مسائل متفرقة
المسألة الأولى:
سؤال: ما حكمة كثرة الصلاة على الرسول r، وما سرّ ذكر السلام معها؟
الجواب: إن الصلاة على الرسول الكريم r وحدها طريقُ الحقيقة، فهوr مع أنه قد حظي بمنتهى الرحمة الإلهية قد أظهرَ الحاجة إلى منتهى الصلاة عليه، ذلك لأن الرسول الكريم r ذو علاقة مع آلام الأمة جميعا، وله حظ بسعاداتهم. ولعلاقته بسعادة جميع الأمة المتعرضة لأحوال لا نهاية لها في مستقبل غير محدود يمتد إلى أبد الآباد، أظهر r الحاجة إلى منتهى الصلاة عليه.
ثم إن الرسول الكريم r عبدٌ، وهو رسولٌ في الوقت نفسه، فيحتاج إلى الصلاة من حيث العبودية، ويحتاج إلى السلام من حيث الرسالة. إذ العبودية تتوجه من الخلق إلى الخالق حتى تنال المحبوبية والرحمة، فـ الصلاة تفيد هذا المعنى؛ أما الرسالة فهي بعثة من الخالق سبحانه إلى الخلق، فتطلب السلامة (للمبعوث) والتسليم له، وقبولَ مهمته والتوفيق لإجراء وظيفته. فلفظ السلام يفيد هذا المعنى.
ثم إننا نقول "سيدنا" ونعبّر به: يا رب ارحم رئيسَنا الذي هو رسولُكم إلينا ومبعوثُنا إلى ديوان حضرتكم، كي تسري تلك الرحمةُ فينا.
اللّٰهم صلّ وسلّم على سيدنا محمد عبدك ورسولك وعلى آله وصحبه أجمعين.
المسألة الثانية:
جواب قصير لسؤال طويل أورده أحد إخواننا.
إذا قلت: ما هذه الطبيعة التي زلّ إليها أهلُ الضلال والغفلة فدخلوا الكفر والكفران وسقطوا إلى أسفل سافلين بعد أن كانوا في مرتبة أحسن تقويم؟
الجواب: إن ما يطلقون عليه بـ "الطبيعة" هو: الشريعة الفطرية الإلهية الكبرى، التي هي عبارة عن مجموع قوانين عادة الله، التي تبين تنظيم الأفعال الإلهية ونظامها.
من المعلوم أن القوانين أمور اعتبارية، لها وجود علمي، وليس لها وجود خارجي. ولكن الغفلة والضلالة أدت بهم إلى الجهل بالكاتب والنقاش الأزلي، لذا ظنوا الكتابَ والكتابة كاتبا، والنقشَ نقاشا، والقانونَ قدرةً، والمِسطر مصدرا، والنظامَ نظّاما، والصنعة صانعا!
فكما إذا دخل إنسان جاهل لم يَر الحياة الاجتماعية إلى معسكر عظيم وشاهد حركات الجيش المطردة وفق الأنظمة المعنوية، خُيّل إليه أنهم مربوطون بحبال مادية، أو دخل مسجدا عظيما وشاهد الأوضاع الطيبة المنظمة للمسلمين في صلاة الجماعة أو العيد، تخيل أنهم مربوطون بروابط مادية.. كذلك أهلُ الضلالة الذين هم أجهل من ذلك الجاهل يدخلون هذا الكون الذي هو معسكر عظيم -لمن له جنود السماوات والأرض سلطان الأزل والأبد- أو يدخلون هذا العالم الذي هو مسجد كبير للمعبود الأزلي، ثم يذكرون أنظمة ذلك السلطان باسم الطبيعة، ويتخيلون شريعته الكبرى المشحونة بالحِكم غير المتناهية أنها كالقوة أو كالمادة صماء عمياء جامدة مختلطة.
فلا شك أنه لا يقال عن مثل هذا: إنه إنسان، بل حتى لا يقال له حيوان وحشي، لأن ما تخيله "طبيعة" يفرِض عليه أن يمنح كلَّ ذرة وكلَّ سبب قوةً قادرة على خلق الموجودات كلها وعلما محيطا بكل شيء، بل عليه أن يمنح كلَّ ذرة وكلَّ سبب جميعَ صفات الواجب الوجود. وما ذاك إلاّ محال في منتهى الضلالة بل هذيان نابع من بلاهة الضلالة.
فـ "الكلمات" ورسائل أخرى قد أردتْ مفهومَ الطبيعة قتيلا في مائة موضع وموضع، وإلى غير رجعة! وكذا "الكلمة الثانية والعشرون" أثبتت هذا الأمر إثباتا قاطعا.
الحاصل: لقد أُثبتت في "الكلمات" إثباتا قاطعا: أن الذي يؤلّه الطبيعة يضطر إلى قبول آلهة غير متناهية لإنكاره الإله الواحد، فضلا عن أن كلَّ إله قادرٌ على كل شيء، وضدُّ كلِّ إله، ومثله.. وذلك لينتظم الكون!. والحال أنه لا موضع للشريك قطعا، بدءا من جناح ذبابة إلى المنظومة الشمسية ولو بمقدار جناح الذباب، فكيف يُتدخل في شؤونه تعالى غيره؟
نعم، إن الآية الكريمة: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾(الأنبياء:22) تقطع أساس الشرك والاشتراك ببراهين دامغة.
المسألة الثالثة:
إن الكفر بذرة لجهنم معنوية، كما أن ثمرته جهنم مادية -كما أُثبت في الكلمة الثانية والثامنة وفي سائر الكلمات- فكما أنه سببٌ لدخول جهنم، فهو سببٌ لوجودها. إذ كما أن حاكما صغيرا بعزة ضئيلة وغيرة قليلة وجلال بسيط لو قال له شرير: لا تقدر على عقابي، ولن تقدر. فإنه بلا شك ينشئ لذلك الشرير سجنا ويقذفه فيه حتى لو لم يكن هناك سجن.
كذلك الكافر بإنكاره جهنم، فإنه يَصِم من له منتهى الغيرة والعزة والجلال، ويكذّبه ويتهمه بالعجز والكذب، فيمسّ عزته بشدة ويتعرض لجلاله بسوء. فلا شك لو لم يكن أي سبب لوجود جهنم -فرضا محالا- فإنه سبحانه يخلقها لذلك الكفر المتضمن للاتهام بالعجز والتكذيب إلى هذا الحد، وسيقذف فيها الكافر.
المسألة الرابعة:
إذا قلت: لماذا يتغلب أهلُ الكفر والضلال على أهل الهداية في الدنيا؟
الجواب: لأن اللطائف الإنسانية واستعداداتها التي مُنحت لشراء الألماس الأبدي تُحيلُها بلاهةُ الكفر وسُكرُ الضلالة وحيرةُ الغفلة إلى قطع زجاجية تافهة وبلورات ثلجية سرعان ما تزول. فلا شك أن الزجاج المتكسر الجمادَ لأنه قد أُشتري بثمن الألماس، يُصبح كأنه أفضل زجاج وأجلى جماد!
