[مهمة رسائل النور]
إن رسائل النور لا تعمّر تخريبات جزئية، ولا ترمم بيتا صغيرا مهدما، بل تعمّر أيضا تخريبات عامة كلية، وترمم قلعة عظيمة -صخورها كالجبال- تحتضن الإسلام وتحيط به. وهي لا تسعى لإصلاح قلب خاص ووجدان معين بل تسعى أيضا -وبيدها إعجاز القرآن- لمداواة القلب العام المجروح، وضماد الأفكار العامة المكلومة بالوسائل المفسدة التي هُيئت لها ورُكّمت منذ ألف سنة، وتنشط لمداواة الوجدان العام الذي توجّه نحو الفساد نتيجةَ تحطُّم الأسس الإسلامية وتياراته وشعائره التي هي المستند العظيم للجميع ولا سيما عوام المؤمنين. نعم، إنها تسعى لمداواة تلك الجروح الواسعة الغائرة بأدوية إعجاز القرآن والإيمان.
فأمام هذه التخريبات الكلية الرهيبة، والشقوق الواسعة، والجروح الغائرة، ينبغي وجود حجج دامغة وأعتدة مجهّزة بدرجة حق اليقين وبقوة الجبال ورسوخها، ووجودُ أدوية مجرّبة لها من الخواص ما يفوق ألف ترياق وترياق (مضاد للسموم) ولها من المزايا ما يضاهي علاجات لا حدّ لها.
فرسائل النور النابعة من الإعجاز المعنوي للقرآن الكريم، تؤدي هذه المهمة وفي هذا الوقت أتم أداء، وتحظى في الوقت نفسه بكونها مدار انكشاف لمراتبَ غير محدودة للإيمان ومصدر رقي في مدارجه السامية غير المتناهية.
وعلى هذا المنوال جرت مكالمة طويلة، فسمعتُها كاملة، وشكرت الله كثيرا. أجملتها لكم.
ولمناسبة هذه الحادثة أُبيّن لكم حادثة وردت على خاطري في هذه الأيام:
عندما كنت أذكر كلمة التوحيد في ختام أذكار الصلاة ثلاثا وثلاثين مرة وردت هذه الخاطرة على قلبي: أن ساعة التفكر المذكورة في الحديث الشريف (تفكر ساعة خير من عبادة سنة) موجودة في رسائل النور، فاسع للعثور عليها وامتلاكها...
[نتائج الاهتمام بالأخبار السياسية]
جواب الأستاذ حول سؤال أورده كل من "أمين" و"فيضي"
سؤال: إنكم تذكرون في جوابكم: إن من يتابع بلهفةٍ الحوادثَ الجارية في الأوساط السياسية الواسعة يتضرر من حيث وظائفه في الدوائر الصغيرة الخاصة.. نرجو إيضاحا لهذا؟.
يقول أستاذنا:
الجواب: نعم، إن من يولي اهتماما بالغا في هذا الوقت بالصراعات الدائرة في الكرة الأرضية ويتابعها بلهفة وفضول بوساطة الراديو تلحقه أضرارٌ مادية ومعنوية كثيرة جدا؛ فإما أنه يشتت عقلَه ويصبح أبلها -روحا ومعنى- وإما أنه يشتت قلبَه فيكون ملحدا روحا ومعنىً، وإما أنه يشتت فكره فيغدو أجنبيا روحا ومعنى.
نعم، إني شاهدت رجلا من العوام صاحب تقوى ودين -وآخر ينتسب إلى العلم- قد حزن حزنا شديدا لحد البكاء لانهزام كافرٍ عدوٍ للإسلام منذ القدم، وذلك لكثرة اهتمامه بما لا يعنيه، وفي الوقت نفسه سُرّ سرورا بالغا من تقهقر جماعة السادة من أهل البيت تجاه كافر عنيد!
