الشعاع الخامس

 

أشراط الساعة

 

إن مسائل "سدّ ذي القرنين" و"يأجوج ومأجوج" وسائر "أشراط الساعة" الأخرى قد بحثناها في كتابنا المطبوع "المحاكمات" المؤلَّف قبل ثلاثين سنة (المقصود سنة 1911) وقد وضعنا عشرين مسألة تدور حول تلك المباحث لتكون تتمةً لها -كتب قسم من مسودتها قبل ثلاث عشرة سنة- إلاّ أنها بُيّضت نـزولاً عند رغبة صديق عزيز وصارت "الشعاع الخامس".

 

تنبيه: لتُقرأ أولاً المسائل التي تلي المقدمة، كي يُفهم القصدُ من المقدمة.

 

 

 

بسم اللّٰه الرحمن الرحيم

لقد كُتبت نكتةٌ لطيفة من نكات الآية الكريمة ﴿فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾ (محمد:18) في الوقت الحاضر وذلك حفاظاً على عقيدة عوام المؤمنين، وصيانةً لها من ورود الشبهات.

وحيث إن قسماً من الأحاديث النبوية التي تخبر عن حوادث ستقع في آخر الزمان تحمل معاني عميقة جداً، كـ(المتشابهات) القرآنية؛ فلا تفسّر كـ(المحكَمات)، ولا يتمكن كل واحد من معرفتها، بل ربما يؤوّلها العلماءُ بدلاً من تفسيرها. وإن تأويلاتِها تُفهم بعد وقوع الحادثة، ويُعرف عندئذ المراد منها، بمضمون الآية الكريمة ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّٰهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ (آل عمران: 7) ويبين تلك الحقائق الراسخون في العلم ويقولون: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا﴾.

إنَّ لهذا "الشعاع الخامس" مقدمة وثلاثاً وعشرين مسألة.

 

المقدمة

عبارة عن خمس نقاط:

النقطة الأولى:

إنَّ الإيمان والتكليف، امتحانٌ واختبار ومسابقة ضمن دائرة الاختيار، فلا تكون مسائلُه النظريةُ المبهَمة وغيرُ الصريحة والعميقة والتي هي بحاجة إلى الاختبار وإنعام النظر فيها، واضحةً وضوحَ البديهة؛ بحيث يصدّقها كل أحد سواء أراد أم لم يرد؛ وذلك ليتميز إيمانُ أبي بكر عن كفر أبى جهل، فيسمو المؤمنون إلى أعلى عليين ويتردى الكفار إلى أسفل سافلين، إذ لا تكليفَ بلا اختيار. ولأجل هذه الحكمة تأتى المعجزاتُ متفرقةً وبشكل نادر.

ثم إن في دار التكليف والامتحان تكون علاماتُ القيامة وأشراطُ الساعة التي يمكن مشاهدتُها بالعين، مبهمةً وغيرَ صريحة ومحتملة التأويل -كبعض المتشابهات القرآنية- عدا "علامة طلوع الشمس من مغربها"([1])  فهي واضحة وضوحَ البديهة، حتى إنها تدفع الجميعَ إلى الإيمان من دون اختيار، ولذلك ينغلق بابُ التوبة عندئذ، فلا قيمةَ للإيمان ولا جدوى من التوبة. حيث يتساوى في التصديق من يملك إيماناً كأبي بكر مع أعتى الكفرة كأبي جهل. بل حتى إن نـزول عيسى عليه السلام([2]) ، ومعرفةَ كونه هو عيسى عليه السلام لا غيرَه، إنما يُعرف بنور الإيمان النافذ، ولا يستطيع كل واحد معرفتَه. بل حتى "الدجال" و"السفياني"([3]) من الأشخاص المرعبين الذين سيظهرون مع أشراط الساعة، لا يَعرفان نفسيهما إنهما "الدجال" و "السفياني" بادئ الأمر.

النقطة الثانية:

إنَّ الأمور الغيبية التي عُلّمَها الرسولُ الكريم صلى الله عليه وسلم ليست سواء، فقسم منها عُلّمَها تفصيلاً، فلا تصرّف ولا تدخّل له قط في هذا القسم، كالقرآن الكريم ومُحكمات الأحاديث القدسية..

والقسم الآخر قد عُلّمَها إجمالاً، وتُرك أمرُ تصويرها وتفصيلها إلى اجتهاده صلى الله عليه وسلم كالأحاديث التي تدور حول الحوادث الكونية والأحداث المستقبلية التي هي ليست من أُسس الإيمان. فالرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يصوّر ويفصل ببلاغته -بأساليب التشبيه والتمثيل- تلك الأمور بما يوافق حكمة التكليف.

فمثلاً: سُمع دويّ في مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ هذا صوتُ حجر ظل يتدحرج إلى جهنم منذ سبعين سنة، الآن وصل إلى قعرها.([4]) وبعد مرور بضع دقائق على هذا الحدث المثير أتى أحدهم وأخبر رسول اللّٰه صلى الله عليه وسلم: أن المنافق الفلاني وهو يناهز السبعين من عمره قد مات وولّى إلى جهنم وبئس المصير. فأظهر تأويلَ البلاغة الفائقة لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم.

تنبيه: لا يعير نظرُ النبوة اهتماماً لحوادث المستقبل الجزئية التي لا تدخل ضمن الحقائق الإيمانية.

النقطة الثالثة: وهي عبارة عن نكتتين:

أولاهما: إنَّ قسماً من الأحاديث المروية على صورة تشبيهات وتمثيلات تلقّاه العوامُ بمرور الزمن حقائق مادية، لذا لا يبدو في نظرهم مطابقاً لواقع الحال، على الرغم من أنه حقيقةٌ ثابتة.

مثلاً: إن المَلكين اللذين هما من حملة الأرض -كما للعرش حملتُه- اللذين على صورة "الثور" و"الحوت" وسُمّيا باسمهما([5]) قد تصورَهما العوام ثوراً ضخماً حقيقياً وحوتاً هائلاً حقيقياً!

ثانيتهما: إنَّ قسماً من الأحاديث قد ورد من حيث كثرة المسلمين في تلك المنطقة، أو من حيث وجود الحكومة الإسلامية هناك، أو من حيث مركز الخلافة الإسلامية، لكنه ظُنَّ أنه شاملٌ لجميع المسلمين، ولجميع أنحاء العالم، وعلى الرغم أنه خاص من جهة، إلاّ أنه تُلقّي كلياً وعاماً.

 

 

فمثلاً: ورد في الحديث الشريف: (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: اللّٰه.. اللّٰه).([6])  أي ستُغلق أبوابُ أماكن الذكر، وسيُنادى بالأذان وبإقامة الصلاة بالتركية.

النقطة الرابعة: مثلما حُجبت أمورٌ غيبية كالأجل والموت لحِكَم ومصالحَ شتى، فإن القيامة -التي هي سكراتُ موت الدنيا وأجلُ البشرية وموت الحيوان- قد أُخفيت كذلك لمصالح كثيرة. إذ لو كان الأجل معيناً وقتُه، لاختلّت الموازنةُ بين الخوف والرجاء، تلك الموازنة المبنية على مصالح وحكَم؛ إذ كان نصفُ العمر يمضي في غفلة مطبقة، يعقبه خوفٌ رهيب كمن يُساق خطوة خطوة نحو المشنقة.

وأجل الدنيا وسكراتُها أي القيامة يشبه هذا تماماً، إذ لو كان وقتُها معيناً، لكانت القرون الأولى والوسطى غير متأثرة بفكرة الآخرة إلاّ قليلا ولا تنفعل بها إلاّ جزئياً، أما القرون الأخرى فكانت تعيش في رعب مستديم. وما كانت لتبقى -حينئذٍ- للحياة متعةٌ وقيمة، ولا للعبادة -التي هي طاعة الفرد باختياره ضمن الخوف والرجاء- أهميةٌ وحكمة.