كان فيما مضى جوهري ثري، فقدَ عقله وأصبح معتوها، ولما ذهب إلى السوق أخذ يعطي خمس ليرات ذهبية لقطعة زجاجية لا تساوي شيئا. ولما رأى الناس هذا منه، بدأوا يعطونه ما لديهم من زجاج، حتى الأطفال أعطوه بلورات ثلجية لقاء قطعة ذهب.
وكذا، فقد سكِر سلطان في زمن ما، ودخل ضمن الأطفال ظنا منه أنهم وزراء وقواد، وبدأ بإصدار أوامر سلطانية إليهم. سُرّ الأطفال بذلك، وقضى هو لهوا بينهم لطاعتهم له.
وهكذا الكفر بلاهة، والضلالة سُكر، والغفلة حيرة، بحيث يشترى الكافر المتاع الفاني بدلا من الباقي. وهذا هو السر في قوة مشاعر أهل الضلالة. فيشتد العناد والحرص والحسد وأمثالها من الأحاسيس لديهم، حتى ترى أحدهم يعاند لسنة كاملة لما لا يساوي دقيقة واحدة من الاهتمام.
نعم، إنه ببلاهة الكفر وسكر الضلالة وحيرة الغفلة تهوي اللطيفةُ الإنسانية التي خُلقت –فطرةً- للأبد والأبدية، فتأخذ أشياء فانية بدلا من الباقية وتعطيها ثمنا غاليا.
وهناك مرض عصبي أو مرض قلبي ينتاب المؤمن أيضا حتى إنه -كأهل الضلالة- يعطي اهتماما لما لا يستحق الاهتمام به. لكن سرعان ما يدرك خطأه فيستغفر ربه ولا يصر عليه.
المسألة السادسة "مسالة صغيرة".
إن سبب إطلاق اسم "رسائل النور" على مجموع الكلمات (وهي ثلاث وثلاثون كلمة)، والمكتوبات (وهي ثلاثة وثلاثون مكتوباً)، واللمعات (وهي إحدى وثلاثون لمعة) والشعاعات (وهي ثلاثة عشر شعاعاً) هو أن كلمة النور قد جابهتني في كل مكان طوال حياتي، منها:
أن قريتي اسمها: نورس.
واسم والدتي المرحومة: نورية.
وأستاذي في الطريقة النقشبندية: سيد نور محمد.
وأستاذي في الطريقة القادرية: نور الدين.
وأستاذي في القرآن: نوري.
وأكثر من يلازمني من طلابي من يسمّون باسم نور.
وأكثر ما يوضح كتبي وينورها هو التمثيلات النورية.
وأول آية كريمة التمعت لعقلي وقلبي وشغلت فكري هي ﴿اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ...﴾(النور:35).
وأكثر ما حل مشكلاتي في الحقائق الإلهية هو: اسم "النور" من الأسماء الحسنى.
ولشدة شوقي نحو القرآن وانحصار خدمتي فيه فإن إمامي الخاص هو سيدنا عثمان ذو النورين رضي الله عنه
جواب لسؤال حول تغليف الأسنان.
جواب لسؤال السيد خلوصي
أكتب لكم مجملا مسألة أو مسألتين شرعيتين:
إن المضمضة سنة في الوضوء وليست فرضا. بينما هي فرض في الاغتسال، فلا يجوز بقاء داخلِ الفم دون غَسل ولو شيئا جزئيا. ولهذا لم يجرأ العلماء على الفتوى بجواز تغليف الأسنان. والإمام أبو حنيفة والإمام محمد رضي الله عنهما لهما فتاوى في جواز صنع الأسنان من الفضة أو الذهب بشرط ألاّ يكون تغليفا ثابتا. بينما هذه المسألة منتشرة بحيث أخذت طور البلوى العامة، لا يمكن رفعها.
فوردت إلى القلب فجأةً هذه النقطةُ: إنه ليس في طوقي ولا من حدّي التدخل في مهمة المجتهدين، ولكني أقول على الرغم من عدم ميلي إلى ضرورة عموم البلوى: إذا أوصى طبيب حاذق متدين بتغليف السن، عند ذاك تخرج السن من كونها من ظاهر الفم وتكون بمثابة باطنه. فلا يبطل الاغتسال بعدم غسلها، لأن غلافها يُغسل فحلّ محلها. فكما يَحِل شرعا غسلُ أغلفة الجرح محل الجرح نفسه لوجود المضرة، فغسل هذا الغلاف الثابت -المبني على الحاجة- يحل محل غسل السن، فلا يبطل الاغتسال. والعلم عند اللٰه.
ولما كانت هذه الرخصة تقع للحاجة، فلا شك أن الذي يقوم بتغليف الأسنان أو حشوها للتجميل لا يستفيد من هذه الرخصة، لأنه لو عمل ذلك بسوء اختياره حتى في حالة الضرورة لا تباح له ذلك. ولكن لو كان قد حدث دون علمه فالجواز للضرورة.
سعيد النورسي
[حول رسالة الحشر]
النكتة الثالثة للمسألة الثامنة من المكتوب الثامن والعشرين.
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم وعلى والديكم وعلى إخوانكم وعلى رفقائكم في درس القرآن
أخي العزيز!
أولا: لقد سرّني كثيرا رأيكم: أنه لا داعي لما رآه عبد المجيد من أن المبحث الثالث للمكتوب السادس والعشرين، زائد لا داعي له، بناء على حذر في غير محله. علينا أن ندرك أننا نحظى بسر الآية الكريمة ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾(البقرة:135). والتي تشير إلى اتباعنا سيدنا إبراهيم عليه السلام الذي نال ثناء القرآن الكريم في قوله تعالى ﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ﴾(الأنعام:81).
ثانيا: يكتب عبد المجيد أن مفتيا -من أهالي مدينة لهم صداقة عامة نحوي- قد أورد انتقادات واهية، بنظر سطحي عابر على تفرعات "الكلمة العاشرة". فأجوبة عبد المجيد له كافية، عدا موضعين. إذ هو الآخر قد أجاب جوابا سطحيا في موضعين اثنين حول ذلك السؤال السطحي.
الأول: لقد قال ذلك الفاضل: إن حقائق "الكلمة العاشرة" ليست للمنكرين، لأنها مؤسسة على الصفات الإلهية والأسماء الحسنى. ويقول عبد المجيد في جوابه له: قد حمل المنكرين على الإقرار بالإيمان في الإشارات الأربعة التي تسبق الحقائق، ثم يسرد الحقائق.
والجواب الحقيقي هو الآتي:
إن كل حقيقة من الحقائق -الاثنتي عشرة لهذه الرسالة- تثبت أموراً ثلاثة في آن واحد: وجود واجب الوجود، وأسمائه وصفاته، ثم تبني الحشر على تلك الأمور وتثبته. فيستطيع كل شخص من أعتى المنكرين إلى أخلص المؤمنين أن يأخذ حظه من كل حقيقة، لأنها تلفت الأنظار إلى الموجودات والآثار، وتقول: "في هذه الموجودات أفعال منتظمة، والفعل المنتظم لا يكون بلا فاعل، لذا فلها فاعل. ولما كان الفاعل يفعل فعله بالانتظام والنظام يلزم أن يكون حكيماً عادلاً، وحيث إنه حكيم، فلا يفعل عبثاً، وحيث إنه يفعل بالعدالة فلا يضيّع الحقوق، فلا بد إذن من محشر أكبر ومحكمة كبرى".