أليس هذا أعجب مثال للجنون وتشتت العقل، أن يفضّل رجل عامي يتعلق عقلُه بدائرة السياسة الواسعة كافرا عدوا لدودا للإسلام على مجاهد سيد من أهل البيت؟
نعم، إن مسائل السياسة تتعلق -إلى حدٍ ما- بوظيفة العاملين في الشؤون الخارجية وأركان الحرب في الجيش والقادة المسؤولين. أما دفع تلك المسائل إلى رجل عامي ساذج وإثارته بها، وصرفه عما يلزمه من وظائف تجاه شؤون روحه وأمور دينه، بل حتى تجاه شؤونه الشخصية بالذات ولوازم بيته وقريته، ومن ثم جعله بهذا التلهف والفضول سائب الروح، ثرثار العقل، فاقدا لأذواق القلب نحو الحقائق الإيمانية والإسلامية، خائر الشوق إليها.. وكذا إثارة العوام بتلك الاهتمامات التافهة التي تقتل قلوبهم معنىً -بما يشبه تهيئة الجو الملائم للإلحاد- ودفعهم إلى استماع الراديو في شؤون سياسية لا تعنيهم في شيء... أقول: إن كل ذلك لضرر بالغ للحياة الاجتماعية الإسلامية بحيث إن الإنسان كلما فكر بنتائجها الوخيمة المترتبة عليها يقشعر من هولها جلده، ويقف شعره!
نعم، إن كل إنسان له علاقه بوطنه وقومه وحكومته، ولكن من الخطأ الجسيم جعْل منافع الأمة ومصلحة الوطن والحكومة تابعةً لسياسة مؤقتة لبعض الأشخاص انجرافا لتيارات موقتة، بل تصوّرها نفسها.. فضلا عن أن حصة كل شخص من تلك الروح الوطنية والقومية وما تترتب عليها من وظائف إن كانت واحدة فإن حصته تجاه وظائف قلبه ومهمات روحه وواجباته الشخصية والبيتية والدينية وغيرها عشرون بل مائة حصة. لذا فإن تضحية هذه العلاقات الجادة والضرورية جدا لأجل تلك الحصة الواحدة من التيارات السياسية غير الضرورية مما لا يعنيه شيئا... أقول: إن لم يكن هذا جنونا فما هو إذن؟
هذا هو جواب أستاذنا الذي ألقاه علينا بسرعة، ونحن بدورنا كتبناه باستعجال. فنرجو غض النظر عن التقصير.
نعم، ونحن بدورنا نصدّق ما يقوله الأستاذ، لأننا قد شاهدنا ما يقوله في أنفسنا وفي أصدقائنا فعلا. حتى ترك بعضُهم صلاة الجماعة -وربما الصلاة نفسها- لأجل الاستماع إلى الراديو الذي يذيع الأخبار في أثناء وقت الصلاة بذاته. حتى إنه باهتمامه الشديد وفضوله البالغ لمتابعة أخبار الحرب -التي هي صفعة قوية متلاحقة على المدنية الحاضرة ولسفاهتها وضلالها ولأهانتها الإسلام- وتلهّفه للشؤون السياسية الدائرة في أوساطها الواسعة تلهفا شديدا والاسترشاد في شؤونه -بالراديو- بآراء أناس تسممت نفوسُهم وحارت عقولُهم، مما أضرّ بعمله المقدس الجليل ضررا جسيما.
من طلاب النور من طلاب النور
أمين فيضي
[فساد الهواء المعنوي وعلاجه]
كنت أرى في نفسي وفي طلاب النور القريبين من هنا رهقا، وفتورا في الشوق، بعد انقضاء الأشهر الحرم. ولم أكن أفهم سبب ذلك بوضوح إلاّ الآن حيث رأيت أن ما قلته -ظنا- من سبب إنما هو حقيقة. وهي:
كما أن الهواء يؤثر تأثيرا سيئا إن كان فاسدا -فسادا ماديا- كذلك الهواء المعنوي إذا ما فسد -فسادا معنويا- فإنه يؤثر تأثيرا سيئا في كل شخص وحسب استعداده. إن توجّه المؤمنين عامة وإقبالهم الجاد في الشهور الثلاثة إلى كسب مغانم أخروية والفوز في تجارتها، يصفّي الهواء المعنوي للعالم الإسلامي عامة وينقيه ويجمّله. حتى يتمكن من الصمود تجاه الآفات المهلكة والبلايا الرهيبة. فكل مؤمن يستفيد من ذلك الهواء الصافي الجميل حسب درجته.
