جنود في الخدمة

عندما دخلت رسائل النور المطابع، وبدأت بالانتشار لم تكن ترى الأستاذ جالساً في مكانه قط بل كان في حركة دائبة وفي فعالية مستمرة ونشاط دائم، كان فرحاً سعيداً دائماً بل يكاد يطير من فرحه.

وكنا نذهب أحياناً مشياً على الأقدام أو بالسيارة إلى مناطق مختلفة كحدائق الزهور في إسبارطة، أو حدائق بارلا، أو حافات بحيرة أغريدر، أو المقبرة، وغيرها من الأماكن، فقد كانت هذه الأماكن تعدّ بمثابة منازل نور صغيرة، فكنا نجول فيها ثم نعود وقد امتلأت قلوبنا بأفراح ملء الدنيا من مباهج النور ومعاني الإيمان.

كان الأستاذ يركب فرساً وكان أحدنا يأخذ بزمام الفرس والثاني يمسك الأستاذ خشية سقوطه وذلك لكبر سنه والثالث يحمل سجادته وترمسه وإبريقه. هكذا كنا نسير مشياً على الأقدام إلى أن نقطع الطريق من أغريدر إلى بارلا. ومتى ما كان يرانا الأستاذ دون عمل، أو قاعدين بلا شغل يقول: "هيا.. تعالوا ليقرأ أحدكم الدرس، وليذهب الآخر إلى جلب الماء، وليعد الثالث الطعام".

هكذا كان يفعل دائماً فكنا جنوداً في معسكر الجهاد ولخدمة الإيمان من خلال رسائل النور.([1])

 

[1]() ذكريات عن سعيد النورسي ص83.

Ekranı Genişlet