وعلى هذا المنوال تسير الحقائق، وتلبس هذا الطراز من التسلسل، وتثبت الدعاوى الثلاث دفعة واحدة. ولأنها مجملة فالنظر السطحي يعجز عن التمييز. علماً أن كل حقيقة منها قد فصلت بإيضاح تام في رسائل أُخر وفي "الكلمات".
الجواب الثاني الناقص الذي أورده عبد المجيد:
لقد أخطأ عبد المجيد لمسايرته السؤال الخطأ لذلك الفاضل ولقبوله الخطأ، لأنه لم يُذكر في حاشية "الكلمة العاشرة" أن الاسم الأعظم هو عبارة عن مرتبة عظمى لكل اسم فقط. بل ذكرنا في مواضع كثيرة: أن الحشر يظهر من الاسم الأعظم ومن المرتبة العظمى لكل اسم. فمع إثبات الرسالة- الكلمة العاشرة- الاسمَ الأعظم، فلكل اسم مرتبة عظمى أيضا بحيث حظي الرسول الأعظم r بهذه المراتب. فالحشر الأعظم أيضا متوجه إليها.
فمثلا: اسم "الخالق" له مراتب ابتداءً من مرتبة كونه سبحانه وتعالى خالقي إلى المرتبة العظمى في كونه خالقا لكل شيء.
وقد قال ذلك الفاضل الذي ساوره الشك: إن وجود مرتبة عظمى لكل اسم من كلام فلاسفة المتصوفة، قاصدا ردّه. بينما يتغير الاسم بالنسبة للإمام الأعظم أبى حنيفة والإمام الغزالى وجلال الدين السيوطي والإمام الرباني والشيخ الكيلاني وأمثالهم من المحققين الصدّيقين. فقد قال الإمام الأعظم:إن الاسم الأعظم هو: العدل، الحكم.. وهكذا.
على كل حال يكفي هذا القدر لهذه المسألة.
وقد جعلتنى انتقادات ذلك الفاضل ممتنا بثلاث جهات:
أولاها: أنه عجز عن الانتقاد مع إرادته له. مما يبين أن حقائق "الكلمة العاشرة" تستعصي على الجرح والنقد. إلاّ ما كان موجها إلى بعض العبارات في الفرعيات.
ثانيتها: نسأل الله تعالى أن تحث تلك الانتقادات همةَ عبد المجيد الفطن الغيور ليصبح رفيق "خلوصي" نشطا نابها أهلا لصداقته.
ثالثتها: أن ذلك الفاضل راغب في الرسائل، ولهذا انتقد، إذ الذي لا يرغب في شيء لا يهتم به، لذا سيستفيد بإذن الله من الرسائل في المستقبل استفادة تامة.
يمكنكم إجمال هذه النكتة إجمالا جيدا وإرسالها إلى ذلك الفاضل، مع تحياتي له وامتناني منه.
أخوكم
سعيد النورسي
[خادم الشخص المنتظر]
أخي العزيز الغيور، يا أخي في الآخرة ورفيقي في خدمة القرآن، صبري الأول وخلوصي الثاني!.
أبارك حُسن فهمكم وإدراككم الجيد للمكتوب العشرين واستنساخكم الجيد له، تذكرون في رسالتكم رغبتكم في تلقي درس في علم الكلام مني. أنتم يا أخي تتلقون ذلك الدرس فعلا، فما استنسختموه من "الكلمات" دروس منورة لعلم الكلام الحقيقي.
فقد قال علماء محققون، كالإمام الرباني: سيبين أحدُهم في آخر الزمان علم الكلام -أي المسائل الإيمانية الكلامية لمذهب أهل الحق- بيانا جليا بحيث يفوق على جميع ما كتبه أهلُ الكشف والطريقة الصوفية، فيكون وسيلة لنشر تلك الأنوار. حتى إن الإمام الرباني قد رأى نفسه ذلك الشخص.
فأخوك هذا العاجز الفقير الذي لا يُذكر بشيء لا يمكنني أن ادّعي -بما يفوق حدّي ألف مرة- أنني ذلك الشخص المنتظر، إذ لست أهلا لأكون ذاك من أية ناحية كانت. ولكن يمكنني أن أقول: إنني أظن نفسي خادما لذلك الشخص المنتظر، أهيئ الميدان لمجيئه، وجنديا من جنود طلائعه، ولهذا فقد أحسستم بتلك الرائحة العجيبة من تلك الأمور المكتوبة.
[حول توافقات القرآن الكريم]
باسمه سبحانه
﴿وَإنْ مِنْ شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعدد حروف القرآن وأسرارها
يا سلوانى في دار الفناء هذه، ويا أنسي في دار الغربة هذه، يا من تحثونني على الكلام في الأسرار القرآنية بشوقهم ولهفتهم. يا إخوتي المخاطبين الأذكياء المتفرسين!
لأجل إشعاركم مبلغ عملي الذي يُرثى له بخط ناقص رديء، ولأجل إحساسكم كم هو مهم لديّ أقلامُكم القيمة، فقد أرسلت لكم بخطي "فهرس الحروف القرآنية"([1]) من دون تصحيح، للاطلاع عليه لدقائق. والحال أنكم تأملتم فيه ساعات طوالا بدلا من دقائق قليلة ودونتموه لأيام عدة. فأدركت من هذا أنكم تهتمون بذلك الفهرس اهتماما بالغا. لذا أُرسل لكم القائمة نفسها بعد تبييضها، فيمكنكم استنساخها. ولكن اعلموا أن هذا الفهرس قد كتب بشكل تقريبي ليكون مرجعا موقتا، فقد كتبته في ظرف تسع ساعات مع خطي الرديء وكتبت قسما منه استنادا إلى محفوظاتي السابقة والآخر بناء على مقياسين اثنين، ثم أدركت أن هناك تفسيرا([2]) في هذا الباب، فجلبناه، وقابلناه مع قائمتنا فشاهدنا أن الغالبية العظمى متوافقة، إلاّ أن هناك خلافا في عدد قليل من المجموعات وفي حوالي خمسة عشر موضعا من المواضع الجزئية.
ونتيجة التحقيقات أدركنا أن المخالفة هي نتيجة أخطاء مطبعية للتفسير والمستنسخين، بينما صححنا مسوّدتنا في مكانين أو ثلاث، ثم أدركنا أنّا أخطأنا في ذلك التصحيح. فلم نغير بعدُ قائمتنا. وظننا أن التفسير بحاجة إلى تصحيح من جراء الأخطاء المطبعية. ولكن لم أجرؤ على التصحيح لأن صاحبه مدقق عظيم والمطبعة قريبة للجامع الأزهر وقد أشرف على الطبع علماء أزهريون.