ولكن بعد مضي الشهور المباركة تتبدل أوضاعُ السوق الأخروية، وتتفتح أبواب السوق الدنيوية، فيعتري الهممَ والتوجهات شيءٌ من التغير والتبدل، إذ الأبخرة تسمّم الهواء المتصاعد من الأمور التافهة السخيفة، وتفسد ذلك الهواء الجميل. فيتضرر بدوره كلُّ مؤمن حسب درجته.
وعلاج هذا الداء والنجاة منه هو أنه ينبغي النظر إلى الأمور بمنظار رسائل النور، والسعي في الخدمة السامية بجد أكثر وشوق أعظم كلما ازدادت المشكلات. لأن فتور الآخرين وتخلّيهم عن الخدمة مدعاةٌ لإثارة غيرة أهل الهمة وتحفيز شوقهم، إذ يجد نفسه مضطرا إلى حمل شيء من أعبائهم ومهماتهم، بل ينبغي له ذلك.
[الذنوب في آخر الزمان]
مسألة أُخطرت على القلب فجأة: هناك روايات حول التضخم الرهيب لذنوب المرء في آخر الزمان. فكنت أفكر: هل يمكن أن يرتكب إنسان أضعاف ما يرتكبه شخص واحد من الخطايا والذنوب بألوف المرات؟ ترى أي ذنوب هذه -المجهولة لدينا- حتى تتعرّض للموجودات وتمس الكون فتثير غضبَه وتزيد حدّته، بل تسبب قيام الساعة ودمار العالم عليهم؟
وها قد رأينا أسبابها المتعددة في الوقت الحاضر:
فمثلا: لقد فُهم من وجوهها المتعددة، بجهاز الراديو الموجود لدي. حيث إن شخصا واحدا يرتكب مليونا من الكبائر دفعةً واحدة بكلمة واحدة يتفوه بها في الراديو، فيُقحم ملايين المستمعين له في الذنوب.
نعم، إن جهاز الراديو ينطق بلسان واحد، إلاّ أنه يدفع مئات الألوف من الكلمات في الهواء دفعة واحدة. فبينما ينبغي أن يملأ هذا الجهاز -الذي هو نعمة إلهية عظمى- ذراتِ الهواء قاطبة، بالحمد والثناء والشكر لله سبحانه وتعالى، إلاّ أن سفاهة البشر المتولدة من الضلالة تستعمل هذا الجهاز بما يخالف الشكر والحمد لله. فلا جرم أنه سيعاقب عليها.
نعم، إن المدنية الدنيّة الظالمة قد عوقبت، بكفرانها بالنعمة الإلهية وعدم إيفائها الشكر لله، تجاه ما أنعم عليها سبحانه من الخوارق الحضارية، لصرفها تلك الخوارق إلى الدمار حتى سلبت سعادة الحياة كليا وأردت الناسَ الذين يُعدّون في ذروة الحضارة والمدنية إلى أدنى من دركات الوحوش الضالة، وأذاقتهم عذاب جهنم قبل الذهاب إليها.
نعم، إن كون جهاز الراديو نعمة إلهية كلية يقتضي شكرا كليا، ولا يكون ذلك الشكر الكلي إلاّ بتلاوته القرآن الكريم باستمرار، كي يوصل إلى مخاطبيه الحاليين دفعة واحدة ذلك الكلام الأزلي الصادر من خالق السماوات والأرض، فيصبح كمقرئ سماوي حافظ للقرآن الكريم يملك ألوف الألوف من الألسنة. وبهذا يكون قد أدّى ما عليه من مهمة الشكر والحمد لله، فيديم في الوقت نفسه تلك النعمة المهداة.
[هل حفظ القرآن أفضل أم استنساخ الرسائل؟]
إخوتى الأعزاء الأوفياء!
إن نشاطكم وجهودكم بما يفوق آمالي، ستجعلني في شكر وامتنان لله تعالى إلى آخر رمق من حياتي..