ثم، لو كان وقت القيامة معيناً، لدخل قسم من الحقائق الإيمانية ضمن البديهيات، أي يصدّق بها الجميع سواء أرادوا أم لم يريدوا، ولاختلّ عندئذ سرُّ التكليف وحكمةُ الإيمان المرتبطان بإرادة الإنسان واختياره.

وهكذا أُخفيت الأمور الغيبية لأجل مصالح كثيرة أمثال هذه، فصار الإنسان يتوقع مجيء أجَله كل دقيقة مثلما يتوقع بقاءه في الدنيا، ويفكر فيهما معاً، ويسعى بجد للدنيا سعيه للآخرة، ومثلما يتوقع قيام الساعة في كل عصر يتوقع دوام الدنيا فيه أيضاً. ومن هنا غدا الإنسان متمكناً من العمل للحياة الأبدية وهو ينظر إلى فناء الدنيا، ويعمل في الوقت نفسه لعمارة الدنيا، وكأنه يعيش أبداً.

ثم إنه لو كان وقت المصائب والبلايا معيناً، لتجرع الإنسان أذىً وألماً معنويين من جراء انتظاره وقوع المصيبة ونـزول البلاء أضعاف أضعاف ألم المصيبة نفسها. لذا

 

سترت الحكمةُ الإلهية ورحمتُها الواسعة المصائبَ، فظلت مخفية عن الإنسان ومستورة عنه، فلا يتأذى بمثل ذلك الألم المعنوي.

وحيث إن أغلب الحوادث الكونية الغيبية تتضمن أمثال هذه الحكم، فقد مُنع الإخبار عن الغيب.([7]) وحتى الذين يخبرون عنه بإذن رباني، فقد أخبروا عنه إخباراً على صورة إشارات فقط، مع شيء من الإبهام دون الصراحة المكشوفة، فيما عدا الحقائق الإيمانية وما هو مدار التكليف، وذلك لئلا يكون هناك قلةُ توقير وعدم امتثال كامل للدستور الإلهي: ﴿قُل لاَ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمٰوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللَّهُ﴾ (النمل: 65).

بل حتى البشارات التي وردت في حق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل والزبور، قد جاءت بشيء من الإبهام وعدم التصريح، مما حدا بأناس من أهل تلك الكتب أن يؤوّلوا تلك الإشارات فلم ينعَموا بالإيمان بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

أما المسائل التي هي ضمن العقائد الإيمانية فبمقتضى حكمة التكليف بحاجة إلى تبليغ أمين ووضوح تام وصراحة كاملة وتكرار، لذا فصَّل القرآن الكريم ومبلّغه الأمين صلى الله عليه وسلم وبيّنا بياناً وافياً أمور الآخرة، في حين أنهما ذكرا الحوادث الدنيوية المستقبلية ذكراً مجملاً.

النقطة الخامسة: لقد رُويت الأمور الخارقة -فوق المعتادة- التي تخص عصر "الدجالَين" -أي دجال المسلمين والدجال الأكبر- مقرونةً بذكرهما، فتُوهمت كأنها ستصدر من شخصَيهما بالذات وفُهمت هكذا. لذا أصبحت تلك الروايات من المتشابهات، لاحتجاب المعنى.

فمثلا: تجوّله بالطائرة والقطار..

ومثلا: قد اشتهر: أن الشيطان الذي يخدم دجال المسلمين سيصيح حين موته عند "ديكيلى طاش"([8]) في إستانبول صيحةً يسمعها الناس كلهم بـ"أنه مات"، أي سيُعلن عنه بالراديو، إعلاناً عجيباً تتحير منه الشياطين أنفسُهم.

ثم إن الأحوال الرهيبة والإجراءات المدهشة التي تخص حُكم الدجال ونظامه ومنظماته وحكومته، قد رويت مقرونة مع شخصه، وكأنها ذات علاقة معه بالذات، لذا خفي المعنى واستتر.

 

 

فمثلا: هنالك رواية بهذا المعنى: أنه يملك من القوة والدوام([9])  ما لا يمكن أن يقتله إلاّ سيدُنا عيسى عليه السلام وإلاّ فلا سبيل لقتله.([10]) وهذا يعني: أن الذي يدمّر منهجَه ونظامه الشرس الرهيب ويقضي عليه قضاء نهائياً ليس إلاّ ديناً سماوياً رفيعاً يظهر في العيسويين، فيقتدي بحقائق القرآن، ويتّحد معها، فهذا الدين العيسوي هو الذي يمحو بنـزول عيسى عليه السلام ذلك المنهجَ الإلحادي فيقضي عليه قضاءً تاماً. وإلاّ فإن شخص ذلك الدجال يمكن أن يُقتَل بجرثومة أو بمرض بسيط كالزكام.

ثم إن قسماً من تفسير بعض الرواة وحُكمهم -النابع من اجتهاداتهم الشخصية، التي تحتمل الخطأ- قد اختلط مع متن الحديث النبوي، فيُشتبه أنه منه، وعند ذاك يحتجب المعنى ويختفي، إذ لا تظهر مطابقةُ الحديث مع الواقع، فيدخل ضمن حكم المتشابه.

ثم إن الشخص المعنوي للجماعة وللمجتمع لم يكن واضحاً في السابق، كما هو في الوقت الحاضر، إذ كان الفكر الانفرادي والاهتمام بالفرد هو الغالب؛ لذا أُسندت الإجراءاتُ الضخمة للجماعة وصفاتُها العظيمة إلى الذين يترأسون تلك الجماعة، ومن هنا صُوّر أولئك الرؤساء تصويراً عجيباً بأنهم يملكون صفاتٍ كليةً خارقة، وأجساماً ضخمة هائلة تفوق مائة ضعف عما هم عليه، وأنَّ لهم قوة وقدرة خارقتين، لكي تلائم تلك الإجراءات المهولة. والحال أن هذا التصوير لا يطابق الواقع. لذا أصبحت تلك الرواية متشابهة.

ثم، إنه على الرغم من التباين بين صفات "الدجالَين" واختلاف حالتيهما، يلتبس الأمر في تلك الروايات التي وردت بصورتها المطلقة، فيُظن هذا ذاك.

ثم إن أحوال "المهدي الكبير" لا تطابق أحوال المهديين السابقين له، في الروايات التي تشير إليهم، فتصبح تلك الروايات في حكم المتشابه.

إنَّ الإمام علياً رضي اللّٰه عنه يذكر "دجال المسلمين" فقط.([11])

انتهت المقدمة.. فنبدأ بالمسائل.

 

 

 

من بين مئات الأمثلة الدالة على الحوادث الغيبية سيُبين -في الوقت الحاضر- بعناية اللّٰه وتوفيقه ثلاث وعشرون مسألة -بياناً مختصراً جداً- تلك المسائل التي دأب الملحدون على إشاعتها بغية إفساد عقائد عوام المسلمين. ألَا خاب ظنُّهم، فإن إظهارَ لمعة إعجاز نبوي كريم في كل مسألة من تلك المسائل وإثباتَ تأويلاتها الحقيقية وإبرازَها، سيكون بإذن اللّٰه داعياً قوياً وسبباً مهما لإسناد عقيدة العوام وترسيخ إيمانهم. هذا ما أرجوه من رحمة ربي الرحيم، وأتضرع إليه سبحانه أن يستر ذنوبي وأخطائي بمغفرته الواسعة. إنه سميع مجيب.

 

المقام الثاني

 

مسائل الشعاع الخامس

بسم اللّٰه الرحمن الرحيم

المسألة الأولى:

ورد: أن "السفياني" وهو من أشخاص آخر الزمان ستنخرق كفه.