أبعث لكم التفسير نفسه مع الفهرس المبيّض، لتطالعوهما ولكن لا تحاولوا الانتقاد، لأن قائمتي تقريبية فلم أجعلها تحقيقية، أما التفسير فهو يعتمد على الروايات على الأغلب. ثم إن هناك بعض السور المكية دخلت فيها آياتٌ مدنية وربما لم يدخلها في العدّ. فمثلا ذكر أن عدد حروف سورة العلق مائة ونيف، ومراده النصف الأول منها النازل أول مرة. فقد أصاب. أما أنا فاستنادا إلى ما حفظته سابقا أخطأت فيما أصاب فيه حيث أخذت السورة بمجموعها.
ثم إن أسرار التوافقات تأخذ بنظر الاعتبار المجاميع الكلية. فالفهرس التقريبي كافٍ لنا. والتوافقات المذكورة في النكات الثلاث لدعاء "كنـز العرش"([3]) لا تتغير بتغير الكسور. ولا تفسد تلك التوافقات حتى بتغير المجاميع الكبيرة. مثلا سورة الكهف ومعها تسع وثلاثون سورة تتفق في عدد الألف. فإذا ما فقدت إحدى السور أو اثنتان منها ذلك العدد الألف فلا يفسد ذلك التوافق.. وهكذا. رغم أن الكسور لها أسرار فإنها لم تفتح أمامنا بعد فتحا جليا. ونسأل الله أن يفتحها لنا وعندها يأخذ الفهرس صورته التحقيقية.
سعيد النورسى
[الرسائل من العلوم الإيمانية]
أولا: إن هذه الكلمة (الكلمة العاشرة) لم تُقدّر حق قدرها؛ فقد طالعتُها بنفسي ما يقرب من خمسين مرة، وفى كل مرة أجد لذة جديدة وأشعر بحاجة إلى قراءة أخرى. فمثل هذه الرسالة يقرؤها بعضهم مرة واحدة ويكتفي بها وكأنها رسالة كسائر الرسائل العلمية، والحال أن هذه الرسالة من العلوم الإيمانية التي تتجدد الحاجة إليها في كل وقت كحاجتنا إلى الخبز كل يوم.
سعيد النورسي
[سعادتي بدعائكم]
فقرة غريبة لمسعود
عندما كنت أكدّ في ضرب المنجل لحصاد الشعير، والقمر ينور الأرجاء، والجو اللطيف ينمّي الشعير. تأملت في حالي يائسا وأنا غارق في هذا النور الوضيء، ولكن لا يكف عمل المنجل من الانتهاء. فأظل محروما من استنساخ رسائل النور. فقلت ما ورد على الخاطر، ولا أعلم أهو من الغفلة أم من طلوعات قلبية: "يا رب إن اسمي مسعود، ولكنى غير مسعود، فقد كدحت في العمل ولم أسعد!. واستمررت في الحصاد". وبعد فترة غلبني النوم ورأيت فيما يرى النائم أن أحدا يقول لي: لا تغادر طرف ثوب الأستاذ فهو الذي يجعلك مسعودا. أفقتُ من النوم، والقمرُ على وشك الغروب. فقلت حالا: "أستغفرك يا رب، إنني لم أطلب السعادة الدنيوية". فيا أستاذي لقد لُقِّنت أن سعادتي الأخروية ستحصل بدعائكم. فأرجو دعاءكم. وتقبلوا فائق الاحترام مقبّلا أيديكم وأقدامكم يا سيدي.
مسعود
[الرسائل مرشدة]
رسالة "مزينة" من إخواننا في الآخرة وطالبات رسائل النور.
أستاذي المحترم!
إن عيوني الغارقة في آلام هذه الدنيا الفانية، ارتبطت "بكلماتكم" المؤثرة وبرسائلكم الشافية من كل قلبي وروحي، وكلما قرأتها أدركتُ كم هي مرشدة تلك الرسائلُ، بحيث أعجز عن وصفها.
نعم، إن المظالم التي أرخت سدولَها وخيّمت على الدنيا في هذا الزمان، تُمزقها وتهتكها "كلماتكم" فتُبدد تلك الظلمات وتشتت تلك الغفلات. أيُّ عقل يا ترى يمكن أن يقذف نفسه في الظلمات بعد أن شاهد الحقيقة وسطوعَ أنوارها، فيغمض عينه دونها. فأنا بفضل الله تعالى لا أرمي نفسي إلى الظلمات مذ أصبحت محظوظةً وسعيدةً. فلا أرجع إلى الشقاء بإذن الله مرة أخرى.
أستاذي، إنني محرومة كسائر أخواتي من أخذ الدرس منكم بالذات، ولكني أتصور أنى آخذه غيابيا منكم باستماعي إلى تلك "الكلمات" الرفيعة مرة في الأسبوع أو في الشهر، فأتصور كأنني أتلقاه منكم مباشرة. نتضرع إلى المولى القدير دائما -وأنتم في المقدمة ونحن مِن خلفكم- لسلامة المسلمين وليحوّل حالنا وحالي من الظلمات إلى النور وليُنعم علينا سبحانه بأفضاله.
إن لساني وعجزي وقصوري لا يسمح لي بالإسهاب والاستمرار في الكلام. فأنا معترفة بالتقصير يا أستاذي.
نسأله تعالى أن يجعل لنا يوما ننجو فيه -بتأثير الرسائل- من الأوضاع التي نفعلها دون اختيارنا وخارج إرادتنا -بإرشاد كلماتكم- كما نجا منها أخونا المتقي المستقيم السيد لطفي.
لقد تسلمنا من أخينا ذكائي "الكلمة السابعة عشرة" و"المكتوب الثامن عشر والعشرين" ورسالة "النوافذ" الساطعة بالأنوار، وبدأنا بمطالعتها.
هذا ولا يغادر أيدينا أستاذُنا الحقيقي وهو القرآن العظيم.
مزينة
[قراءة الرسائل عبادة فكرية]
أخي العزيز السيد رأفت!
تسلمت رسالتكم والكتاب المرسل معها، بكل سرور وامتنان. ولقد شعرت فيكم روحَ أحد طلابى "خلوصي" الذي أكن له حبا عميقا. فقبلتك طالبا للنور، وليس طالبا حديثا بل قديما كقدم خلوصي. إن خاصية الطالب هي أن يتبنى العملَ للرسائل المؤلّفة كأنه هو صاحبها، وكأنه هو الذي ألّفها وكتبها فيسعى جادا لنشرها وإبلاغها إلى من هو أهل لها.
إن خطكم جميل.. بارك الله فيكم. فإن كان لكم متّسع من الوقت، فاستنسخوا قسما من الرسائل. وقسم منها سيستنسخه طلابٌ مجدّون أمثال خسرو. وأنتم بدوركم تستلمون منهم وتستنسخونه وتكونون من المشاركين لهم في أعمالهم.
فلقد كنت أنتظر منذ سنوات أن يظهر في إسبارطة طلاب مجدّون، فالحمد لله والمنّة له وحده، فقد ظهر معكم عددٌ منهم، فالطالب الواحد يفضُل على مائة من الأصدقاء.
إن الأنوار القرآنية المسماة بـ "الكلمات" هي من نوع العبادة الفكرية التي تعدّ من أعظم العبادات.
إن المهمة الجليلة في هذا الوقت هي خدمة الإيمان. إذ هي مفتاح السـعادة الأبدية.
