[هل وجدت في نفسك شيئا؟]
كتبت هذه الرسالة لمناسبة ما ورد في مسألة صغيرة من استفسار: هل وجدت في نفسك شيئا؟
أيها الأستاذ المحترم، يا أستاذي القدير!
إنك أثمن من حياتي كلها. وإنني على استعداد للتضيحة بها في كل لحظة إنفاذا لأمر من أوامرك.
نعم، إنه لا تردد قطعا في بذل تلك الهدية العظيمة، هدية الحياة، في سبيل الرب الجليل الذي أنعم بها علينا.
أيها الأستاذ المحترم! إننا مستعدون لأداء تلك الأمانة في كل وقت إلى منعمها الحقيقي جلّ جلاله، تلك الحياة التي وُهبت لنا أمانةً ونجهل وقت سلبها منا. فأنا متهيئ في كل حين ومن دون إحجام لإنفاذ أمره سبحانه وتعالى. وحيث إنكم تبلّغون أوامر ذلك الرب العظيم فإن كلامكم الطيب هو حق ورحمة في الوقت نفسه.
ثم يا سيدي! إن الأغصان الدانية تقلَّم وتقطّع لترتفع الشجرة وتعلو وتصان من الأحياء المضرة. فليس لتلك الأغصان حق الاعتراض على ذلك العمل قطعا؛ حيث إنها لو ظلت على ما هي عليه ربما يقطعها حيوان مضر، وتتفسخ جذورها وتعدم.
أستاذي القدير!
أقولها دون مبالغة: إنني أعتقد أنه ليس هناك أحد غارق في الذنوب والخطيئات مثلي. بل أقنعت نفسي بذلك أحيانا. بل لست غارقا في الذنوب إلى ركبتيّ وظهري ولا إلى عنقي وحدها بل من أخمص قدمي إلى قمة رأسي، بل حتى أعماق أعماق وجودي وكياني ملوثة بحمأة تلك الذنوب والخطايا.
وفي الوقت الذي بدأ كياني كله بالتعفن والفساد، باشرتم بإذن الله بالعلاج والضماد -كالخضر ولقمان الحكيم عليهما السلام- ووضعتم ذلك المرهم الشافي المستخلَص من صيدلية الشفاء القرآني على الجروح والعفونات. فأنتم وسيلة لمنح الحياة، تلك التي تستحق أن تسمى حياة.
فليس من العقل في شيء ألاّ يضحَّى في سبيل من أنعم تلك الحياة، ومن أصبح وسيلة لذلك الإنعام الجليل.
نعم، إن على المريض أن يدرك حاجته إلى إجراء العملية الجراحية، فهو مَدين بالشكر والثناء لمن يراقب معالجته ويداويه ليل نهار، بل مدين بما لا يحدّ من الشكر والحمد والثناء لذلك الحكيم العليم الذي ليس كمثله شيء، والذي سلّم ذلك الدواء من صيدلية القرآن الكريم.
ولكن يا أستاذي إنني متألم جدا لعدم إيفائي هذا الدَّين الذي في عنقي. ليرضَ الله عنك أبدا يا أستاذي.
الحافظ علي(*)