إنَّ أحد أوجه التأويل لهذا، واللّٰه أعلم:

لا يبقى المال في يده، لكثرة إسرافه وتبذيره في السفاهة واللّهو والعبث. فالمال يجري من كفه إلى الإسراف، وفي المثل: "فلان منخرق الكف". أي مبذّر مسرف. فـ"السفياني" بحضّه الناس على الإسراف، يثير فيهم حرصاً شديداً ويهيّج طمعاً غالباً. فيسخّرهم لمآربه من نواحي ضعفهم تلك. هذا ما ينبه إليه الحديث الشريف ويخبرنا: أن المسرف يكون في أسره، فيتوسل إليه ويتذلل له.

المسألة الثانية:

ورد: أن شخصاً رهيباً -من أشخاص آخر الزمان- يُصبح وإذا على جبينه مكتوب: هذا كافر.([12])

 

 

إن تأويل هذا، واللّٰه أعلم بالصواب، هو: أن ذلك "السفياني" سيلبس قبعة الإفرنج، ويُكره الناس على لبسها. ولكن لأنه يعمم لبسَها بالإكراه والقانون، وتلك القبعة ستهتدي بإذن اللّٰه، حيث تهوي إلى السجود، لذا لا يكون كافراً من لبسها مكرهاً عليها غيرَ راغب فيها.

المسألة الثالثة:

ورد: أن لحكام آخر الزمان المستبدين، ولاسيما للدجال جنةً وجهنم زائفتين.([13])

إن أحد أوجه التأويل لهذا والعلم عند اللّٰه هو: أنه إشارة إلى ما في الدوائر الحكومية من أوضاع متقابلة متناظرة. كالمدرسة الإعدادية مع السجن، إحداهما صورة مشوّهة للحور والغلمان، والأخرى موضع عذاب وسجن.

المسألة الرابعة:

ورد: أنه لا يبقى من يقول: اللّٰه.. اللّٰه في آخر الزمان.

إن تأويلا لهذا -ولا يعلم الغيب إلاّ اللّٰه- هو: أن الزوايا التي يُذكر فيها: «اللّٰه.. اللّٰه.. اللّٰه»، والتكايا وأماكن الذكر والمدارس الدينية ستُغلق أبوابُها، وسيُوضع اسم آخر بدلاً من اسم اللّٰه في الشعائر الإسلامية كالأذان والإقامة. وإلاّ فليس معنى هذه الرواية أن الناس كلهم سيتردون في الكفر المطلق؛ لأن إنكار اللّٰه أبعد عن العقل من إنكار الكون، فالعقل لا يقبل وقوعَ معظم الناس في هذا الإنكار، فضلاً عن كلهم. علما إن الكفار لا ينكرون وجود اللّٰه وإنما تزل عقولُهم في مباحث صفاته الجليلة سبحانه.

وتأويله الآخر هو: أن أرواحَ المؤمنين تُقبض قبيل قيام الساعة([14]) كيلا يروا هول أحداثها فتندلع القيامة على رؤوس الكفار وحدهم.

 

 

المسألة الخامسة:

ورد: أن الدجال وأمثاله - سيدّعون الألوهية في آخر الزمان ويُكرهون الناسَ على السجود لهم.([15]) أحد أوجه التأويل لهذا، واللّٰه أعلم هو:

كما أن قائداً جاهلاً ينكر وجود الملك، يتصور في نفسه والآخرين نوعاً من الملكية، كل حسب حاكميته، كذلك الذين يقودون مذهب الطبيعيين والماديين يتخيلون في أنفسهم نوعاً من الربوبية، كل حسب درجته. فيسوق -الدجال- رعيته لخدمة قوته ويخضعهم خضوعَ عبودية له ولتماثيله، أي يجعلهم يحنون رؤوسهم لها.

المسألة السادسة:

ورد: أن فتنة آخر الزمان عظيمة إلى حد لا يملك أحد نفسه([16]) حتى استعاذت الأمة منها منذ ثلاثة عشر قرناً، كما أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم فجعلتها الأمة قرينةً لاستعاذتها من عذاب القبر.([17]) إن تأويلاً لهذا واللّٰه أعلم بالصواب هو: أنَّ تلك الفتن تستميل النفوسَ وتغريها وتجذبها إليها، وتجعلها مفتونةً بها، فيرتكب الناس الآثام باختيارهم، بل ربما يتلذذون بها، كاختلاط النساء بالرجال عرايا في حمامات روسيا. إذ النساء يرتمين إلى هذه الفتنة برغبة منهن، فيضللن ويغوين لما يحملن من ميل فطري لإظهار جمالهن. أما الرجال الذين يعشقون الجمال فطرة،

 

 فيُصرَعون أمام طيش النفس فيقعون في تلك النار المتأججة، ويحترقون، وهم نشاوى من الفرح والسرور.

وهكذا تجلب فتنةُ ذلك الزمان -بملاهيها ومسارحها ومراقصها وأماكن البدع وارتكاب الكبائر فيها- عُبَّادَ النفس الأمارة، فيحومون حول تلك الأماكن كالفراش حول النار، وينجذبون إليها حيارى مشدوهين. وإلاّ لو كان بالإكراه والإرغام والجبر المطلق، فلا اختيار إذن، ومن ثَم فلا إثم.

المسألة السابعة:

ورد: أن "السفياني" سيكون عالماً عظيماً، ويُضل الناسَ بالعلم، ويتبعه علماء كثيرون.([18])

إن تأويلا لهذا والعلم عند اللّٰه هو: أنه بدهائه وفنونه وعلمه السياسي يحصل على ذلك الموقع، إذ ليس له من الوسائل التي توصله إلى السلطة كما هو الحال لدى حكام آخرين من وجود العصبة أو القدرة أو الانتساب إلى قبيلة وعشيرة، أو الشجاعة أو الثروة وغيرها. فيسخّر بعقله عقولَ كثير من العلماء، ويجعلهم يدورون في فلكه ويصدرون له الفتاوى، ويجعل كثيراً من المعلمين موالين له. ويسعى حثيثاً لتعميم التعليم المجرد من دروس الدين وجعله نهجاً رائداً.

المسألة الثامنة:

تبين الروايات: أنَّ فتنة الدجال الرهيبة ستقع في صفوف المسلمين حتى استعاذت منها الأمة كلها. إنَّ تأويلا لهذا، ولا يعلم الغيب إلاّ اللّٰه هو: أنَّ دجال المسلمين غيرُ دجال الكفار،([19]) حتى إن قسماً من العلماء المحققين قد قالوا مثلما قال الإمام علي رضي اللّٰه عنه([20]) بأن دجال المسلمين هو "السفياني" وسيظهر بين المسلمين ويفتنهم بالخداع والتمويه. بينما دجال الكفار الكبير غير "السفياني". وإلاّ فالذي لا يرضخ لجبروت الدجال الكبير المطلق يصبح شهيداً، ومن يتبعه مرغماً وكارهاً لا يكون كافراً، وربما لا يكون آثماً أيضاً.

 

 

المسألة التاسعة:

لقد صُوّرت في الروايات وقائع "السفياني" وحوادث فتن آخر الزمان أنها تقع حول الشام أو في الجزيرة العربية.([21])

إن تأويلا لهذا واللّٰه أعلم هو: أن مركز الخلافة في السابق كان في العراق والشام والمدينة، لذا فسر الرواة -باجتهادهم الشخصي- وصوَّروا تلك الأحداث التي تقع حول مركز الدولة الإسلامية -وكأن الخلافة ستظل هكذا- فقالوا: في الشام.. حلب. ففصلوا باجتهادهم الشخصي ما ورد مجملاً في الأحاديث.

المسألة العاشرة:

لقد ذكرت الرواياتُ القدرةَ الهائلة الخارقة لأشخاص آخر الزمان.

إنَّ تأويلاً لهذا والعلم عند اللّٰه هو: أنه كناية عن عظمة الشخصية المعنوية التي يمثلونها. مثلما صُوِّر في حينه القائد الياباني الذي دحر روسيا، بأن أحد قدميه في البحر المحيط والأخرى في قلعة بورت آرثر. أي أن عظمة الشخص المعنوي الرهيبة، تصور في ممثل تلك الشخصية وفي تماثيل ذلك الممثل الضخمة. أما قدراتهم الفائقة وقوتُهم الخارقة، فلكون أكثر إجراءاتهم من قبيل التخريب وإثارة الشهوات وتحريك الرغبات، مما تُظهر اقتداراً فوق المعتاد، إذ التخريب سهل. فعودُ ثقاب واحد يمكنه أن يحرق قريةً كاملة، وإثارة الشهوات وتحريك الرغبات تسري سريعاً لميل النفوس إليها.