الباقي هو الباقي
أخوكم
سعيد النورسي
[حول الاسم الأعظم]
باسمه
﴿وَإنْ مِنْ شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخي العزيز الوفي السيد رأفت!
أنتم تتابعون الرسائل وتستنسخونها، كما كنت آمل، فبارك الله فيكم. إن سعيا قليلا من أمثالكم بمثابة الكثير، لأن الكثيرين يقلّدونكم لثقتهم بكم. ولقد غدت ديارُ الغربة هذه في حكم موطني الأصلي، لوجداني فيها إخوانا نشطين جادين مثلكم. بل أنستني موطني الأصلي.
إن مصدر علو المؤلفات ومعدنها السامي ومنبع رفعتها بعد القرآن الكريم هو وجود مخاطبين يدركونها حق الإدراك ويشتاقون إليها اشتياقا جادا. فلئن شكرتم الله لوجدانكم إياي مرة واحدة فأنا أشكره سبحانه ألف مرة لوجداني إياكم.
تسألون في رسائلكم عن الاسم الأعظم. إن الاسم الأعظم مخفي، مثلما الأجل مخفي في العمر، وليلة القدر في شهر رمضان. واستتار الاسم الأعظم ضمن الأسماء الحسنى فيه حِكَم كثيرة. ومن حيث زاوية نظري أن الاسم الأعظم الحقيقي مخفي. يُعرّف به الخواص. ولكن لكل اسم مرتبة عظمى بحيث تكون بمثابة الاسم الأعظم.
فتباين وجدان الأولياء للاسم الأعظم نابع من هذا السر الدقيق. فالاسم الأعظم للإمام علي رضي الله عنه ستة أسماء، كما ذكر في أرجوزته الواردة في كتاب "مجموعة الأحزاب" ([4]). وقد بيّن الإمام الغزالي مزايا ما ذكره الإمام علي رضي الله عنه من الاسم الأعظم وتلك الأسماء الستة المحيطة به، وشرحها في كتابه "جُنة الأسماء" وتلك الأسماء الستة هي: فرد، حيّ، قيوم، حكم، عدل، قدوس..
الباقي هو الباقي
أخوكم
سعيد النورسي
[كنت أكتب العلم في روحي]
ثالثا: تطلبون رسالة مني بخطي! فقد قيل لفاقد الشفاه: انفخ وأطفئ المصباح! فقال: لقد طلبتم أصعب الأمور، فلا أقدر عليه.
نعم، إن الله سبحانه وتعالى لم يهب لي جودة الخط، حتى إنني أملّ من كتابة سطر واحد وكأنه عمل مرهق. فكنت أقول في السابق -متفكرا لا شاكيا-: ربّ رغم احتياجي إلى الخط ومحبتي النظم لم تمنحني هاتين النعمتين. ثم تبيّن لي بيانا قاطعا، أنه كان إحسانا عظيما عدم منحي الشعر والخط. فإن معاونة أمثالكم من أبطال الكتابة تحقق لي حاجتي إلى الخط. فلو كنت أجيد الكتابة، لما كانت المسائل تقرّ في القلب، فما من علم بدأتُ به سابقا، إلاّ وكنت أكتبه في روحي لحرمانى من الكتابة الجيدة، فكانت تلك المَلَكة نعمة عظمى عليّ.
أما الشعر فرغم أنه وسيلة مهمة للتعبير، فإن الخيال يقضي فيه بحُكمه، فيختلط بالحقيقة ويغيّر من صورتها. وأحيانا تتداخل الحقائق. ولم يفتح القدرُ الإلهي باب الشعر أمامنا، عنايةً وفضلا منه تعالى، لأنه كان من المقدّر أن نكون في المستقبل في خدمة القرآن الكريم التي هي حق خالص ومحض الحقيقة. فالآية الكريمة ﴿وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ﴾(يس:69). متوجهة إلى هذا المعنى.
سأكتب لكم عدة سطور لأجلكم أنتم بإذن اللٰه...
الباقي هو الباقي
أخوكم
سعيد النورسي
[سبب الاستهلال]
أخي العزيز المدقق، ويا أخي في الآخرة ورفيقي في خدمة القرآن!
أولا: تستفسرون في رسالتكم عن سبب استهلالي الرسائل كلها بالآية الكريمة ﴿وَإنْ مِنْ شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾(الإسراء:44).
الجواب: إن حكمة ذلك هي أن أول باب فُتح لي من خزائن القرآن الكريم المقدسة هو هذه الآية الكريمة. فحقيقةُ هذه الآية ظهرت أول ما ظهرت لي من بين الحقائق القرآنية السامية، ولقد سرَت تلك الحقيقة في أغلب الرسائل.
وحكمة أخرى هي أن أساتذتي الكرام الذين أثق بهم قد استهلّوا بها رسائلهم.
وتسألون أيضا في رسالتكم عن الكبائر السبع، فأقول:
إن الكبائر كثيرة، إلا أن أكبر الكبائر وأعظم الذنوب التي تطلق عليها الموبقات السبع هي القتل والزنا والخمر وعقوق الوالدين (أي قطع صلة الرحم) والقمار وشهادة الزور وموالاة البدع التي تضر بالدين.
الباقي هو الباقي
أخوك
سعيد النورسي
[الرسائل قوت وغذاء]
14 شوال 1352
كانون الثاني 1934 ([5])
باسمه
﴿وَإنْ مِنْ شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي في الآخرة، العزيز المدقق، السيد رأفت، يا رفيقي المتفكر الناشد للحقيقة
أولا: تذكرون في رسالتكم أنكم كلما قرأتم موازين رسائل النور استفدتم أكثر.
نعم، يا أخي إن تلك الرسائل قوتٌ وغذاء لأنها مستقاة من القرآن الكريم، فكما يستشعر الإنسان الحاجة إلى الغذاء يوميا، يستشعر الحاجة إلى هذا الغذاء الروحاني أيضا. فلا يسأم من القراءة من انكشفت روحُه وانبسط قلبُه من أمثالكم. فهذه الرسائل القرآنية لا تشبه الرسائل الأخرى، فهي ليست من أنواع الفاكهة كي تُسئِم بل هي غذاء..
الباقي هو الباقي
أخوكم
سعيد النورسي
[حول الزيدية]
5 شباط 1934
باسمه
﴿وَإنْ مِنْ شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز الوفي المدقق المشتاق السيد رأفت!
ثانيا: إن سؤالكم حول الإمام زيد(*)، إمام أهل اليمن سؤال ذو أهمية ويُمن إلاّ أنه صادف وقتا لا يُمن فيه حيث الوضع لا يسمح، وذهني مسدود و... و... إلاّ أنني أقول:
إن الإمام زيدا من السادات العظام، ومن أئمة أهل البيت، وهو الذي ردّ غلاة الشيعة قائلا: اذهبوا أنتم الروافض، ولا يقرّ بالتبرئة من أبى بكر وعمر رضي الله عنهما، بل يقرّ بخلافتهما ويجلّهما. وإن أتباعه هم أعدلُ الشيعة وأقربُهم إلى السنة، فهم يتصفون بالإنصاف وقبولِ الحق بسرعة. وسيستقيم -بإذن اللّٰه- عُدول الزيديين عن أهل السنة والجماعة وسيلحقون بأهل السنة والجماعة ويمتزجون معهم.