وقد ورد سؤال في رسالتكم هذه المرة: هل حفظ القرآن الكريم أفضل أم استنساخ رسائل النور؟
إن جواب سؤالكم هذا بديهي، لأن أعظم مقام في هذا الكون وفي كل عصر هو للقرآن الكريم. وإن تلاوته وحفظه يفضُل أي عمل آخر ويتقدّم عليه، حيث إن لكل حرف منه حسنات تتراوح من العشرة إلى الألوف.
ولكن لأن رسائل النور براهينُ لحقائق القرآن العظيم الإيمانية وحججه، ولكونها وسيلة إلى حفظ القرآن الكريم وتلاوته، ومفسّرة لحقائقه وموضّحة لها، ينبغي السعي لها أيضا جنبا إلى جنبِ حفظ القرآن الكريم.
[تعديل الشفقة المفرطة]
حقيقة تعيد الصواب للمنساقين إلى مسالك البدع والضلالة بشفقتهم المفرطة
لما كانت شفقة الإنسان تجلياً من تجليات الرحمة الربانية، فلا ينبغي تجاوز درجة الرحمة الإلهية والمغالاة أكثر من رحمة من هو رحمة للعالمين r، فلو تجاوزها وغالى بها فإنها ليست رحمة ولا رأفة قط، بل هي مرض روحي وسقم قلبي يفضي إلى الضلالة والإلحاد.
فمثلاً: إن الانسياق إلى تأويل عذاب الكفار والمنافقين في جهنم، وما يترتب على الجهاد وأمثالها من الحوادث -من جراء ضيق شفقة المرء عن استيعابه وعدم تحملها له- إنكار لقِسم عظيم من القرآن الكريم والأديان السماوية وتكذيب له، وهو ظلم عظيم وعدم رحمة في منتهى الجور في الوقت نفسه؛ لأن حماية الوحوش الكاسرة والعطفَ عليها، وهي التي تمزق الحيوانات البريئة، غدر عظيم تجاه تلك الحيوانات البريئة، ووحشية بالغة نابعة من فقدان الوجدان والضمير.
فالتعاطف إذن وموالاةُ أولئك الذين يبيدون حياة ألوف المسلمين الأبدية ويمحونها، ويسوقون مئات المؤمنين إلى سوء العاقبة بدفعهم إلى ارتكاب الذنوب والخطايا، والدعاءُ لأولئك الكفار والمنافقين، رحمةً بهم وعطفاً عليهم لينجوا من العقاب الشديد، لا شك أنه ظلم عظيم وغدر شنيع تجاه أولئك المؤمنين المظلومين.
وقد أثبتتْ رسائل النور إثباتاً قاطعاً: أن الكفر والضلالة تحقير عظيم للكائنات وظلم شنيع للموجودات، ووسيلة لرفع الرحمة الإلهية ونزول المصائب والبلايا، حتى وردت روايات من أن الأسماك التي في قعر البحر تشكو إلى الله ظلم الجناة، لسلبهم راحتها.
ولهذا فالذي يرأف ويعطف على تجرع الكافر صنوف العذاب في النار، يعني أنه لا يرأف ولا يعطف على أبرياء لا يحصيهم العد ممن هم أليق بالرأفة وأجدر بالعطف بل ولا يشفق عليهم، بل يظلمهم ظلماً فاضحاً.
ولكن هناك أمر آخر وهو أن البلاء عندما ينـزل بالمستحقين له، يُبتلى به الأبرياء أيضاً. وعندها لا يمكن عدم الرأفة بهم. إلاّ أن هناك رحمة خفية لأولئك الأبرياء المظلومين الذين تضرروا من ذلك البلاء النازل بالجناة.
ولقد كنت -في وقت ما في الحرب العالمية الأولى- أتألم كثيراً من المظالم والقتل الذي يرتكبه الأعداء تجاه المسلمين ولاسيما تجاه أطفالهم وعوائلهم، وكنت أتعذّب عذاباً يفوق طاقتي -لما فيّ من شفقة مفرطة ورأفة متزايدة- وحينها ورد على القلب فجأة الآتي:
إن أولئك الأبرياء المقتولين يُستشهدون ويصبحون أولياء صالحين، وإن حياتهم الفانية تُبدل إلى حياة باقية، وإن أموالهم الضائعة تصبح بحكم الصدقة فتبدل أموالاً باقية. بل حتى لو كان أولئك المظلومون كفاراً فإن لهم من خزينة الرحمة الإلهية مكافآت كثيرة بالنسبة لهم -مقابل ما عانَوا من البلاء في الدنيا- بحيث لو رفع ستار الغيب فإن ما ينالونه من رحمة ظاهرة يدفعهم إلى أن يلهجوا بـــ"الشكر لله والحمد لله".