المسألة الحادية عشرة:

ورد: أن في آخر الزمان يكون لأربعين امرأة قيّم واحد.([22])

 

 

إن لهذا تأويلين واللّٰه أعلم بالصواب:

الأول: أنَّ الزواج الشرعي يقل في ذلك الزمان أو يُرفع، كما حدث في روسيا؛ فالرجل السائب الذي تجنب من الارتباط بامرأة واحدة، يكون قيِّماً على أربعين امرأة شقية.

الثاني: أنه كناية عن هلاك أغلب الرجال في الحروب التي تقع في تلك الفتنة. وعن كون أكثر الولادات من الإناث بناءً على حكمة إلهية. وربما يُلهب تحررُ النساء تحرراً كلياً شهواتِهن فيتغلبن بغلبة الشبق فطرة على أزواجهن. مما يسبب نـزوع الطفل إلى صورتها فتصبح الإناث كثيرات جداً بأمر إلهي.

المسألة الثانية عشرة:

ورد في الروايات: أنَّ اليوم الأول للدجال سنة، والثاني شهر، والثالث أسبوع، والرابع كسائر الأيام.([23])

لهذا تأويلان، ولا يعلم الغيب إلاّ اللّٰه.

الأول: أنه إشارة وكناية عن ظهور الدجال الكبير في دائرة القطب الشمالي وجهة الشمال من العالم؛ لأن السنة في منطقة القطب الشمالي عبارة عن يوم وليلة. فلو سافر أحدهم من هناك متجهاً نحونا بالقطار يوماً كاملاً يرى الشمس لا تغرب شهراً كاملاً في الصيف. وإذا اقترب بالسيارة يوماً آخر يرى الشمس أسبوعاً كاملاً. ولقد كنت في مكان قريب من هذا عندما كنت أسيراً هناك. بمعنى أن هذا أخبارٌ معجِز بأن الدجال الكبير سيتعدى من الشمال إلى هذه الجهة.

أما تأويله الثاني فهو: أنَّ هناك أياماً ثلاثة بمعنى الأدوار الثلاثة الاستبدادية للدجال الكبير ودجال المسلمين:

يومه الأول: أي في دورة حكومته، يقوم بإجراءات عظيمة ما لا يُنجز في ثلاثمائة سنة.

 

 

يومه الثاني، أي دورته الثانية: أنه يُجري في سنة واحدة من الإجراءات ما لا يُجرى في ثلاثين سنة.

يومه الثالث ودورته: ينفّذ من التغييرات في سنة واحدة ما لا ينفَّذ في عشر سنوات.

يومه الرابع ودورته: يكون اعتيادياً لا يقوم بشيء سوى سعيه للحفاظ على الوضع.

وهكذا أخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أمته ببلاغته الفائقة عما سيقع من أحداث المستقبل.

المسألة الثالثة عشرة:

في رواية صحيحة: أن عيسى عليه السلام يقتل الدجال الأكبر.([24])

ولهذا أيضاً وجهان والعلم عند اللّٰه:

الوجه الأول: أن الدجال الذي يحافظ على نفسه بأموره الخارقة التي يستدرج بها الناسَ ويسخرهم باستخدام السحر والتنويم المغناطيسي والأرواح وأمثالها، لا يقدر على قتله وتغيير مسلكه إلاّ مَن هو خارق، وذو معجزات ومرضيّ لدى الجميع ومَن هو أكثر علاقة وارتباطاً، ويعتقد بنبوته أغلبُ الناس، ذلك النبي عيسى عليه السلام.

الوجه الثاني هو: أن الذي سيقتل الشخصيةَ المعنوية لشخص الدجال -المقتول بسيف شخص عيسى عليه السلام- ويبيد كيانَ الإلحاد الهائل والمادية الرهيبة التي كوّنها، ويُفني ما يدعو إليه من الكفر بإنكار الألوهية، هم الروحانيون النصارى، فهؤلاء الروحانيون يهلكونه -ويقتلونه معنىً- بقوة نابعة من مزجهم حقيقةَ النصرانية مع حقائق الإسلام. حتى إن ما ورد بأن عيسى عليه السلام سينـزل ويقتدي بالمهدي في الصلاة،([25]) يشير إلى هذا الاتفاق، وإلى ريادة الحقيقة القرآنية وهيمنتِها.

المسألة الرابعة عشرة:

ورد: أن اليهود هم القوة العظيمة للدجال ويتبعونه طوعاً.([26])

فيمكننا أن نقول واللّٰه أعلم: إنَّ جزءاً من تأويل هذه الرواية قد تحقق في روسيا، إذ اليهود الذين قاسوا مظالمَ بيد الحكومات كلها تجمّعوا بكثرة في ألمانيا، لأجل أن ينتقموا من الدول والشعوب، فكانت لـ"تروتسكي" اليهودي اليد الطولى في تأسيس المنظمة الشيوعية، حتى أوصلوه إلى القيادة العامة، ومن بعد ذلك جعلوه في رئاسة الحكومة في روسيا خَلَفاً لـ"لينين" الذي ربّوه، فدمروا روسيا دماراً رهيباً وأبادوا محاصيلها لألف سنة. وأظهروا -أي اليهود- بهذا أنهم منظمةٌ من منظمات الدجال الكبير ومنفذو أعماله، وقد زعزعوا كيان سائر الحكومات أيضاً وأثاروا فيها الاضطرابات والقلاقل.

المسألة الخامسة عشرة:

إنَّ القرآن الكريم الذي يورد حوادث يأجوج ومأجوج مجملا يذكرها الحديث الشريف بشيء من التفصيل، ولكن تلك التفصيلات ليست بمثل إجمال القرآن الكريم محكَمة بل ربما تُعد من المتشابهات إلى حد ما، فتحتاج إلى تأويل بل إلى تعبير لاختلاط اجتهادات الرواة فيها. إن تأويلا لهذا ولا يعلم الغيب إلاّ اللّٰه هو:

أنه كناية وإشارة إلى أن قبائل المانجور والمغول -الذين يطلق عليهم القرآن بلغته السماوية يأجوج ومأجوج- سيدمّرون العالم كله في الأزمان المقبلة مثلما أغاروا -عدة مرات- على آسيا وأوروبا مع قبائل من الصين وما حولها، وأحلّوا فيهما الهرج والمرج. حتى إن الإرهابيين المشهورين في المنظمات الشيوعية الآن ينتمون إليهم.

نعم، إن الفكر الاشتراكي تولَّد في الثورة الفرنسية وترعرع بدعوتها إلى التحرر، ولما كان هذا الفكر الاشتراكي يدعو إلى تدمير قسم من المقدسات فقد انقلب أخيراً إلى البلشفية. وقد نشرت البلشفية أيضاً بذورَ الإفساد لتحطيم كثير من المقدسات

 

 والمثل الأخلاقية والإنسانية. وستثمر تلك البذورُ حتماً حناظلَ الفوضوية والإرهاب التي لا تعرف حدوداً لشيء، ولا تقيم وزناً له. إذ القلب الإنساني إذا انتُزع منه الرأفةُ والرحمة والاحترام فإن العقل والذكاء يسيطران -عندئذ- على زمام الإنسان ويجعلان أولئك الناس كالوحوش الضارية والكلاب المسعورة فلا يجدي معهم الضبطُ السياسي.

