شئ لا يتحقق إلا بتحقق جميع شرائطه وأركان وجوده، والقائد هنا شرط واحد فقط من هذه الشروط. أما انتفاء أي شيء وفساده فيكفي له عدم وجود شرط واحد أو فساد ركن واحد فقط. لذا يمكن عزو ذلك الفساد إلى الرأس المدبر وإلى الرئيس لأن الحسنات والأمور الجيدة تكون عادة إيجابية ووجودية. فلا يمكن حصرها على من هم في رأس الدولة. بينما السيئات والتقصيرات عدمية وتخريبية ويكون الرؤساء هم المسؤولين عنها. ومادام هذا هو الحق وهو الحقيقة، فكيف يمكن أن يقال لرئيس عشيرة قامت بفتوحات: "أحسنت يا حسن آغا"؟ وإذا غُلبت تلك العشيرة، وجّهت إلى أفرادها الإهانة والتحقير؟.. إن مثل هذا التصرف يكون مجانباً للحق تماماً ومعاكساً له.

وهكذا فإن ذلك المدعي العام الذي قام باتهامي قد جانب الحق والحقيقة وجانب الصواب، ومع ذلك فهو بزعمه قد حكم باسم العدالة». ([4])

أما قضية الصفعة الموجهة من رسائل النور إلى مصطفى كمال فقد عرفتْ بها ست محاكم وكذلك المراجع الرسمية في "أنقرة" فلم يعترضوا عليها وأصدروا قرارهم بتبـرئتنا وأعادوا لنا جميع كتبنا ومن ضمنها "الشعاع الخامس". ثم إن قيامي بإظهار سيئاته ليس إلاّ من أجل صيانة كرامة الجيش. أي إن عدم محبة شخص فرد ليس إلاّ من أجل كيل الثناء إلى الجيش بكل حب. ([5])

ولو فرضنا أن قائداً رهيباً وعبقرياً استطاع بذكائه أن ينسب لنفسه جميع حسنات الجيش، وأن ينسب سيئاته وسلبياته الشخصية للجيش، فإنه يكون بذلك قد قلل عدد الحسنات التي هي بعدد أفراد الجيش إلى حسنة شخص واحد، وعندما نسب سيئاته وأخطاءه إلى الجيش يكون قد كثّر هذه السيئات بعدد أفراد الجيش، وهذا ظلم مخيف ومجانب للحقيقة، لذا فقد قلت للمدعي العام في إحدى محاكماتي السابقة عندما هاجمني لكوني وجهت صفعة تأديب لذلك الشخص عندما قمت قبل أربعين سنة بشرح حديث نبوي، قلت للمدعى العام: حقاً إنني أقلل من شأنه بإيراد أخبار من الأحاديث النبوية، إلاّ أنني أقوم في الوقت نفسه بصيانة شرف الجيش وحفظه من الأخطاء الكبيرة، وأما أنت فتقوم بتلويث شرف الجيش الذي يعد حامل لواء القرآن، وقائداً مقداماً للعالم الإسلامي، وتلغي حسناته لأجل صديق واحد لك. فخضع ذلك المدعى العام للإنصاف، بإذن اللّٰه، ونجا من الخطأ. ([6])

ومع أن الرئيس الكبير حرض بعض أفراد وزارة العدل وموظفيها مدفوعاً إلى ذلك بأوهامه وبحقده الشخصي، إلا أن رسائل النور بُرئت من تهمة تشكيل أية جمعية وأية طريقة صوفية». ([7])

[وقال في المحكمة أيضاً]:

«أجل، إن رجلاً دافع بكل شدة وصلابة دفاعاً مؤثراً ودون خوف أو وجل أمام المحكمة العرفية العسكرية التي انعقدت بسبب أحداث 31 مارت، وفي مجلس المبعوثان دون أن يبالي بغضب مصطفى كمال وحدّته.. كيف يتهم هذا الشخص بأنه يدير سراً خلال ثماني عشرة سنة ودون أن يشعر به أحد مؤامرات سياسية؟ إن من يقوم بمثل هذا الاتهام لا شك أنه شخص مغرض. ([8])

مادام مصطفى كمال نفسه لم يستطع أن يكسر هذا العناد، ومادامت محكمتان ومحافظ ثلاث ولايات لم يكسروه فمن أنتم حتى تحاولوا مثل هذه المحاولة العقيمة، ولماذا تحاولون هذا عبثاً مع أنها لا تأتي بخير للأمة ولا لهذه الحكومة؟. ([9])

[وفي رسالة له إلى طلابه:]

إن في تأخير مسألتنا هذه خير، والخير فيما اختاره اللّٰه. لأن محبة ذلك الرجل الميت الرهيب يُلقَّن في جميع المدارس والدوائر الحكومية وفي أوساط الشعب عامة. وستؤثر هذه الحالة تأثيراً أليماً وفجيعاً جداً في العالم الإسلامي وفي المستقبل».([10])

 

[1]() الشعاعات، الشعاع الرابع عشر.

[2]() الشعاعات، الشعاع الرابع عشر.

[3]() الشعاعات، الشعاع الرابع عشر.

[4]() الشعاعات، الشعاع الرابع عشر.

[5]() الشعاعات، الشعاع الرابع عشر.

[6]() الشعاعات، الشعاع الرابع عشر.

[7]() الشعاعات، الشعاع الرابع عشر.

[8]() الشعاعات، الشعاع الرابع عشر.

[9]() الشعاعات، الشعاع الثاني عشر.

[10]() الشعاعات، الشعاع الثالث عشر.

Ekranı Genişlet