إن هذا الزمان الأخير يضطرب كثيرا، وتُشعر فتنةُ آخر الزمان هذه بولادة أمور عجيبة. سلامي إلى من له علاقة بالرسائل.
الباقي هو الباقي
أخوكم
سعيد النورسي
[يمكنكم مجالسة سعيد]
15 شباط 1934
باسمه
﴿وَإنْ مِنْ شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثانيا: (...) وقد قلت لكم سابقا: لا أهمية لشخصي "سعيد" كي يُرغب في مجالسته ومحاورته.
أما "سعيد" الذي هو أستاذكم فيمكنكم مجالسته ومحاورته كلما فتحتم رسالة من الرسائل.
أما "سعيد" الذي هو أخوكم في الآخرة، فهو معكم صباح مساء في الدعاء والتضرع إلى المولى الكريم. فالسيد "سزائي" يمكنه أن يرى أستاذه وأخاه "سعيد" في أي وقت يشاء.
أما شخص "سعيد" فيندم بعض من يراه، حسب المثل "تسمع بالمعيدى خير من أن تراه" ([6]) ويقول: ليتني لم أره! إنه شبيه بطبل حسن الصوت من البعد فارغ في القرب.
الباقي هو الباقي
أخوكم
سعيد النورسي
[حول آل العباء]
14 نيسان 1934 الأربعاء
باسمه
﴿وَإنْ مِنْ شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز الوفي المدقق المهتم، السيد رأفت!
إن سؤالكم في هذه المرة ذو جهتين:
الأولى: جهة آل العباء، وهى سر، لست أهلا لذلك السر لأجيب عن سؤالكم، أو لا يمكن التعبير عن كل سر بالكتابة، لأن جلوة من جلوات الحقيقة المحمدية تظهر في آل العباء.
أما الجهة الثانية الظاهرية: فهي واضحة مبينة في كتب الأحاديث كصحيح مسلم، برواية أم المؤمنين عائشة الصدّيقة رضى الله عنها وهي:
"خرج النبي r غداة وعليه مرطٌ مرحّلٌ من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾(الأحزاب:33).
وأمثال هذا الحديث الشريف موجودة في الصحاح الستة بروايات مختلفة تبين آل العباء.([7])
وقد قال أحد الفاضلين للاستشفاء والاستشفاع ([8]):
لي خمسة أطفي بها نار الوباء الحاطمة المصطفى والمرتضى وابناهما وفاطمة
اكتفيت بهذا القدر حاليا، لا تتألم. سلامي لكل من ذكرتموه في رسالتكم فردا فردا، وأدعو لهم.
الباقي هو الباقي
أخوكم
سعيد النورسي
[تهنئة بولادة طفلة]
9/مايس/1934 الأربعاء
باسمه سبحانه
﴿وَإنْ مِنْ شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز الوفي المدقق السيد رأفت!.
أولا: إن قدومَ طفلتكم المباركة إلى الدنيا فأل خير لكم. أهنئكم عليها. وستنال بإذنه تعالى فيضا من أنوار الآية الكريمة ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى﴾(آل عمران:36). إذ الابنة التي رُزقتم بها -كما رزق أخونا عاصم- تجعلانكما في ظني أهلا لمزيد من التهنئة والتبريك؛ ذلك لأن أهم أساس في مشربنا هو "الشفقة" والبنات بطلات الشفقة والحنان، وهن المخلوقات المحبوبات. إنني أعتقد أن الأولاد الذكور في هذا الزمان أكثر خطرا من الإناث.
أسأله تعالى أن يجعلها مبعث سلوان وأنس لكم، ويجعلها كملاك صغير يجول في بيتكم. وأفضّل أن يكون اسمها "زينب" بدلا من "رنكى كول".
ثانيا: إن ما كتبتموه أنت والسيد شريف حول رسالة "حكمة الاستعاذة" و"أسرار البسملة" إفادات مقتضبة جدا بحيث لا يُفهم أهو تقدير أم نقد؟ علما أنني قلت مكرراً: إن كل شخص ليس محتاجا إلى إدراك كل مسألة من مسائل كل رسالة، بل يكفيه ما فهم منها.
ثالثا:إن عالم المثال برزخ بين عالم الأرواح وعالمِ الشهادة، فهو شبيه بكل منهما بوجه. حيث إن أحد وجهيه ينظر إلى ذاك والآخر إلى هذا.
مثلا: إن صورتك المثالية في المرآة شبيهة بجسمك وهي لطيفة كروحك في الوقت نفسه. فذلك العالم، عالم المثال، ثابت قطعا كقطعية ثبوت عالم الشهادة وعالم الأرواح ([9]) فهو مشهر العجائب والغرائب وهو متنـزه أهل الولاية، فكما أن القوة الخيالية موجودة في الإنسان الذي هو عالم صغير، كذلك عالم المثال موجود في العالم الذي هو إنسان كبير بحيث يؤدي تلك المهمة. فهذا العالم ذو حقيقة. فكما تخبر القوةُ الحافظة في الإنسان عن اللوح المحفوظ، فالقوة الخيالية أيضا تخبر عن عالم المثال.
الباقي هو الباقي
أخوكم
سعيد النورسي
[اللطائف العشر]
20 حزيران 1936 الأربعاء
باسمه
﴿وَإنْ مِنْ شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز الوفي المهتم السيد رأفت
تسألون في رسالتكم عن اللطائف العشر، إنني الآن لست في حالة تدريس الطريقة الصوفية. والعلماء المحققون النقشبنديون لهم آثار حول اللطائف العشر.
فوظيفتنا في الوقت الحاضر استخراج أسرار القرآن الكريم، لا نقل المسائل الموجودة. فلا تتألم، لا أستطيع سرد التفاصيل. إلاّ إنني أقول:
إن اللطائف العشر لدى الإمام الرباني هي: القلب، الروح، السر، الخفي، الأخفى، ولكل عنصر من العناصر الأربعة في الإنسان لطيفة إنسانية بما يناسب ذلك العنصر. وقد بحث إجمالا عن رقي كل لطيفة من تلك اللطائف وأحوالها في كل مرتبة من المراتب أثناء السير والسلوك.
إنني أرى أن في الماهية الإنسانية الجامعة، وفي استعداداتها الحياتية، لطائف كثيرة، ولكن اشتهرت عشرة منها. وقد اتخذ الحكماء والعلماء الظاهريون تلك اللطائف العشر أيضا وبصورة أخرى أساسا لحكمتهم، كالحواس الخمس الظاهرة والخمس الباطنة كنوافذ تلك اللطائف العشر أو نماذجها.
وللطائف العشر الإنسانية علاقة مع اللطائف العشر لدى أهل التصوف -كما هو متعارف بين العوام- فمثلا: الوجدان، الأعصاب، الحس، العقل، الهوى، القوة الشهوية، القوة الغضبية وأمثالها من اللطائف إذا أضيفت إلى القلب والروح والسر تظهر اللطائف العشر في صورة أخرى.