إن أخصب مرتع للفكر الفوضوي الإرهابي هو الأماكن المزدحمة بالمظلومين، والقبائل البعيدة عن الحضارة، وعن الحكومة والدولة، والتي اعتادت النهب والإغارة، فهذه الشروط تنطبق على قبائل المانجور والمغول وقسمٌ من قبائل القرغيز الذين كانوا السبب في بناء سد الصين بطول أربعين يوماً والذي يُعد أحد عجائب الدنيا السبع.

وهكذا فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي يفسر ما أجمَله القرآن الكريم قد أخبر عنهم إخباراً معجِزاً، محققاً.

المسألة السادسة عشرة:

في سياق قتل عيسى عليه السلام الدجالَ تبين الرواياتُ أن للدجال جسماً خارقاً في الضخامة والعلو حتى يعلو على المنارة، وأن عيسى عليه السلام بالنسبة له صغير جداً.([27])

إنَّ أحد أوجه تأويل هذا، ولا يعلم الغيب إلاّ اللّٰه ينبغي أن يكون هكذا:

إنه كناية وإشارة إلى أن الذين يعرفون عيسى عليه السلام ويتبعونه بنور الإيمان -وهم جماعة الروحانيين المجاهدين- هم قلةٌ قليلة بالنسبة لجنود الدجال العلمية والمادية أي الثقافية والعسكرية.

المسألة السابعة عشرة:

ورد: أن الدنيا تسمع ظهورَ الدجال يوم ظهوره، ويسيح في الأرض أربعين يوماً، وله حمار هو دابة خارقة.

 

 

هذه الروايات بشرط صحتها لها عدة تأويلات واللّٰه أعلم هي:

أنَّ هذه الروايات تخبر إخباراً معجزاً عن أن وسائط النقل والمخابرة ستتقدم في زمن ظهور الدجال بحيث إن حادثة واحدة تُسمع في اليوم الواحد في أنحاء العالم كله، فيصيح الدجال بالراديو ويسمعه الشرق والغرب، وتُقرأ الحادثة في جميع صحفه وجرائده. وأن الإنسان يستطيع أن يسيح في العالم كله في غضون أربعين يوماً، فيرى قاراته السبع وحكوماته السبعين. فهذه الروايات تخبر أخباراً معجزاً عن التلغراف والتلفون والراديو والطيارة قبل ظهورها بعشرة قرون.

ثم إن الدجال لا يُسمع في العالم بكونه دجالاً، وإنما بصفة مَلِك وحاكم مستبد مطلق، وأن سياحته في الأرض ليست للاستيلاء على الأماكن كلها وإنما لإيقاظ الفتنة والإضلال والإغواء. أما دابتُه وحماره، فإما إنه القطار الذي إحدى أذنيه ورأسه مصدرُ النار كجهنم، وأذنه الأخرى مكانٌ مفروش ومزيّن كجنة كاذبة، فيرسل أعداءه إلى الرأس ذي النار ويجعل أصدقاءه في الرأس المعدّ للضيافة.. أو أن حماره ودابته سيارة عجيبة.. أو طائرة.. أو.. (يجب السكوت).

المسألة الثامنة عشرة:

ورد أنه: إذا استقامت أمتي فلها يوم، أي يدوم ملكُها وحكمُها ألف سنة دواماً تاماً نافذاً،([28]) بدلالة الآية الكريمة ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ (السجدة: 5). وإن عدِلَت عن الاستقامة فلها نصف يوم، أي تحافظ على حكمها وسيطرتها بما يقارب خمسمائة سنة.

إنَّ هذه الرواية -واللّٰه أعلم- ليست إخباراً عن القيامة، وإنما هي روايةٌ عن عزة الإسلام وسلطنة الخلافة. وقد تحققت فعلاً وغدت حقيقةً ثابتة ومعجزة غيبية. إذ عاشت الدولة العباسية ما يقرب من خمسمائة سنة لحين فقد الحكام السياسيين طريق الاستقامة. إلاّ أن الأمة الإسلامية بمجموعها حافظت على الاستقامة لذلك فقد أمدّتهم الخلافةُ العثمانية، فأدامت السلطنةَ إلى ألف وثلاثمائة سنة تقريباً.

 

 ثم لما عجز السياسيون العثمانيون عن الحفاظ على الاستقامة، عاشت هي الأخرى خمسمائة سنة بالخلافة.. فصدّقت الخلافةُ العثمانية بوفاتها الإخبار المعجز لهذا الحديث الشريف. وحيث إننا بحثنا هذا الحديث في رسائل أخرى اختصرناه هنا.

المسألة التاسعة عشرة:

إنَّ هناك أخباراً متباينة عن المهدي([29]) الذي هو من آل البيت، وظهوره من علامات الساعة. حتى حكم قسم من أهل العلم وأهل الولاية على سبْق ظهوره.

إن تأويلاً لهذه الروايات المتباينة واللّٰه أعلم بالصواب هو:

أنَّ للمهدي الكبير مهماتٍ كثيرةً ووظائفَ عدة، فكما أن له إجراءات في عوالم ودوائر كثيرة كعالَم السياسة وعالم الدين وعالم السلطنة وعالم الجهاد، كذلك يحتاج أهلُ كل عصر عندما يُخيّم عليهم اليأسُ إلى مَن هو كالمهدي ليشدّ من قواهم المعنوية، أو يحتاجون إلى ترقّب مجيء المهدي وظهوره لإمدادهم في ذلك الوقت. لذا ظهر من آل البيت من هو كالمهدي في كل دور بل في كل عصر برحمة من اللّٰه سبحانه، فحافظ على شريعة جدّه الأمجد، وإحياء سنته المطهرة. فمثلا: ظهر المهدي العباسي في عالم السياسة والدولة، وظهر الشيخ الكيلاني(*) والشاه النقشبند(*) والأقطاب الأربعة والأئمة الأثنا عشر وأمثالُهم من الأفذاذ في عالم الدين والإيمان، فنفّذوا قسماً من مهمات المهدي ووظائفه. فلظهور هؤلاء وقيامِهم بقسم من أعمال

 

 المهدي -التي تتوجه إلى إحياء الشريعة وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم- وكونِهم مدارَ نظر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم اختلفت الروايات الواردة بحق المهدي، فحدا بقسم من أهل الحقيقة إلى أن يقولوا: أنه ظهر في الماضي.

وعلى كل حال فقد وضحت "رسائل النور" هذه المسألة، فنحيل إليها إلاّ أننا نقول:

إنه ليس في الدنيا قاطبة عُصبة متساندة نبيلة شريفة ترقى إلى شرف آل البيت ومنـزلتهم، وليس فيها قبيلة متوافقة ترقى إلى اتفاق قبيلة آل البيت، وليس فيها مجتمع أو جماعة منورة أنورَ من مجتمع آل البيت وجماعتهم.

نعم، إن آل البيت الذين غُذوا بروح الحقيقة القرآنية وارتضعوا من منبعها، وتنوروا بنور الإيمان وشرف الإسلام فعرجوا إلى الكمالات، وانجبوا مئات الأبطال الأفذاذ وقدموا ألوف القواد المعنويين لقيادة الأمة.. لابد أنهم يظهرون للدنيا العدالةَ التامة لقائدهم الأعظم المهدي الأكبر، وحقانيته بإحياء الشريعة المحمدية والحقيقة الفرقانية والسنة الأحمدية وإعلانها وتطبيقها وإجرائها.

وهذا الأمر في غاية المعقولية فضلاً عن أنه في غاية اللزوم والضرورة، بل هو مقتضى دساتير الحياة الاجتماعية الإنسانية.

المسألة العشرون:

طلوع الشمس من مغربها([30])  وظهور دابة الأرض.([31])

أما طلوع الشمس من مغربها فهو علامة بديهية لقيام الساعة ولبداهته أصبح معناه ظاهراً لا داعي لتفسيره، ولا حاجة إلى التأويل. إذ هو حادثة سماوية يُغلق بها باب التوبة المرتبط باختيار العقل.. إلاّ أن هناك أمراً هو أن السبب الظاهري لذلك الطلوع واللّٰه أعلم هو:

أنه حالما يُرفع القرآن من الأرض -الذي هو بمثابة عقلها- تفقد الأرضُ صوابها فتصطدم -بإذن إلهي- بكوكب سيار آخر، فتعود القهقرى عن حركتها، وتصبح دورتها -بإرادة اللّٰه سبحانه- من الشرق إلى الغرب بدلاً من الغرب إلى الشرق، وعندها تبدأ الشمس بالطلوع من مغربها.

