إنذار نهائي إلى مفتى "أكريدر"

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سأدير معكم محاورة، لكونكم صديقا قديما وزميلا في العلم.

إنني أخبركم عن مصيبة دينية عظمية تتعلق بكلينا، فلنسع معا لدرء هذه المصيبة ورفعها. وهي كالآتي:

في الوقت الذي ينبغي أن يكون شخصكم الكريم أكثر اهتماما وأزيد تأييدا لعملنا للقرآن والإيمان وأسبق الناس في الذود عنه؛ نراكم مع الأسف تنظرون إلينا نظرة باردة تنطوي على روح المنافس، حتى اتخذتم منا موقف المنحاز المناوئ، لأسباب مجهولة. بل سعيتم في تعيين ابنكم مديرا في هذه القرية ([1]) ومن ثم إيجاد مؤازرين وأصدقاء له، مما آل الأمر إلى حالة ترتعد فرائصي بدلا منكم كلما فكرت في ماهيتها. وذلك لأنكم السبب والمسؤول عن الخطايا والآثام الناشئة من هذه الحالة، وذلك وفق قاعدة: "السبب كالفاعل".

فكما لا يتحول السم إلى ترياق بمجرد التسمية كذلك إطلاق أيّ اسم كان على أوضاع هيئة تُضمر روح الزندقة وتهيئ الأمور للإلحاد، لا يغير من الأمر شيئا. فليطلق عليها أي اسم كان، سواءً: الوطن الشاب، أو الوطنيين الميامين، فالمعنى لا يتغير. إذ الهيئات الموجودة في أماكن أخرى التي تتسمى بمنظمات الشباب ومجالس القوميين الأتراك، ومحافل التجدد، وما شابهها من الأسماء يمكن أن توجد في أشكال أخرى من دون أن تولد ضررا، ولكن سعي تلك الهيئة في هذه القرية وبإصرار ضدنا لا تكون إلاّ في سبيل الزندقة، وذلك لأننا منهمكون دوما في خدمة الإيمان وحقائق الدين فحسب منذ ثماني سنوات.

فلا شك أن أعمال الهيئة العاملة الجاهدة ضدنا تكون في سبيل الإلحاد خلافا لأصول الدين، بل حتى تُحسَب أعمالُها في سبيل الزندقة، فالنتيجة هي هذه، سواءٌ علمتَ بها أم لم تعلم، إذ قد تبين لدى الجميع أنه لا علاقة لي قطعا بالتيارات السياسية، بل نحن ننشغل بالحقائق الإيمانية وحدها.

فالآن لو عمل أحد عملا ضدنا فلا يعدّ عمله في سبيل الحكومة، لأن مسلكنا ليس سياسيا، ولا يكون أيضا في سبيل مستحدثات الأمور، لأن شغلنا الشاغل الحقيقي هو الأسس الإيمانية والقرآنية، ولا يكون أيضا في سبيل الأوامر الرسمية لدائرة الشؤون الدينية. لأن الانشغال بانتقاد أوامرها ومعارضتها يشغلنا عن عملنا المقدس. فندع ذلك العمل للآخرين ولا ننشغل به. بل نحاول ألاّ نمس تلك الأوامر على قدر المستطاع.

لذا فإن الذي يتخذ سلوك المخالف لنا والمتعدي علينا، فإن مخالفته هذه تعد في سبيل الزندقة والإلحاد، أيا كان اسمه، حيث إن هذه القرية أصبحت مدار تيار إيماني طوال ثماني سنوات.

ومن هنا فإن الوضع الناشئ، وضعٌ جادّ مهم يتعلق بكلينا، استنادا إلى علمكم ومقامكم الاجتماعي ومنصبكم، منصب الفتوى، ونفوذكم في هذه المناطق، ومعاونتكم لابنكم تلك المعاونة الناشئة من عطفكم المفرط على الأولاد.

إن بقائي هنا ليس دائمياً بل هو موقت، وأنا لست مكلفا بإصلاح ذلك الوضع بل يمكن أن أتخلّص من المسؤولية إلى حدّ ما. ولكن جنابكم العالي، لكونكم السببَ في الأمر ونقطة الاستناد فإن النتائج الوخيمة التي تنشأ من ذلك الوضع يترتب عليكم إصلاحُها قبل كل شيء، وذلك لئلا تُسجّل في سجل أعمالكم الأخروية. أو تسعون في سحب ابنكم من هذه القرية.

سعيد النورسي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

([1]) وهو الذي يذكره الأستاذ النورسي في المسألة السابعة من المبحث الرابع للمكتوب السادس والعشرين (الشخص الثاني).

Ekranı Genişlet