وهناك لطائف كثيرة غير هذه المذكورة، كالسائقة والشائقة والحس المسبق -قبل الوقوع- فلو كتبت الحقيقة حول هذه المسألة، لطالت. لذا اضطررت إلى الاقتضاب لضيق الوقت.
[المعنى الحرفي والاسمي]
أما سؤالك الثاني:
إذا نظرت إلى المرآة من حيث إنها زجاجة، فأنت ترى مادتها الزجاجية، وتكون الصورة المتمثِّلة فيها شيئا ثانويا، بينما إن كان القصد من النظر إلى المرآة رؤية الصورة المتمثلة فيها، فالصورة تتوضح أمامك حتى تدفعك إلى القول: ﴿فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾(المؤمنون:14) بينما يبقى زجاج المرآة أمرا ثانويا.
فالنظرة الأولى تمثل "المعنى الاسمي" أي: إن زجاجة المرآة معنى مقصود، وصورة الشخص المتمثلة فيها "معنى حرفي" غير مقصود.
أما النظرة الثانية فصورة الشخص هي المقصودة، فهي إذن معنى "اسمي" أما الزجاج فمعنى حرفي.
وهكذا ورد في كتب النحو تعريف الاسم: بأنه دلّ على معنى في نفسه. أما الحرف فهو الذي دلّ على معنى في غيره.
فالنظرة القرآنية إلى الموجودات تجعل الموجودات جميعها حروفا، أي أنها تعبّر عن معنى في غيرها، بمعنى أنها تعبّر عن تجليات الأسماء الحسنى والصفات الجليلة للخالق العظيم المتجلية على الموجودات.
أما نظرة الفلسفة -المادية- الميتة فهي تنظر على الأغلب بالنظر الاسمي إلى الموجودات، فتزل قدمها إلى مستنقع الطبيعة.
الباقي هو الباقي
أخوكم
سعيد النورسي
[مسلم غير مؤمن ومؤمن غير مسلم]
27حزيران 1934 الأربعاء
باسمه
﴿وَإنْ مِنْ شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخي العزيز المستفسر والمغالي في البحث والتحري، السيد رأفت!
إن ذكاءك الفائق وملاحظتك الدقيقة يدفعاننى إلى أن أجيب باختصار عن أكثر أسئلتكم، فلا تتألم، رغم أني أريد محاورتك إلاّ أن الوقت لا يسمح.
إن معنى مسلم غير مؤمن ومؤمن غير مسلم هو الآتي:
كنت أرى -في بداية عهد الحرية([10])- ملحدين داخلين ضمن الاتحاديين يقولون: إن في الإسلام والشريعة المحمدية دساتير قيمة شاملة نافعة جداً وجديرة بالتطبيق للمجتمع البشري ولاسيما للسياسة العثمانية. فكانوا ينحازون إلى الشريعة المحمدية بكل ما لديهم من قوة، فهم من هذه النقطة مسلمون، أي يلتزمون الحق ويوالونه، مع أنهم غير مؤمنين، بمعنى أنهم أهل لأن يدعَوا: "مسلمون غير مؤمنين".
أما الآن فهناك مَن يعتقد بنفسه الإيمان، فيؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر، إلاّ أنه يوالى التيارات المناهضة للشريعة والموافقة للأجانب، تحت اسم المدنية. ولما كان لا يلتزم بقوانين الشريعة الأحمدية التي هي الحق والحقيقة ولا يواليها موالاة حقيقية، فيكون إذن مؤمناً غير مسلم. ويصح القول: كما أن الإسلام بلا إيمان لا يكون سبباً للنجاة كذلك الإيمان بلا إسلام -على علم- لا يصمد ولا يمنح النجاة.
سؤالكم الثاني: الأجل المبرم والمعلق، فهو بتعبير آخر: الأجل المسمى وأجل القضاء، كما تعلمون.
الباقي هو الباقي
أخوكم
سعيد النورسي
[الفقه الأكبر والمسائل الفرعية]
باسمه
﴿وَإنْ مِنْ شَيءٍ إلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز الوفي المدقق السيد رأفت!
إن أفضل جواب وأسهله والحامل للرخصة الشرعية هو جوابكم أنتم. فقد قال شرح الملتقى "للداماد" وفي مرقاة الفلاح: كفارة واحدة كافية لشهري رمضان. فكفارة واحدة كافية لوقائع متعددة لأن التداخل موجود. وقد قالا: هو الصحيح.
وهناك العزيمة والرخصة في هذه المسألة من زاوية نظر الحقيقة. فالعزيمة أن لكل رمضان كفارته إن كان الشخص يطيق. أما جهة الرخصة فبمقتضى التداخل، فالفرض كفارة واحدة لعدة شهور رمضان. وتظل الكفارات المتفرقة في درجة المستحبات. ولأن معنى العقوبة ومعنى العبادة مندرجان في هذه الكفارة فلا يكره عليها. فضلا عن التداخل.
إننا منهمكون بأسس الإيمان المسمى بـ"الفقه الأكبر"، فلا يتوجه ذهني توجها جادا في الوقت الحاضر إلى نقل دقائق المسائل الفرعية ومراجعة مصادر المجتهدين ومداركهم، ولا يخفى عليكم أن الكتب أيضا ليست متوفرة لدي. فضلا عن أنه لا متسع لي من الوقت كي أراجعها. علاوة على ذلك فإن علماء الإسلام قد بحثوا هذه المسائل بتدقيقات صائبة بحيث لم تدع حاجة إلى تدقيقات عميقة في الفرعيات. فلو كنت أشعر بالحاجة الحقيقية لكنت أراجع المصادر القيمة للمجتهدين حول هذه المسائل وأمثالها وكنت أبينها لك. وربما لم يأت بعد زمن الانشغال بمثل هذه الحقائق..
الباقي هو الباقي
أخوكم
سعيد النورسي
مسألة تخص الاقتصاد
أيها الإنسان ويا نفسي!
اعلم يقينا أن بدنك وأعضاءك ووجودك ومالك وحيواناتك التي أنعم بها الله سبحانه عليك ليس للتمليك بل للإباحة. أي إنه ملّكك ملكَه لتستفيد، وأباحه لك للانتفاع، ولم يملّكه لك ملكا. فمثلُك العاجز عن إدارة المعدة -التي هي أسهل إدارة وأظهرها والداخلة ضمن الاختيار والشعور- كيف يكون مالكا للعين والأذن وأمثالهما من الحواس التي تستدعي إدارة خارجة عن دائرة الاختيار والشعور.
فما دامت الحياة وما تتطلبها من أمور لم تُمنح لك للتمليك بل للإباحة، فما عليك إلاّ العمل وفق دستور الإباحة، أي بمثل المُضيّف يستضيف ضيوفا ويبيح لهم الانتفاع مما وضع أمامهم في المجلس من دون تملك لها، إذ قاعدة الإباحة والضيافة هي التصرف ضمن رضى المضيّف. فلا يمكن الإسراف فيما أُبيح للضيف ولا إكرام أحد بشيء منه ولا التصرف فيه ولا تضييعه والعبث به، إذ لو كان تمليكا لكان يستطيع أن يتصرف فيه وفق رغباته وأهوائه.