 

 

نعم، إذا انقطعت قوةُ جاذبة القرآن الكريم الذي هو حبل اللّٰه المتين والذي يشد الأرض بالشمس، والفرش بالعرش، انحلت عرى الكرة الأرضية، فتظل تدور دوراناً تائهاً سائباً، فتطلع الشمس من مغربها بعدم انتظام حركتها وبمعكوسيتها.

هذا وللحديث تأويل آخر هو أنَّ القيامة تقوم نتيجة التصادم بالكواكب السيارة بأمر إلهي مقدّر.

أما "دابة الأرض" فإن هناك إشارة إليها في غاية الإجمال في القرآن الكريم مع كلام مختصر بلسان حالها.

أما تفصيلها فلا أعرفه الآن معرفةً جازمة وباقتناع قاطع، بمثل المسائل الأخرى. إلاّ أنني أتمكن أن أقول، ولا يعلم الغيب إلا اللّٰه:

إنه كما سلّط اللّٰه سبحانه آفةَ الجراد والقمل على قوم فرعون، وسلّط ﴿طيراً أبابيل﴾ على قوم أبرهة الذين أتوا لهدم الكعبة، كذلك الذين ينساقون طوعاً وعلى علمٍ بفتَن "السفياني والدجاجلة" فيتمادون في العصيان والطغيان والفساد، ويتردون في الإلحاد والكفر والكفران والتوحش والغدر بدافع الإرهاب والفوضى التي يشيعها يأجوج ومأجوج، يخرج عليهم حيوان من الأرض -لحكمة ربانية لإعادة صوابهم- فيسلط عليهم ويدمرهم تدميراً.

إن تلك الدابة -واللّٰه أعلم- هي نوعٌ وليست فرداً، لأنه لو كانت فرداً وحيواناً واحداً ضخماً جداً، لما بلغ كلَّ شخص في كل مكان. فهو إذن طائفة حيوانية مخيفة، وربما هي حيوان كالأرضة التي تقضم الخشب وتأكله كما تشير إليها الآية الكريمة ﴿إِلاّ دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ﴾ (السبأ: 14). فهذا الحيوان أيضاً يقضم عظام الإنسان وينخرها كنَخر تلك الدابةُ الخشبَ ويستقر في جميع أجزاء جسم الإنسان من أسنانه إلى أظفاره.

وقد أنطقت الآيةُ الكريمة تلك الدابةَ بخصوص الإيمان مشيرة: بأن المؤمنين ينجون منها ببركة الإيمان ويُمنه، وبتحرزهم من السفاهة، وتجنبهم الإسراف وسوء الأخلاق.

﴿ربنا لا تُؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا﴾

﴿سبحانك لا علم لنا إلاّ ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم﴾

 

 

(تتمة المسائل العشرين السابقة في ثلاث مسائل)

المسألة الأولى:

لقد أُطلق في الروايات اسم "المسيح" على سيدنا عيسى عليه السلام، وأُطلق الاسم نفسه على الدجالين أيضاɋ، كما ورد في الاستعاذة: "من فتنة المسيح الدجال". فما حكمة هذه التسمية وما تأويلها؟([32])

الجواب: إن حكمتها واللّٰه أعلم هي أن عيسى عليه السلام قد رفع -بأمر إلهي- قسماً من التكاليف الشاقة التي كانت في شريعة سيدنا موسى عليه السلام، وأحلّ بعض ما تشتهيه النفوس كالخمر. كذلك يفعل الدجال الكبير، بإغواء من الشيطان وبنفوذه، فيرفع قسماً من أحكام شريعة سيدنا عيسى عليه السلام فيخلّ بالروابط التي بها تُدار الحياة الاجتماعية للنصارى ممهّداً الأوضاع للفوضى والإرهاب ومجيء يأجوج ومأجوج.

وكذلك "السفياني" الذي هو دجال المسلمين يسعى لرفع قسم من الأحكام الخالدة للشريعة المحمدية (على صاحبها أفضل الصلاة والسلام) بدسائس النفس الأمارة وبمعاونة الشيطان، فيخل بالروابط المادية والمعنوية للبشرية ويطلق النفوس الحائرة العصبية الذاهلة من عقالها لتتيهَ ضائعةً شاردة. فينقض العرى النورانية التي تربط أفراد المجتمع الإنساني كالاحترام والمحبة، ويُكره الناس على حرية هي عينُ الاستبداد، لتتصارع النفوسُ الضالة في مستنقع الأهواء والرذيلة، فاتحاً الطريق إلى إرهاب شنيع وفوضى رهيبة بحيث لا يمكن -في ذلك الوقت- أن ينضبط أولئك الناس إلاّ باستبداد في منتهى الشدة والقسوة.

المسألة الثانية:

لقد ذكرت الروايات أعمالاً خارقة يقوم بها كلا الدجالين، وعن اقتدارهما فوق المعتاد، وعن هيبتهما وعظمتهما الفائقة، حتى حدا الأمر ببعض الناس التعساء أن يسندوا إليهما شيئاً من الألوهية! هكذا جاء في الروايات.. فما سبب هذا؟

 

 

الجواب: والعلم عند اللّٰه. أما كون إجراءاتهم وأعمالهم عظيمةً وخارقة، فلأن معظمَها تسوق إلى التخريب، وتدفع إلى هوى النفس. لذا يمكنهم بكل سهولة ويُسر القيام بأعمال فوق المعتادة، لأنها تخريب. حتى إن ما ورد في الحديث من: "يوم كسنة" أي أن ما ينجزونه في سنة واحدة من الأعمال لا يمكن إنجازها في ثلاثمائة سنة. أما سبب ظهور اقتدارهم بما هو فوق المعتاد، فإن هناك أربعة أسباب وجهات:

أولاها:

إسنادهم إلى أنفسهم ظلماً وزوراً وبالاستدراج كلَّ ما في حكوماتهم الهائلة المستبدة من أعمال حسنة وترقيات حصلت بقوة الجيش الشجاع والأمة النشطة، هو الذي يسبب التوهم من أن أشخاصهم لها اقتدار ألف شخص. علما إن القاعدة والحقيقة تقتضيان: أن ما ينشأ من عمل الجماعة من المحاسن والأعمال الإيجابية والشرف والغنيمة يُقسم على أفراد الجماعة ويعود إلى أفرادها، في حين تُسند السيئات والسلبيات والخسائر والتخريبات إلى سوء إدارة رئيس الجماعة وتقصيراته.

فمثلا: إذا اقتحم فوجٌ من الجيش قلعة وفتحوها. فإن شرف الانتصار والغنائم التي يحصلون عليها تعود إلى قوة سلاحهم. أما إذا وجدت السلبيات والخسائر فإنها تعود إلى آمرهم. وهكذا خلافاً لهذا الدستور الأساسي المبني على الحق والحقيقة ينال أولئك الرؤساء المرعبون بالاستدراج والخداع محبةَ عموم أهل الغفلة، رغم أنهم يستحقون أن يقابَلوا بكراهية الناس كلهم، وذلك لإسنادهم الحسنات والإيجابيات والتقدم إلى أنفسهم وإسناد السلبيات والسيئات والأخطاء إلى أمتهم المسكينة.

الجهة الثانية والسبب الثاني:

إنَّ كلا الدجالَين يجريان حكمَهما باستبداد مطلق وإرهاب شديد وظلم شنيع وقسوة متناهية، لذا يبدو اقتداراً عظيماً. نعم، إن إستبدادهم عجيب حتى إنهم يتدخلون -بستار القانون- إلى وجدان كل شخص، وإلى مقدساته، بل حتى إلى نوع ملابسه.

