المسألة الرابعة:
إذا قلت: لماذا يتغلب أهلُ الكفر والضلال على أهل الهداية في الدنيا؟
الجواب: لأن اللطائف الإنسانية واستعداداتها التي مُنحت لشراء الألماس الأبدي تُحيلُها بلاهةُ الكفر وسُكرُ الضلالة وحيرةُ الغفلة إلى قطع زجاجية تافهة وبلورات ثلجية سرعان ما تزول. فلا شك أن الزجاج المتكسر الجمادَ لأنه قد أُشتري بثمن الألماس، يُصبح كأنه أفضل زجاج وأجلى جماد!
كان فيما مضى جوهري ثري، فقدَ عقله وأصبح معتوها، ولما ذهب إلى السوق أخذ يعطي خمس ليرات ذهبية لقطعة زجاجية لا تساوي شيئا. ولما رأى الناس هذا منه، بدأوا يعطونه ما لديهم من زجاج، حتى الأطفال أعطوه بلورات ثلجية لقاء قطعة ذهب.
وكذا، فقد سكِر سلطان في زمن ما، ودخل ضمن الأطفال ظنا منه أنهم وزراء وقواد، وبدأ بإصدار أوامر سلطانية إليهم. سُرّ الأطفال بذلك، وقضى هو لهوا بينهم لطاعتهم له.
وهكذا الكفر بلاهة، والضلالة سُكر، والغفلة حيرة، بحيث يشترى الكافر المتاع الفاني بدلا من الباقي. وهذا هو السر في قوة مشاعر أهل الضلالة. فيشتد العناد والحرص والحسد وأمثالها من الأحاسيس لديهم، حتى ترى أحدهم يعاند لسنة كاملة لما لا يساوي دقيقة واحدة من الاهتمام.
نعم، إنه ببلاهة الكفر وسكر الضلالة وحيرة الغفلة تهوي اللطيفةُ الإنسانية التي خُلقت –فطرةً- للأبد والأبدية، فتأخذ أشياء فانية بدلا من الباقية وتعطيها ثمنا غاليا.
وهناك مرض عصبي أو مرض قلبي ينتاب المؤمن أيضا حتى إنه -كأهل الضلالة- يعطي اهتماما لما لا يستحق الاهتمام به. لكن سرعان ما يدرك خطأه فيستغفر ربه ولا يصر عليه.
