[أركان الإيمان في الرسائل]
إن هذه الآثار النورانية إذ ترغّب من ناحية إذا بها ترهّب من جهة أخرى؛ فهي تتضمن كليهما: الترغيب والترهيب معا، ولا ريب في جدوى تأثير إحدى هاتين الوسيلتين في الإنسان. وفي ضوء هذه الحقيقة توقِظ أهلَ القرآن وتلاميذه واضعة نصب أعينهم ستة أسس لئلا ينخدعوا.
1- إنها تضع بدلا من حب الجاه، ابتغاءَ مرضاة الله النابعة من الإيمان به سبحانه.
2- إنها تضع بدلا من الخوف والوقوع في شكوك الأوهام، الإيمانَ بالقدر.
3- إنها تضع بدلا من الحرص والطمع، الإيمانَ بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين.
4- إنها تضع بدلا من الأحاسيس والمشاعر العنصرية الإيمانَ بالرسل الكرام وفي مقدمتهم الرسول الأكرم r المبعوث إلى الجن والإنس كافة والذي يحقق لنا ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾(الحجرات:10)، ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾(آل عمران:103).
5 - إنها تضع بدلا من الأنانية وحب الذات، الاعترافَ بعجزنا، ونقصنا، مع الإدراك التام أننا مكلفون بأداء الخدمة والعمل للقرآن الكريم بنشر الرسائل المترشحة منه والحفاظ عليها، من دون ترقّب النتيجة؛ بمعنى التجرد من نوازع البشرية إلى حد ما والتشبه بالملائكة الذين هم واسطة لإنزال الكتب والصحف السماوية. فنحقق الإيمان بالملائكة بهذه الصورة.
6- إنها تضع بدلا من الكسل والخلود إلى الدعة والراحة، الإسراعَ إلى العمل للقرآن الذي كل ساعة منه تعدل يوما من العبادة. وتجعلنا أن نقدّر الوقت حق قدره ونستمسك بالعمل للقرآن من قبل أن يفلت منا هذا العملُ المقدس، مع فتح الأبصار لإدراك الأمور والأحداث. بمعنى معرفة قيمة الحياة قبل أن يحل بنا الموتُ فجأة.
وهكذا فيا أستاذي القدير! أنتم ترشدون إلى الإيمان بالآخرة دلالة ورمزا وإشارة وصراحة. ليرضَ الله عنكم وينقذ الأمة المحمدية من الضلالة ويوفقْكم في مسعاكم وجهادكم الخالص في الدعوة إلى القرآن.
آمين.. آمين.. بحرمة سيد المرسلين وبحرمة القرآن المبين.
لقد أرسلتُ "القسم السابع من المكتوب التاسع والعشرين" إلى أخيكم "السيد عبد المجيد" فقال في جوابه:
إنه لا يجوز النظر لأحد -مما سوى خلوصي وعبد المجيد- إلى تلك البنت الجميلة من بنات أفكار أخي الكبير. فالمحارم أيضا في هذا الأمر هم أجانب. أرى من الأفضل أن تكتب لأخي الكبير أن خروج مثل هذه الحسناء إلى الخارج لا يحقق نفعا بل ربما يولّد أضرارا جسيمة. إن سرعة الانفعال والغضب الذي كان لدى سعيد القديم مازال ساريا في سعيد الجديد، علما أن سعيدا الجديد لا ينبغي أن يضيّع وقته مع بنى الإنسان. وهذا ما يقتضيه مسلكه ومشربه. وعلى كل حال فالحافظ هو الله سبحانه.
وأنا بدوري قد أجبته بالآتي:
نعم، إن هذا الرأي صحيح بالنسبة لنا، ولكن لا أراه صحيحا بالنسبة للأستاذ الفاضل الذي أدار ظهرَه إلى الدنيا ووفّى بوظيفته حق الإيفاء، فالذي استخدمه في هذا الأمر الجليل سيعصمه بلا شك.
فلقد اقتنعتُ قناعة تامة بأن الأستاذ يدير ظهره إلينا أيضا إنْ قطعنا علاقتنا مع رسائل النور.
نعم، إن قلق أخينا العزيز، واردٌ وفى محله، واضطرابه خالص وهو محقّ فيه إذا ما أُخذ ظاهر الأمور بنظر الاعتبار، ولكن حرمان من له علاقة برسائل النور -وهم قلة معدودون- من هذه الحقائق وحجب هذه الآثار السامية عنهم، لا أراه صوابا بل هو مغاير لذلك الأساس. ﴿ فَاللهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (يُوسُفَ :64) فهو ناصرنا ومعيننا. وليس لنا إلاّ دفع الشكوك والمكايد والالتزام بالنية الصافية والشعور الخالص والشوق الجاد في السعي لشدّ أزر العمل الذي رفع لواءه أستاذنا الفاضل.
تحياتنا إلى إخواننا جميعا مع الدعاء لهم بالتوفيق والسداد مع رجاء الدعاء لي والصفح عن زلاتي، مع التوسل بألاّ تُخرجوا طالبكم الصادق من دعواتكم.
الباقي الحب في الله
خلوصي