فمثل هذا تماما؛ لا يجوز الانتحار وإنهاء الحياة التي وهبها لك الله سبحانه إباحةً، ولا يمكنك أن تفقأ عينك أي تفقأها معنىً باختلاس النظر إلى محرمات لا يرضى بها أصحابها. وكذا الأذن واللسان والأنف وما شابهها من الجوارح والحواس والأجهزة لا يمكن قتلها معنىً بالولوج في الحرام. فينبغي التصرف في جميع النعم في الدنيا وفق شريعة المُضيف الكريم.
سعيد النورسي
إنذار نهائي إلى مفتى "أكريدر"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سأدير معكم محاورة، لكونكم صديقا قديما وزميلا في العلم.
إنني أخبركم عن مصيبة دينية عظمية تتعلق بكلينا، فلنسع معا لدرء هذه المصيبة ورفعها. وهي كالآتي:
في الوقت الذي ينبغي أن يكون شخصكم الكريم أكثر اهتماما وأزيد تأييدا لعملنا للقرآن والإيمان وأسبق الناس في الذود عنه؛ نراكم مع الأسف تنظرون إلينا نظرة باردة تنطوي على روح المنافس، حتى اتخذتم منا موقف المنحاز المناوئ، لأسباب مجهولة. بل سعيتم في تعيين ابنكم مديرا في هذه القرية ([11]) ومن ثم إيجاد مؤازرين وأصدقاء له، مما آل الأمر إلى حالة ترتعد فرائصي بدلا منكم كلما فكرت في ماهيتها. وذلك لأنكم السبب والمسؤول عن الخطايا والآثام الناشئة من هذه الحالة، وذلك وفق قاعدة: "السبب كالفاعل".
فكما لا يتحول السم إلى ترياق بمجرد التسمية كذلك إطلاق أيّ اسم كان على أوضاع هيئة تُضمر روح الزندقة وتهيئ الأمور للإلحاد، لا يغير من الأمر شيئا. فليطلق عليها أي اسم كان، سواءً: الوطن الشاب، أو الوطنيين الميامين، فالمعنى لا يتغير. إذ الهيئات الموجودة في أماكن أخرى التي تتسمى بمنظمات الشباب ومجالس القوميين الأتراك، ومحافل التجدد، وما شابهها من الأسماء يمكن أن توجد في أشكال أخرى من دون أن تولد ضررا، ولكن سعي تلك الهيئة في هذه القرية وبإصرار ضدنا لا تكون إلاّ في سبيل الزندقة، وذلك لأننا منهمكون دوما في خدمة الإيمان وحقائق الدين فحسب منذ ثماني سنوات.
فلا شك أن أعمال الهيئة العاملة الجاهدة ضدنا تكون في سبيل الإلحاد خلافا لأصول الدين، بل حتى تُحسَب أعمالُها في سبيل الزندقة، فالنتيجة هي هذه، سواءٌ علمتَ بها أم لم تعلم، إذ قد تبين لدى الجميع أنه لا علاقة لي قطعا بالتيارات السياسية، بل نحن ننشغل بالحقائق الإيمانية وحدها.
فالآن لو عمل أحد عملا ضدنا فلا يعدّ عمله في سبيل الحكومة، لأن مسلكنا ليس سياسيا، ولا يكون أيضا في سبيل مستحدثات الأمور، لأن شغلنا الشاغل الحقيقي هو الأسس الإيمانية والقرآنية، ولا يكون أيضا في سبيل الأوامر الرسمية لدائرة الشؤون الدينية. لأن الانشغال بانتقاد أوامرها ومعارضتها يشغلنا عن عملنا المقدس. فندع ذلك العمل للآخرين ولا ننشغل به. بل نحاول ألاّ نمس تلك الأوامر على قدر المستطاع.
لذا فإن الذي يتخذ سلوك المخالف لنا والمتعدي علينا، فإن مخالفته هذه تعد في سبيل الزندقة والإلحاد، أيا كان اسمه، حيث إن هذه القرية أصبحت مدار تيار إيماني طوال ثماني سنوات.
ومن هنا فإن الوضع الناشئ، وضعٌ جادّ مهم يتعلق بكلينا، استنادا إلى علمكم ومقامكم الاجتماعي ومنصبكم، منصب الفتوى، ونفوذكم في هذه المناطق، ومعاونتكم لابنكم تلك المعاونة الناشئة من عطفكم المفرط على الأولاد.
إن بقائي هنا ليس دائمياً بل هو موقت، وأنا لست مكلفا بإصلاح ذلك الوضع بل يمكن أن أتخلّص من المسؤولية إلى حدّ ما. ولكن جنابكم العالي، لكونكم السببَ في الأمر ونقطة الاستناد فإن النتائج الوخيمة التي تنشأ من ذلك الوضع يترتب عليكم إصلاحُها قبل كل شيء، وذلك لئلا تُسجّل في سجل أعمالكم الأخروية. أو تسعون في سحب ابنكم من هذه القرية.
سعيد النورسي
([1]) وهو جزء من رسالة "الرموز الثمانية".
([2]) المقصود المقياس في تفسير ابن عباس للفيروزابادى صاحب القاموس.
([3]) دعاء طويل يبدأ بالتوسل بالبسملة وبدايات السور القرآنية سورة سورة ثم بكل حرف من حروف القرآن مع ذكر أعدادها في القرآن الكريم (مجموعة الأحزاب لضياء الدين الكموشخانوي. ج3).
([4]) للشيخ أحمد ضياء الدين الكموشخانوي، جمع فيه الأدعية المأثورة عن الأئمة والأقطاب والأولياء العظام في ثلاثة مجلدات. طبع بإسطنبول بخط اليد سنة 1311 وفي حاشيته شرح لبعض الأدعية.
([5]) تاريخ وصول الرسالة إلى السيد رأفـت.
([6]) المثل للنعمان بن المنذر أورده الميدانى (655) 1/ 178؛ والعسكري في جمهرة الأمثال 1/ 266؛ والزمخشري في المستقصى" 1/ 148؛ وابن منظور في لسان العرب مادة (معد).
([7]) مسلم، فضائل الصحابة 61؛ الترمذي، تفسير سورة الأحزاب 7، المناقب 31؛ أحمد بن حنبل، المسند 1/330، 4/107.
([8]) ورد في مجموعة الأحزاب للكموشخانوي جزء 2 ص 505 في دعاء دفع الطاعون. وفيه: لي خمسة أطفي بها حر الوباء …الخ.
([9]) أعتقد أن وجود عالم المثال مشهود. وتحقُّقُه بديهي كبداهة عالم الشهادة، حتى إن الرؤيا الصادقة والكشف الصادق، والتمثلات في الأشياء الشفافة، ثلاث نوافذ مطلة من هذا العالم إلى ذلك العالم بحيث تظهر للعوام وللناس كلهم جوانبُ من ذلك العالم. (المؤلف).
([10]) وهو عهد الإعلان الثاني للدستور، أي المشروطية الثانية وتم ذلك في سنة 1908 من قبل السلطان عبد الحميد الثاني.
([11]) وهو الذي يذكره الأستاذ النورسي في المسألة السابعة من المبحث الرابع للمكتوب السادس والعشرين (الشخص الثاني).
