الأمارة الأولى:

لقد قضى أهل الكشف والتحقيق أن الإيمان التحقيقي كلما ارتقى من علم اليقين إلى حق اليقين يستعصي على السلب، فلا يُسلَب. وقالوا: إن الشيطان لا يستطيع أن يورث أحدا في سكرات الموت إلاّ إلقاء الشبهات بوساوسه إلى العقل فحسب. أما هذا النوع من الإيمان التحقيقي، فلا يتوقف في حدود العقل فحسب، بل يسرى إلى القلب وإلى الروح وإلى السر وإلى لطائف أخرى فيترسخ فيها رسوخا قويا بحيث لا تصل يد الشيطان إليها أبدا. فإيمان أمثال هؤلاء مصون من الزوال بإذن الله.

إن إحدى طرق الوصول إلى هذا الإيمان التحقيقي هو بلوغ الحقيقة بالولاية الكاملة بالكشف والشهود، وهذا الطريق إيمان شهودي يخص أخصّ الخواص.

أما الطريق الثاني فهو تصديق الحقائق الإيمانية بعلم اليقين البالغ درجة البداهة والضرورة، وبقوة تبلغ درجة حق اليقين، وذلك بفيض سر من أسرار الوحي الإلهي من جهة الإيمان بالغيب وبطراز برهاني وقرآني يمتزج فيه العقل والقلب معا.

فهذا الطريق الثاني هو أساسُ رسائل النور، وخميرتُها، وروحُها وحقيقتها. نعم، إن طلابها الخواص يشاهدون ذلك، بل إذا ما نظر الآخرون أيضا بإنصاف فإنهم يرون أن رسائل النور تبين استحالة الطرق المخالفة للحقائق الإيمانية، وأنها غير ممكنة وممتنعة.

Ekranı Genişlet