المسألة الأولى: [ما تولده سذاجة المسلمين]
لقد ورد في التنبيه سببان خاصان في عدم استجابة الدعوات الكثيرة -المرفوعة في شهر رمضان الفائت لسلامة أهل السنة والجماعة ونجاتهم- استجابة جلية في الوقت الحاضر.
السبب الأول: إن خاصية هذا العصر العجيبة هي غلو المسلمين في السذاجة وتسامحهم وتجاوزهم عن خطيئات جناة رهيبين، إذ لو رأى أحدُهم حسنة واحدة من شخص ارتكب ألوف السيئات وتعدّى على حقوق ألوف العباد، سواء على حقوقهم المعنوية أو المادية، ينحاز إلى ذلك الظالم لأجل تلك الحسنة الواحدة. وبهذه الصورة يشكّل أهلُ الضلالة والطغيان الأكثرية العظمى من الناس رغم أنهم قلة قليلة جدا، وذلك لموالاة أولئك السذج لهم، ولأجله يُنـزل القدرُ الإلهي المصيبة العامة التي تترتب وتنبني على خطأ الأكثرية. بل إن عملهم هذا يُعين على دوام المصيبة واستمرارها، بل على شدّتها. حتى يقولوا هم بأنفسهم: نعم، نحن نستحق هذه المصيبة.
نعم، إن من يعرف قيمة الألماس -كالإيمان والآخرة- ثم يرجّح عليه قطعا من الزجاج -كالدنيا والمال- لضرورة قطعية، فله رخصة شرعية. إلاّ أن تفضيله هذا إن كان ناشئا من حاجة بسيطة جدا أو من خوف جزئي، أو من هوى متّبع أو من طمع، فهو خسران بجهالة وبلاهة يستحق لطمة تأديب عليها.
ثم إن التجاوز عن السيئات والعفو والصفح إنما يكون عن حقوق الشخص نفسه. أي له أن يعفو ويصفح عمن تعدّى على حقوقه وليس له العفو والسماح عن الذي يهضم حقوق الآخرين من الجناة والطغاة. إذ يكون شريكا معهم في ظلمهم.
السبب الثاني: لم يؤذن لكتابته.
