[من وظائف السيد المهدى]

إخوتى الأعزاء!

كتبت لكم الفقرتين الآتيتين قبل يومين تتمة لما كُتب لكم سابقا من جواب حول حسن ظنكم النابع من وفائكم الخالص بما يفوق حدي بكثير جدا. إذ إن الحكمة في جوابي السابق -قبل أسبوع- والذي يجرح إلى حدٍّ ما حسن ظنكم المفرط، لرسالتكم المترشحة من وفائكم الخالص وهممكم العالية هي الآتية:

في هذا العصر تيارات قوية ومسيطرة إلى درجة تستحوذ على كل شيء، وتستولي عليه، و تمتلكه لنفسها، وتسخره لأجلها، فلو أتى ذلك الذي يُنتظر مجيؤه حقا في هذا العصر، فإنني أرى أنه يغيّر هدفَه، ويجرّد نفسه من الأجواء والأحوال الدائرة في عالم السياسة، حفاظا على أعماله من أن تغتصبها تلك التيارات.

ثم إن هناك ثلاث مسائل هي:

الحياة.. الشريعة.. الإيمان.

وأن مسألة "الإيمان" هي أهم هذه المسائل الثلاث وأعظمُها في نظر الحقيقة. بيد أن "الحياة" و "الشريعة" تبدوان في نظر الناس عامة وضمن متطلبات أوضاع العالم أهم تلك المسائل. ولما كان تغيير أوضاع المسائل الثلاث كلها دفعة واحدة في الأرض كافة لا يوافق سنة الله الجارية في البشرية، فإن ذلك الشخص المنتظر لو كان موجودا في الوقت الحاضر لاتخذ أعظمَ تلك المسائل وأهمها أساسا له دون المسائل الأخرى، وذلك لئلا تفقد خدمةُ الإيمان نزاهتَها وصفاءها لدى الناس عامة، ولكي يتحقق لدى عقول عوام الناس -الذين يمكن أن يُستغفلوا ببساطة- أن تلك الخدمة ليست أداة لأي مقصد آخر.

ثم إن معاول الهدم ومطارق التخريب تعمل منذ عشرين عاما مقترفة أشدَّ أنواع الظلم وأقسى ضروب التعسف لإفساد الأخلاق حتى ضاعت الثقة والوفاء إلى درجة لم يعد يوثق بشخص واحد من كل عشرة أشخاص، بل من كل عشرين شخصا.

فتجاه هذه الحالات المحيرة لابد من ثبات عظيم وصلابة تامة ووفاء خالص وغيرة على الإسلام تفوق كل شيء.. وبخلافه ستبقى خدمةُ الإيمان عقيمةً بائرة، وتكون ضارة. بمعنى أن أخلصَ خدمة وأسماها وأهمها وأولاها بالتوفيق هي الخدمة السامية التي يعمل فيها طلاب رسائل النور.

وعلى كل حال يكفي هذا القدر لهذه المسألة في الوقت الحاضر.

Ekranı Genişlet