وأخال أن دعاة التحرر من المسلمين والأتراك -في العصر الأخير- قد أحسوا بهذا الاستبداد بالحس قبل الوقوع، فصوبوا له سهامهم وهاجموه بشدة، إلاّ أنهم انخدعوا انخداعاً كلياً، وأخطأوا الهدف، إذ هاجموا في غير موقع الجبهة!

 

 

أما ظلمُهم وقسوتهم فهما من الشناعة بحيث تدمر، بجريرة شخص واحد، مائة قرية. ويعاقب الأبرياء، ويهجّرون من أماكنهم ويذلون.

الجهة الثالثة والسبب الثالث:

إن كلا الدجالين يحصلان على معاونة المنظمات السرية اليهودية الحاقدة على الإسلام والنصارى حقداً شديداً، ومؤازرة منظمة رهيبة أخرى تعمل تحت ستار حرية النساء؛ حتى إن دجال المسلمين يتمكن من خداع لجان الماسونيين، فيكسب ودّهم وتأييدهم.. لذا يُتوهم أن لهم اقتداراً عظيماً.

هذا ويفهم من استخراجات بعضُ الأولياء الصالحين: أن "الدجال السفياني" الذي سيرأس دولة الإسلام.. يجد له رئيس وزراء في غاية الاقتدار والدهاء والفعالية مع بُعدٍ عن حب الظهور، وعدم مبالاة بالشهرة والصيت.. ويجد له أيضاً قائداً عاماً للجيش في منتهى الشجاعة والقدرة والصلابة مع نشاط دائم وعدم اكتراث بالشهرة.. فيسخّرهما "الدجال السفياني" لغايات شخصه، ويسند إلى نفسه ما يقومان به من أعمال عظيمة ينجزانها بدهائهما، مستغلاً بُعدهما عن الرياء.

وهكذا.. بهذه الوسيلة يسند إلى نفسه ما تقوم به الدولة والجيش العظيم من تجدد وانقلاب ورقي حصلوا عليه بدافع من الحاجة الناجمة من الحرب العالمية. ويدفع المدّاحين ليشيعوا في الأوساط أن في شخصه قوةً عجيبة خارقة واقتداراً فوق المعتاد.

الجهة الرابعة والسبب الرابع:

يملك الدجال الكبير حواسَّ لها من التأثير والتسخير ما يشبه التنويم المغناطيسي والتأثير على الأرواح، ودجال المسلمين كذلك له في إحدى عينيه قوة تسخير مغناطيسية، حتى ورد "أنه أعور" ملفتاً الأنظار إلى عينه. ففي الحديث إشارة إلى: أن الدجال الكبير أعور. والآخر إحدى عينيه ممسوحة، أي بحكم العوراء بالنسبة للأخرى، وبأنهما كافران كفراً مطلقاً، فليست لهما إلاّ عينٌ واحدة فقط تنحصر رؤيتها في الحياة الدنيا. أما الأخرى التي لها القدرة على رؤية العقبى والآخرة فعوراء ممسوحة.

 

 

ولقد رأيت في عالم معنوي دجالَ المسلمين، وشاهدت بعيني ما في إحدى عينَيه من قوة تسخير مغناطيسية، وعرفتُه منكِراً كلياً للّٰه. هذا الإنكار هو الذي يدفعه إلى الهجوم بجرأة على المقدسات، ولكن عامة الناس يجهلون الحقيقة فيظنون أنه يقوم بأعماله بجرأة فائقة وقدرة عظيمة.

إنَّ أمة بطلة مجيدة -وهي تتجرع هزائمها- بدافع الإعجاب بالبطولة، تشيد ببطولة هذا القائد المكَّار المستدرج، الذي نال شهرة وحظاً وانتصارات، وتصرِف نظرَها عن ماهيته الحقيقية، وتحاول ستر سيئاته.. فيا هلاكها..

ولكن كما نفهم من الروايات بأن نور الإيمان وضياءَ القرآن الموجود في روح الجيش البطل المجاهد والأمة المتمسكة بدينها يدفعهما إلى مشاهدة حقيقة الحال فيحاولون تعمير ما دمّره ذلك القائد من دمار مريع.

المسألة الثالثة الصغيرة:

وهي حوادث ثلاث ذات عبر:

الحادثة الأولى:

 انطلق عمر بن الخطاب رضي اللّٰه عنه مع رسول اللّٰه صلى الله عليه وسلم يوماً فأشار صلى الله عليه وسلم إلى أحدهم بين صبيان اليهود، وقال: هذا صورتُه. فقال عمر رضي اللّٰه عنه: ذرني يا رسول اللّٰه أضرب عنقه. فقال صلى الله عليه وسلم: (إنْ يكُنه فلن تسلط عليه -أي إن يكن هذا السفياني- وإن لم يكُن فلا خير لك في قتله).([33]) فهذه الرواية تشير إلى أن صورته ستظهر في كثير من الأشياء زمن حُكمه وإلى أنه سيولد بين اليهود.

ومن الغريب أن سيدنا عمر رضي اللّٰه عنه الذي حمل عداوة وغضباً شديداً على صورته المشاهدة في صبي حتى أراد قتله، أصبح لدى ذلك "السفياني" أكثر مَن يُثني عليه، ويعجب به ويقدره..

 

الحادثة الثانية:

 نقل الكثيرون: أن دجال المسلمين كان متلهفاً إلى معرفة معنى السورة الكريمة: "والتين والزيتون" ويستفسر عنه.

ومن الغريب أن سورة "اقرأ باسم ربك" هي عقب هذه السورة: وفيها الآية الكريمة: ﴿كَلاّ إِنَّ الإنسَانَ لَيَطْغَى﴾ (العلق:6) التي تشير إلى مكانه وشخصه بالذات -بمعناها وبحساب علم الجفر- فضلاً عن دلالتها على طغيانه على المصلين والمساجد.

أي أن ذلك الشخص المستدرَج يشعر أن سورةً قصيرة ذات علاقة به، ولكنه يخطئ فيطرق بابَ جارتِها.

الحادثة الثالثة:

 في رواية أن دجال المسلمين سيظهر في خراسان.([34])

إنَّ تأويلاً لهذا ولا يعلم الغيب إلاّ اللّٰه هو أنَّ الشعب التركي الذي هو أشجع قوم في الشرق وأقواهم وأزيدهم عدداً وأكثرهم إقداماً في جند الإسلام كان يقطن أطراف خراسان زمنَ تلك الرواية، ولمّا سكنوا بعدُ في الأناضول. فالرواية تشير -بذكرها موطن سكناهم في ذلك الوقت- إلى ظهور "الدجال السفياني" فيهم.

وإنه لغريب بل غريب جداً أن الشعب التركي الذي كان رمزاً لشرف الإسلام وعزته، وسيفاً ألماسياً ممتازاً بيد الإسلام والقرآن طوال سبعمائة سنة، يسعى "الدجال السفياني" أن يستعمل -مؤقتاً- هذا الشعب والقومية التركية ضد قسم من شعائر الإسلام. ولكن هيهات، فلا يفلح في عمل، بل يتقهقر حتماً، كما يُفهم من الروايات: "أن الجيش البطل سينقذ زمامه من يده".

واللّٰه أعلم بالصواب

ولا يعلم الغيب إلاّ اللّٰه

* * *

 

[1]() انظر: البخاري، تفسير سورة الأنعام 9 ؛ مسلم، الإيمان 157 ، التوبة 31؛ الترمذي ، الدعوات 98.

 

[2]() انظر: البخاري، الأنبياء 49؛ مسلم ، الإيمان 155، الفتن 34 .

