شروطها

«أولها: التسمية باسم "المدرسة" لأنه مألوف ومأنوس وجذّاب، ومع كونه عنواناً اعتبارياً إلاّ أنه يتضمن حقيقة عظيمة ممّا يهيّج الأشواق وينبّه الرغبات.

ثانيها: مزج العلوم الكونية الحديثة ودرجها مع العلوم الدينية معَ جعل اللغة العربية واجبة، والكردية جائزة، والتركية لازمة. وذلك لتخليص المحاكمة الذهنية (العقلية) من ظلمات السفسطة الحاصلة من أربعة أنواع من الأقيسة التمثيلية الفاسـدة([1]) وإزالة المغالطة التي تولدها الملكة المتفلسفة على التقليد الطفيلي.

نعم، "إن ضياء القلب هو العلوم الدينية، ونور العقل هو العلوم الحديثة، فبامتزاجهما تتجلّى الحقيقة، فتتربّى همة الطالب وتعلو بكلا الجناحين، وبافتراقهما يتولد التعصب في الأولى والحيل والشبهات في الثانية".

الشرط الثالث: انتخاب المدرسين فيها، إما من العلماء الأكراد من ذوي الجناحين (أي الموثّقين والمعتمدين من قبل الأكراد والأتراك) أو ممن يعرفون اللغة المحلية ليُستأنس بهم.

الشرط الرابع: الاستشارة باستعداد الأكراد وقابلياتهم، وجعل صباوتهم وبساطتهم نصب العين. وكم من لباس يُستحسن على قامة، يستقبح على أخرى. وتعليم الصبيان قد يكون بالقسر أو بمداعبة ميولهم.

الشرط الخامس: تطبيق قاعدة "تقسيم الأعمال" بحذافيرها، حتى يتخرج من كل شعبة متخصصون مَهَرة مع أنها مداخل ومخارج بعضها ببعض.([2])

إن الامتثال والطاعة لقانون التكامل والرقي للصانع الجليل -الجاري في الكون على وفق تقسيم الأعمال- فرض وواجب، إلاّ أن الطاعة لإشارته ورضاه سبحانه الكامنين في ذلك القانون لم يوف حقهما. علماً أن يد عناية الحكمة الإلهية -التي تقتضي قاعدة تقسيم الأعمال- قد أودعت في ماهية البشر استعدادات وميولاً، لأداء العلوم والصناعات التي هي في حكم فرض الكفاية لشريعة الخلقة "السنن الكونية".

فمع وجود هذا الأمر المعنوي لأدائهما، أضعنا بسوء تصرفنا الشوق -الممد للميل، المنبعث من ذلك الاستعداد- وأطفأنا جذوته بهذا الحرص الكاذب، وبهذه الرغبة في التفوق التي هي رأس الرياء! فلا شك أن جزاء العاصي جهنم. فعُذّبنا بجهنم الجهل. لأننا لم نتمثل أوامر الشريعة الفطرية التي هي قانون الخلقة.. وما ينجينا من هذا العذاب إلاّ العمل على وفق قانون "تقسيم الأعمال". فقد دخل أسلافنا جنان العلوم بالعمل على وفق تقسيم الأعمال.([3])

الشرط السادس: إيجاد سبيل بعد تخرج المداومين وضمانُ تقدمهم واستفاضتهم حتى يتساووا مع خريجي المدارس العليا ويتعامل معهم بنفس المعاملة مع المدارس العليا والمعاهد الرسمية، وجعل امتحاناتها كامتحانات تلك المدارس منتجة، دون تركها عقيمة.

الشرط السابع: اتخاذ دار المعلمين -موقتاً- ركيزة لهذه المدرسة ودمجها معها، ليسري الانتظام والاستفاضة من العلم من هذه إلى تلك، والفضيلةُ والتدين من تلك إلى هذه، حتى يكون كل منها ذا جناحين بالتبادل».([4])

 

[1]() من أمثال تلك القياسات الفاسدة: قياس المعنويات على الماديات، واتخاذ ما تقوله أوروبا حجة في المعنويات، أي كما أنهم ماهرون في الماديات، ويقتدى بهم فيها، فهم ماهرون في العقائد أيضاً. وثانيتها: رفض أقوال العلماء -ممن لم يطّلعوا على بعض العلوم الحديثة- في العلوم الدينية أيضاً. ثالثتها: الاعتماد على النفس والاعتداد بها في الدين لاغترار صاحبها بمهارته في العلوم الحديثة. رابعتها: قياس السلف على الخلف والماضي على الحاضر، ثم شن الهجوم وتقديم الاعتراضات الباطلة - شقيق المؤلف عبد المجيد.

 

[2]() صيقل الإسلام، المناظرات.

[3]() صيقل الإسلام، المحاكمات.

[4]() صيقل الإسلام، المناظرات.

Ekranı Genişlet