مضاعفة الثواب
«إخوتي الأعزاء الصديقين!
انتابني اليوم قلق وحزن لأجلكم بإخطار معنوي وَرَدَ إلى القلب، فلقد حزنت لأحوال إخواننا الذين يرغبون في الخروج حالاً من السجن من جراء قلقهم على هموم العيش. وفي الدقيقة التي فكرت في هذا، وردت خاطرة ميمونة إلى القلب مع حقيقة وبشرى هي أنه:
ستحل الشهور الثلاثة المباركة جداً الحاملة لأثوبة عظيمة بعد خمسة أيام فالعبادات مثابة فيها بأضعافها، إذ الحسنة إن كانت بعشر أمثالها في سائر الأوقات ففي شهر رجب تتجاوز مائة حسنة وفي شهر شعبان تزيد على ثلاثمائة حسنة، وفي شهر رمضان المبارك ترتفع إلى الألف حسنة، وفي ليالي الجمع فيه إلى الآلاف، وفي ليلة القدر تصبح ثلاثين ألف حسنة. نعم، إن الشهور الثلاثة سُوق أخروية سامية رفيعة للتجارة، بحيث تُكسِب المرء هذه الأرباحَ والفوائد الأخروية الكثيرة جداً.. وهي مشهر عظيم ومعرض ممتاز لأهل الحقيقة والعبادة.. وهي التي تضْمن عمراً لأهل الإيمان بثمانين سنة خلال ثلاثة شهور.. فقضاء هذه الشهور الثلاثة في المدرسة اليوسفية التي تكسب ربحاً بعشرة أمثالها. لا شك أنه ربح كبير وفوز عظيم. فمهما كانت المشقات فهي عين الرحمة.
فكما أن الأمر هكذا من حيث العبادة، فهي كذلك من حيث الخدمة النورية والعمل لنشر رسائل النور، إذ تتضاعف الخدمات إلى خمسة أضعافها باعتبار النوعية إن لم تكن باعتبار الكمية، لأن القادمين والمغادرين لدار الضيافة هذه (السجن) يصبحون وسائط لنشر دروس النور، وقد ينفع أحياناً إخلاص شخص واحد بمقدار عشرين شخصاً. ثم إن كان هناك شيء من المشقات والمضايقات فلا أهمية له إزاء انتشار سر الإخلاص الموجود في رسائل النور بين صفوف المسجونين الذين هم أحوج الناس إلى ما في الرسائل من سلوان ولاسيما ممن تسري في عروقهم بطولات سياسية.
أما من حيث هموم العيش، فمن المعلوم أن هذه الشهور هي سُوق الآخرة وقد دخل بعضكم هذا السجن بدلاً عن الكثيرين من الطلاب، بل إن بعضكم قد دخله بدلاً عن الألف. فلا شك أنه ستكون لهم مساعدات وإمدادات لأعمالكم الخارجية.
هكذا وردت الخاطرة وفرحتُ بها فرحاً تاماً وعلمت أن البقاء هنا إلى العيد نعمة إلهية عظيمة».([1])
[1]() الشعاعات، الشعاع الرابع عشر.