عرفتُ هذا، واقتنعت به قناعة تامة، ونجوت بفضل الله من الألم الشديد الناشئ من الشفقة المفرطة
[نظرة إلى رسالة "المناظرات"]
لقد ألقيت نظرة إلى رسالة "المناظرات" وذلك بعد مرور خمس وثلاثين سنة على تأليفها فرأيت فيها وفي أمثالها من مؤلفات "سعيد القديم" أخطاءً وهفوات. إذ ألّف تلك الآثار في حالة روحية ولّدها الانقلاب السياسي.([1]) وأنشأتها مؤثرات خارجية وعوامل محيطة به.
إنني استغفر الله بكل حولي وقوتي من تلك التقصيرات راجيا من رحمته تعالى أن يغفر تلك الخطايا التي ارتكبتُها بنية حسنة وبقصد جميل، لدفع اليأس المخيّم على المؤمنين.
إن أساسين مهمّين يهيمنان على آثار "سعيد القديم" -كهذه الرسالة- والأساسان ذوا حقيقة ولكن، كما تحتاج كشفيات الأولياء إلى تأويل، والرؤى الصادقة إلى تعبير، فإن ما أحس به "سعيد القديم" بإحساس مسبق -أي قبل وقوع الأمر- بحاجة كذلك إلى تعبير، بل إلى تعبير دقيق. إلاّ أن إخباره عما توقع حدوثَه وبيانه تلكما الحقيقتين بلا تأويل ولا تعبير، أدّى إلى ظهور شيء من النقص والقصور وخلاف الواقع فيما أخبر عنه.
الأساس الأول: هو ما زفّه من بشرى سارة للمؤمنين بظهور نورٍ في المستقبل. زفّ هذه البشرى ليزيل بها يأسهم ويرفع عنهم القنوط، فلقد أحسّ بإحساس مسبق أن رسائل النور ستنقذ إيمان كثير من المؤمنين، وستشد أزرهم في زمان عصيب عاصف. إلاّ أنه نظر إلى هذا النور، من خلال الأحداث السياسية التي واكَبت الانقلاب وحاول تطبيق ما رآه من نور على واقع الحال من دون تعبير ولا تأويل. فوقع في ظنه أن ذلك النور سيظهر في عالم السياسة وفي مجال القوة وفي ميدان فسيح. فقد أحسّ إحساسا صادقا إلاّ أنه لم يوفّق في التعبير عن بُشراه توفيقا كاملا.
الأساس الثاني: لقد أحس "سعيد القديم" ما أحسّ به عدد من دهاة السياسة وفطاحل الأدباء؛ بأن استبداداً مريعاً مقبلٌ على الأمة، فتصدّوا له، ولكن هذا الإحساس المسبَق كان بحاجة إلى تأويل وتعبير، إذ هاجموا ما رأوه من ظل ضعيف لاستبدادات تأتي بعد مدة مديدة وألقت في نفوسهم الرعب، فحسبوا ظل استبداد ليس له إلاّ الاسم استبداداً أصيلاً، فهاجموه. فالغاية صحيحة إلاّ أن الهدف خطأ.
وهكذا فلقد أحسّ "سعيد القديم" أيضا بمثل هذا الاستبداد المخيف فيما مضى. وفي بعض آثاره توضيحات بالهجوم عليه، وكان يرى أن المشروطية الشرعية وسيلة نجاةٍ من تلك الاستبدادات المرعبة. لذا سعى في تأييدها بالحرية الشرعية والشورى ضمن نطاق أحكام القرآن، آملا أن تدفعا تلك المصيبة.