 

[3]() وردت أحاديث كثيرة بحق دجال المسلمين الموصوف بـ«السفياني»، انظر: الحاكم في المستدرك 4/520؛

     السيوطي، اللآلىء 2/388، الاسفرايني 2/75. وانظر أيضا: ابن كثير، البداية والنهاية 1/24-32 ؛ القرطبي، التذكرة 609 ؛ البرزنجي، الإشاعة في أشراط الساعة ص95-96 ؛ الهيتمي، الفتاوى الحديثية 27-34 ؛ السيوطي، الحاوي للفتاوى 2/213.

[4]() انظر: مسلم الجنة 31 ، المنافقون 15 ؛ احمد بن حنبل، المسند 2/371 ، 39/341 ـ 346 ؛ ابن حبان، الصحيح 16/510 .

 

[5]() انظر: الطبري، جامع البيان 1/153، 194، 21/72 ؛ الحاكم، المستدرك 4/636 ؛ ابن عبد البر، التمهيد 4/9؛ الهيثمي مجمع الزوائد 8/131 (نقلا عن البزار).

 

[6]() انظر: مسلم،  الإيمان 234 ؛ الترمذي، الفتن 35 ؛ احمد بن حنبل، المسند 3/107 ، 201، 268 .

 

[7]() انظر: مسلم، السلام 39 ؛ الترمذي، الطهارة 102 ؛ ابن ماجة، الطهارة 122 .

 

[8]() ديكيلى طاش: منطقة فى إستانبول كانت فيها إذاعتها.

 

[9]() انظر: ابن أبى شيبة، المصنف 7/497 ؛ الطبراني، المعجم الكبير 11/313 ؛ الديلمي، المسند 2/237 ؛ نعيم ابن حماد، الفتن 2/543 .

 

[10]() انظر: الطيالسي، المسند، ص 327، انظر ايضا ؛ مسلم، الفتن 34، 110 ؛ الترمذي، الفتن 59 ، 62 ؛ أبو داود ، الملاحم 14.

 

[11]() انظر: نعيم ابن حماد، الفتن 1/246 ، 288 ، 4/839 _ 840 ، 6/1196 _ 1199 ؛ الحاكم، المستدرك 4/547 .

 

[12]() قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «..وان الدجال ممسوح العين اليسرى، عليها ظفرة غليظة، مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن، كاتب وغير كاتب..» انظر: البخاري، التوحيد 17 ؛ مسلم، الفتن 101 – 103 ؛ 95؛ الترمذي، الفتن 59 ؛ أبو داود الملاحم 14 .

 

[13]() انظر: البخاري، الأنبياء 3، مسلم، الفتن 104، 109،؛ ابن ماجه، الفتن36؛ أحمد بن حنبل، المسند 5/383

 

[14]() انظر: الطبراني، المعجم الاوسط 4/345 ؛ الديلمي، المسند 5/89 ؛ ابن عدي، الكامل 6/338 ؛ ابن حبان، المجروحين، 2/242 .

 

[15]() انظر: مسلم ، الفتن 112 ؛ ابن ماجة، 33 ؛ احمد بن حنبل، المسند 3/367 .

 

[16]() انظر: أبو داود ، الملاحم 14 ؛ الطبراني، المعجم الكبير 18 /220 _ 221 ؛ ابن ابي شيبة، المصنف 7/488 .

 

[17]()  انظر: البخاري، الأذان 149 ، الدعوات 39، 44 - 46 ؛ مسلم ، المساجد 129، الذكر 49 .

 

[18]() انظر: احمد بن حنبل، المسند 4/216 ؛ ابن أبى شيبة، المصنف 7/491 ؛ ابو يعلى ، المسند 6/317 ؛ الطبراني، المعجم الأوسط 5/156 .

 

[19]() انظر: السيوطي، العرف الوردي في أخبار المهدي، الحاوي للفتاوي 2/234؛ أحمد زيني دحلان، الفتوحات الإسلامية 294 ؛ البرزنجي، الإشاعة في أشراط الساعة 95-99 ؛ القرطبي، مختصر التذكرة 133-134؛ ابن حجر الهيتمي، الفتاوى الحديثية 36.

 

[20]() انظر: نعيم ابن حماد، الفتن 1/246 ، 288 ، 4/839 _ 840 ، 6/1196 _ 1199 ؛ الحاكم، المستدرك 4/547 .

 

[21]() انظر: ابن أبى شيبة، المصنف 7/496 ؛ الطبراني، المعجم الكبير 11/313 ؛ الديلمي، المسند 2/237 ؛ نعيم ابن حماد ، الفتن 2/543 .

 

[22]() انظر: البخاري، الزكاة 9 ؛ مسلم ، الزكاة 59 .

 

[23]() الأحاديث في هذا الباب كثيرة، نذكر منها: «قلنا يا رسول اللّٰه ما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم» انظر: مسلم، الفتن 110 ؛ الترمذي، الفتن 59 ؛ أبو داود، الملاحم 14 ؛ ابن ماجة ، الفتن 33 ؛ احمد بن حنبل، المسند 4/181 .

 

[24]() انظر: مسلم، الفتن 110 ؛ الترمذي، الفتن 59 ، 62 ؛ أبو داود، الملاحم 14 ؛ ابن ماجة، الفتن 33 ؛ احمد بن حنبل، المسند 3/367 ، 420 ، 4/181 ، 216، 226، 390، 5/13، 6/75.

 

[25]() اقتداء عيسى عليه السلام بالمهدي، فيه أحاديث صحيحة كثيرة، نسوق منها: عن جابر بن عبد اللّٰه رضي اللّٰه عنهما، قال: قال رسول اللّٰه صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، فينـزل عيسى، فيقول أميرهم: تعال صل بنا، فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة اللّٰه هذه الأمة) رواه مسلم 155، 156.

 

[26]() انظر: مسلم، الفتن 33 ، 124 ، احمد بن حنبل، 3/224، 4/216 ؛ ابن أبى شيبة، المصنف 7/491 ، 499 ؛ ابن حبان، الصحيح 15/209

 

[27]() انظر: ابن أبى شيبة، المصنف 7/496 ؛ الطبراني، المعجم الكبير 11/313 ؛ الديملي، المسند 2/237 ؛ نعيم ابن حماد، الفتن 2/543 .

 

[28]() انظر: أبو داود، الملاحم 18 ؛ احمد بن حنبل، المسند 1/170

 

[29]() انظر: مسلم ، الإيمان 247؛ الترمذي، الفتن 53؛ أبو داود، المهدي، 4، 6 ،7؛ ابن ماجه، الفتن، 25، 34؛ أحمد بن حنبل، المسند 1/99. قال الشوكاني في التوضيح: والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثا فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً لها حكم الرفع، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك. اهـ (الإذاعة لمحمد صديق حسن خان 113 - 114).

 

[30]() انظر: البخاري، تفسير سورة الأنعام 9 ؛ مسلم، الإيمان 157 ، التوبة 31 ؛ الترمذي، الدعوات 98 .

 

[31]() انظر: مسلم، الفتن 39 _ 40 ، الترمذي، الفتن 21 ؛ ابو داود، الملاحم 12 ؛ ابن ماجة، الفتن 25 ، 28؛ احمد بن حنبل؛ المسند 4/6 .

 

[32]() انظر: البخاري، الأنبياء 48 ؛ اللباس 68، تعبير 11 ؛ مسلم، الايمان 273 ، 274 ، 275 ، الفتن 110 . قال الحافظ في الفتح: 13/94: وحكى شيخنا مجد الدين الشيرازي صاحب القاموس في اللغة، أنه اجتمع له من الأقوال في سبب تسمية الدجال خمسون قولاً .

 

[33]() انظر: مسلم، الفتن 95 ؛ الترمذي، الفتن 63 ؛ ابو داود، الملاحم 16 ؛ احمد بن حنبل، المسند 1/30 ، 32، 3/65 .

 

[34]() انظر: الترمذي، الفتن 57 ؛ ابن ماجه، الفتن 33 ؛ احمد بن حنبل، المسند 1/ 4 ، 7 .

 

Ekranı Genişlet