[تهنئة بولادة طفلة]
9/مايس/1934 الأربعاء
باسمه سبحانه
﴿وَإنْ مِنْ شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز الوفي المدقق السيد رأفت!.
أولا: إن قدومَ طفلتكم المباركة إلى الدنيا فأل خير لكم. أهنئكم عليها. وستنال بإذنه تعالى فيضا من أنوار الآية الكريمة ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى﴾(آل عمران:36). إذ الابنة التي رُزقتم بها -كما رزق أخونا عاصم- تجعلانكما في ظني أهلا لمزيد من التهنئة والتبريك؛ ذلك لأن أهم أساس في مشربنا هو "الشفقة" والبنات بطلات الشفقة والحنان، وهن المخلوقات المحبوبات. إنني أعتقد أن الأولاد الذكور في هذا الزمان أكثر خطرا من الإناث.
أسأله تعالى أن يجعلها مبعث سلوان وأنس لكم، ويجعلها كملاك صغير يجول في بيتكم. وأفضّل أن يكون اسمها "زينب" بدلا من "رنكى كول".
ثانيا: إن ما كتبتموه أنت والسيد شريف حول رسالة "حكمة الاستعاذة" و"أسرار البسملة" إفادات مقتضبة جدا بحيث لا يُفهم أهو تقدير أم نقد؟ علما أنني قلت مكرراً: إن كل شخص ليس محتاجا إلى إدراك كل مسألة من مسائل كل رسالة، بل يكفيه ما فهم منها.
ثالثا:إن عالم المثال برزخ بين عالم الأرواح وعالمِ الشهادة، فهو شبيه بكل منهما بوجه. حيث إن أحد وجهيه ينظر إلى ذاك والآخر إلى هذا.
مثلا: إن صورتك المثالية في المرآة شبيهة بجسمك وهي لطيفة كروحك في الوقت نفسه. فذلك العالم، عالم المثال، ثابت قطعا كقطعية ثبوت عالم الشهادة وعالم الأرواح ([1]) فهو مشهر العجائب والغرائب وهو متنـزه أهل الولاية، فكما أن القوة الخيالية موجودة في الإنسان الذي هو عالم صغير، كذلك عالم المثال موجود في العالم الذي هو إنسان كبير بحيث يؤدي تلك المهمة. فهذا العالم ذو حقيقة. فكما تخبر القوةُ الحافظة في الإنسان عن اللوح المحفوظ، فالقوة الخيالية أيضا تخبر عن عالم المثال.
الباقي هو الباقي
أخوكم
سعيد النورسي
([1]) أعتقد أن وجود عالم المثال مشهود. وتحقُّقُه بديهي كبداهة عالم الشهادة، حتى إن الرؤيا الصادقة والكشف الصادق، والتمثلات في الأشياء الشفافة، ثلاث نوافذ مطلة من هذا العالم إلى ذلك العالم بحيث تظهر للعوام وللناس كلهم جوانبُ من ذلك العالم. (المؤلف).