نعم، لقد أظهر الزمانُ أن دولة تسمى داعيةَ الحرية قد كبّلت بثلاثمائةٍ من موظفيها المستبدين ثلاثمائة مليونٍ من الهنود، منذ ثلاثمائة سنة، وسيطرت عليهم كأنهم ثلاثمائة رجل لا غير، حتى لم تتركهم يحرّكون ساكنا. ونفذّت قانونها الجائر عليهم بأقسى صورة من صور الظلم، آخذةً آلاف الأبرياء بجريرةِ مجرم واحد. وأعطت لقانونها الجائر هذا اسمَ العدالة والانضباط. فخَدَعت العالمَ ودفعته إلى نار الظلم. هذه الدولة غدت مقتدى ذلك الاستبداد القادم في المستقبل.
وفي رسالة "المناظرات" هوامش قصيرة، وملاحظات وردت على صورة طُرف ولطائف، فهي من قبيل الملاطفة مع قسم من طلابه الظرفاء في تأليفه القديم ذاك، إذ قد وضّح لهم الأمور بأسلوب الدرس والإرشاد.
ثم إن زبدة هذه الرسالة "المناظرات" وروحَها وأساسها، هي ما في خاتمتها من حقيقةِ إقامة "مدرسة الزهراء"، وما هي إلاّ المهد الذي سيشهد ظهور "رسائل النور" في المستقبل. فكان يُساق إلى تأسيسها دون إرادة منه. ويتحرى -بحس مسبق- عن تلك الحقيقة النورانية في صورة مادية حتى بدت جهتها المادية أيضا، إذ منَح السلطان رشاد تسع عشرة ألف ليرة ذهبية لتأسيس تلك المدرسة، وأُرسيت قواعدُها فعلا، إلاّ أن اندلاع الحرب العالمية الأولى حال دون إكمال المشروع.
ثم بعد حوالي ست سنوات ذهبتُ إلى أنقرة، وسعيت في إنجاز تلك الحقيقة. وفعلاً وافق مائة وثلاثة وستون نائباً في مجلس الأمة من بين مائتي عضو على تخصيص خمسة عشر ألف ليرة ورقية لبناء مدرستنا، ولكن يا للأسف -ألف ألف مرة- سُدّت جميع المدارس الدينية، ولم أستطع أن أنسجم معهم فتأخر المشروع أيضاً
بيد أن المولى القدير أسس برحمته الواسعة الخصائص المعنوية لتلك المدرسة وهويتها في "اسبارطة" فأظهر "رسائل النور" للوجود. وسيوفق -إن شاء الله- طلاب النور إلى تأسيس الجهة المادية لتلك الحقيقة أيضا.
إن سعيدا القديم على الرغم من معارضته الشديدة لمنظمة "الاتحاد والترقي" فإنه مال إلى حكومتها ولاسيما إلى الجيش، حيث وقف منهم موقف تقدير وإعجاب والتزام وطاعة. وما ذاك إلاّ بما كان يحس به من إحساس مسبَق من أن تلك الجماعات العسكرية والجمعية الملية سيظهر منهم بعد سبع سنوات مليون من الشهداء الذين هم بمرتبة الأولياء. فمال إليهم طوال أربع سنوات دون اختيار منه، وبما يخالف مشرَبه. ولكن بحلول الحرب العالمية وخضّها لهم أُفرز الدهن المبارك من اللبن فتحول إلى مخيض لا قيمة له. فعاد "سعيد الجديد" إلى الاستمرار في جهاده وخالف سعيدا القديم.
[حول المؤلفات الأخرى]
إلى إخوتي "الخواص" من طلاب رسائل النور، وهم أصحابها و وارثوها وإلى "الأركان" وهم ركائز رسائل النور وخواص الخواص، أبيّن ما يأتي لمناسبة حادثة وقعت في هذه الأيام:
إن رسائل النور تسد الحاجة التي تخص الحقائق الإسلامية، فلا تدع حاجةً إلى مراجعة مؤلفات أخرى.
ولقد عُلم بتجارب كثيرة قاطعة؛ أن أقصرَ طريق وأسهلَه لإنقاذ الإيمان وتقويته وجعله تحقيقيا هو في رسائل النور.
