ضرورة الإيمان بالكتب السماوية
هل يمكنكم توضيح ضرورة الإيمان بالكتب السماوية؟
أضافه في خميس, 30/01/2025 - 16:51
الأخ / الأخت العزيز,
يؤكد القرآن الكريم على وجوب الإيمان بالكتب السماوية بطرق متعددة. فمن الآيات التي تأمر بالإيمان بها قوله تعالى:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}(البقرة:136)
وفي موضع آخر يخاطب الله المؤمنين قائلاً:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ}(النساء:136)
كما أن الإيمان بالكتب السماوية يعدّ من صفات المؤمنين: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}(البقرة:4)
حتى النبي صلى الله عليه وسلم مأمور بالإيمان بها، كما في قوله تعالى:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ}(البقرة:285)
كما أن بعض الآيات تصف إنكار الكتب السماوية بأنه كفر وضلال:{وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}(النساء:136)
علاقة الإيمان بالكتب السماوية بالإيمان بالله والملائكة والرسل
الإيمان بالكتب السماوية مرتبطٌ ارتباطًا وثيقًا بالإيمان بالله وملائكته ورسله، لأن الله تعالى أرسل هذه الكتب عن طريق الوحي بواسطة الملائكة إلى الأنبياء ليكونوا هداة للناس. فمن آمن بالله ولكنه أنكر الوحي أو النبوة، فقد ابتعد عن العقيدة الصحيحة.
إن الكتب السماوية تحتوي على التعاليم الإلهية التي توضح للإنسان طريق الحق، وتبين له ما يجب عليه فعله وما ينبغي عليه تركه. فهي دستور إلهي ينظم حياة البشر من جميع الجوانب، سواء في العقيدة أو العبادات أو الأخلاق أو القوانين الاجتماعية والسياسية. وبالتالي، فإن الإيمان بها يعني قبول توجيهاتها والعمل بها في مختلف جوانب الحياة.
وحدة الرسالة الإلهية عبر الكتب السماوية
جميع الكتب السماوية هي كلام الله، ولا يوجد بينها اختلاف في المصدر أو في جوهر الرسالة التي تحملها. فقد أنزلها الله بواسطة ملائكته، وهي محفوظة من تدخل الشيطان أو أي قوة أخرى. والرسالة الأساسية لجميع الكتب السماوية هي الدعوة إلى توحيد الله وعبادته وحده، كما جاء في قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}(الأنبياء:25)
وكذلك قوله تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}(النحل:36)
لكن مع اختلاف الأزمنة والمجتمعات، جاءت كل رسالة سماوية بلغة القوم الذين أُرسلت إليهم، كما قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}(إبراهيم:4)
كما أن بعض الأحكام التفصيلية قد تختلف وفقًا للظروف الزمنية والاجتماعية، كما ورد في قوله تعالى:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}(المائدة:48)
الإيمان بالكتب السماوية والتحريف
الإيمان بالكتب السماوية لا يعني الإيمان بصحة النصوص الحالية الموجودة في التوراة والزبور والإنجيل، لأن هذه الكتب تعرضت للتحريف عبر الزمن. إلا أن المسلم يؤمن بأن أصول هذه الكتب كانت وحيًا إلهياً خالصاً. ولذلك، عند مواجهة أي نص من هذه الكتب، يجب الرجوع إلى القرآن والسنة لمعرفة مدى صحته. فإذا وافق النص القرآني والسنة، فلا مانع من قبوله، أما إن خالفهما، فلا يمكن اعتباره كلام الله.
القرآن هو خاتم الكتب السماوية
الإيمان بالكتب السماوية يعني الإيمان بأن الوحي الإلهي استمر عبر الرسل، وأنه اختُتم بأكمل صورة في القرآن الكريم، الذي يعد الكتاب السماوي الأخير والمحفوظ من التحريف.
أسئلة إسلامية