كيف كان يقضي أوقاته؟
يقول أحد تلاميذه: على جوانب نبع "الزرنباد" الصافي القريب من جبل "أرَك" تتكاثف الأشجار وتلتف أغصانها وتتشابك، صنعنا للأستاذ ما يشبه منصة خشبية كي يجلس عليها فوق الشجر. أما نحن فكنا نجلس على الأرض تحت ظلال الأشجار.
كان الأستاذ لا يصرف وقته سدى قط، فلا أراه إلا قائماً يصلي أو داعياً متضرعاً أو مسبحاً ذاكراً أو متأملاً في ملكوت السماوات والأرض، فهو حتماً منشغل بشغل يهمه. وحينما يزوره الأصدقاء كان يكلمهم، ويأخذ معهم بأطراف الحديث، وأول ما يبادرهم بالسؤال: هل من مسجد في قريتكم؟ وأي درس يدرّسه أئمة المساجد؟ فإذا أجابه الزائر بأنه ليس لديهم مسجد ولا معلم يعلمهم كان يتألم كثيراً ويحزن، ويعجب من أمرهم كيف يعيشون في مكان ليس فيه مسجد ولا مرشد؟!
وكان يغضب كثيراً من الغيبة والكذب ولا يسمح -بأي حال- لأحد أن يغتاب أحداً عنده.([1])
[1]() ذكريات عن سعيد النورسي ص11.