نعم، إن رسائل النور تقطع ذلك الطريق في خمسة عشر أسبوعا بدلا من خمس عشرة سنة، فتبلغ بالمرء الإيمانَ الحقيقي.
وبينما كان أخوكم هذا الفقير شغوفا بالمطالعة قبل عشرين سنة، حتى كان يطالع –بفهم- كتابا مجلدا أحيانا في يوم واحد، فقد كفاه منذ ما يقرب من عشرين سنة القرآنُ الكريم ورسائل النور المفاضة منه. فلم أحتج حتى إلى كتاب واحد. ولم أحتفظ بأي كتاب عندي.
وعلى الرغم من أن أبحاث رسائل النور تدور حول حقائق متنوعة جدا، فإنني لم أجد حاجة إلى مراجعة أي كتاب كان في أثناء تأليفها منذ عشرين سنة. فلا شك أنكم لا تحتاجون كذلك إلى مؤلفات أخرى وتستغنون عنها أكثر مني بعشرين درجة.
ثم إنني لما كنت قد اعتمدت عليكم وما زلت معتمدا، فلا ألتفت إلى غيركم، ولا أنشغل بسواكم. فينبغي لكم أيضا أن تثقوا برسائل النور وتطمئنوا بها، بل هذا هو الألزم في هذا الوقت.
ثم إنه لمباينة المسلك والمشرب في مؤلفات بعض المؤلفين الجدد في الوقت الحاضر ومسايرتها البدع، فإن إحدى مهمات رسائل النور هي الحفاظ على الحروف والخط القرآني فضلا عن حفاظها على الحقائق الإيمانية تجاه الزندقة. ولقد اشترى أحد الخواص مؤلفات يستعملها بعض العلماء -تحت ستار العلوم الدينية- في إنـزال الضربات القوية على الحروف والخط القرآني، اشتراه لهوى مجهول مع أنه يدرّس الحروف القرآنية. فشعرت -دون علمي به- امتعاضا نحو أولئك الطلاب الخواص وأنا في الجبل. ثم نبهتهم فانتبهوا بفضل اللٰه. نسأله تعالى نجاتهم نجاة تامةً.
إخوتي!
إن مسلكنا دفاعٌ لا اعتداء، تعميرٌ لا تخريب، ونحن محكومون لا حكام. فالذين يتعدّون علينا كثيرون لا يُحصون. ولا شك أن في مسلكهم حقائقٌ مهمة هي بضاعتُنا نحن، فلا حاجة لهم إلينا في انتشار تلك الحقائق، فلهم الألوف ممن يقرؤونها وينشرونها. فنحن بسعينا لمعاونتهم تتزعزع كثير من الوظائف التي وُضعت على كاهلنا ونكون وسيلة إلى ضياع ما يجب محافظته من أسس وحقائق رفيعة تخص الطوائف، كلا على حدة.
فمثلا: لقد أُلّفت مؤلفات تهيئ لنوع من العداء للأولياء متخذةً بعض الرخص الشرعية ستارا، وأحداثَ الزمان حجةً، فإن الوظيفة الأساس لرسائل النور -من دون أن تشملها العموم- هي الحفاظ على أساس الولاية الجارية ضمن الحقائق الإسلامية، وأساسِ التقوى، وأساسِ الأخذ بالعزيمة، وأسس السنة النبوية الشريفة وأمثالها من الأسس الدقيقة المهمة، فلا يمكن ترك تلك الأسس بحجة الضرورة وحادثات الزمان.
[تأويل حديث متشابه]
لعدم وضوح المعاني الحقيقية لأحاديث صحيحة تخص نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان وقتله الدجال، فإن قسما من العلماء الظاهريين -أخذاً بظاهر تلك الروايات والأحاديث- قد وقعوا في الشبهات أو أنكروا صحتها، أو ألبسوها معنى خرافيا بما يشبه انتظار صورة محالة، فيضرون عوام المسلمين. أما الملحدون فينشرون أمثال هذه الأحاديث البعيدة عن العقل ظاهرا، فيشنون هجوما على الحقائق الإسلامية مستخفّين بها.
