خاطرة في إسطنبول
«حينما أتيت إسطنبول منفياً، وقد كنت ذا علاقة مع دار الحكمة الإسلامية التابعة لديوان المشيخة الإسلامية حيث عملت فيها لخدمة القرآن، سألت: ما وضع المشيخة الإسلامية؟ ولكن وا مصيبتاه! فقد تلقيت جواباً ارتعدت روحي وقلبي وفكري منه وبكت بكاءً مراً، إذ أصبحت تلك الدائرة التي استنارت بأنوار الشريعة بمئات السنين، إعدادية البنات وموضع اللّهو واللعب، وعندها غشيتني حالة روحية محزنة كأن الدنيا هدّمت على رأسي، فما حيلتي فلا حول لي ولا قوة ولا كرامة لي ولا ولاية لأدفع المصيبة، فتوجهت يائساً من كل شيء إلى أعتاب الألوهية أُطلقُ الآهات والزفرات. والتحقتْ بها آهاتُ وحسرات مَن احترقت أفئدتهم مثلي. ولا أتذكر هل استمددت لدعواتنا دعاء الشيخ الكيلاني وهمته أم لا؟ ولا جرم أن دعاءه وهمته هي التي ألهبت آهاتنا وأشعلتها فأحترق تلك الليلة ([1]) قسم من المشيخة التي كانت مقراً للأنوار منذ القدم إنقاذاً لها من الظلمات.
فتأسف الجميع إلاّ أنا ومن مثلي ممن احترق فؤاده، حمدنا اللّٰه تعالى». ([2])
[ثم غادر إسطنبول بالباخرة التي مرت بإزمير فأنطاليا، ومن هناك أُخذ إلى بوردور]
[1]() لقد عثر الباحث الدؤوب نجم الدين شاهين أر من الصحف الصادرة آنئذٍ أن الحريق قد نشب ليلة الجمعة في 29/4/1926 Nurs Yolu/II.
[2]() اللمعات، اللمعة الثامنة.