أما رسائل النور فقد أظهرت -بفيض القرآن- التأويلاتِ الحقيقية لأمثال هذه الأحاديث المتشابهة.
والآن نقدم مثالا واحدا كأنموذج وهو الآتي:
هناك رواية تفيد أن عيسى عليه السلام عند جهاده الدجال وأثناء قتله له يقفز بمقدار عشرة أذرع ليتمكن من ضرب ركبة الدجال بسيفه.
بمعنى أن جسم الدجال أضخم من عيسى عليه السلام بهذه الدرجة. وعلى هذا المعنى يلزم أن يكون طول الدجال عشرة أمثال طول عيسى عليه السلام بل عشرين مثلا.
فالمعنى الظاهري لهذه الرواية مناف لحكمة التكليف الإلهي وحكمة الامتحان، مثلما لا يوافق عادة الله الجارية في البشرية.
والحال أنه ظهر معنى من المعاني الكثيرة لهذه الرواية ولهذا الحديث حتى في هذا الزمان. بما يُسكت الزنادقة الذين يظنونها خرافة -حاش لله- وينبه العلماء الظاهريين المعتقدين الظاهرَ عينَ الحقيقة والذين مازالوا منتظرين تحقّق الحديث، رغم مشاهدتهم لقسم من حقائقه.
نعم، لقد ظهر حتى في هذا الزمان معنى من معانيه الكثيرة، تلك المعاني التي هي عين الحقيقة والانسجام التام مع الواقع.
والمعنى هو الآتي: إن حكومةً تسعى لنشر الدين العيسوي وتحاول الحفاظ على عاداته المستمرة، تحاربها حكومةٌ تعلن مساعدتها رسميا للإلحاد وللبلشفية، لأجل منافعها الخسيسة، بل تسعى للدعاية لها. وحكومة أخرى تنحاز إلى بث الإلحاد بين أوساط المسلمين وفي آسيا عامة لأجل منافعها الخسيسة الفاسدة وتحالِف حكومات دساسة جبارة. فلو تمثّل الشخصُ المعنوي للحكومة الأولى، وتجسّم الشخص المعنوي للمتحالفين المنحازين للإلحاد، لظهر معنىً من المعاني العديدة لهذا الحديث في هذا الزمان بجهات ثلاث. فإن أحرزت تلك الحكومة الغالبة النصرَ نتيجة الحرب ارتفع هذا المعنى الإشاري إلى درجة المعنى الصريح، وإن لم تحرز النصر تماما فهذا المعنى أيضا هو معنى إشاري موافق.
الجهة الأولى: جماعة الروحانيين المتمسكين بالدين العيسوي الحقيقي، وفي مقابلهم الجماعة التي بدأت تروّج للإلحاد، فإذا ما تجسمت تلكما الجماعتان بصورة إنسان، فإن الجماعة الأولى لا تصبح حتى بقدر طفل أمام إنسان بارتفاع منارة.
الجهة الثانية: حكومة تعد أفرادها مائة مليون نسمة تعلن رسميا: إنني سأزيل الإلحاد وأحمي الإسلام والمسلمين، تحارب حكومة تحكم أربعمائة مليون ومتحالفة مع الصين وأمريكا -أي بأربعمائة مليون نسمة- هذه الحكومات متحالفة علنا مع البلاشفة. فلو تجسم المحاربون في الحكومة الأولى الذين ينـزلون ضرباتهم القاصمة بأولئك المتحالفين وتجسّم الملحدون والمتحالفون معهم في شخص معنوي آخر، لظهرت صورةُ إنسان صغير تجاه إنسان بارتفاع منارة. هذا وقد ورد في رواية أن الدجال يحكم الدنيا، فهذه الرواية تعني أن الغالبية العظمى تميل إليه. كما هو واقع الآن!
الجهة الثالثة: أن حكومة لا تساوى مساحتها ربع مساحة أوروبا -وهي أصغر القارات الأربع- تحارب منتصرةً حكومة تسيطر على أغلب بقاع العالم من آسيا وأفريقيا وأمريكا وأستراليا، وإن الحكومة الأولى تستند إلى الدين وفي حلف مع دولة تدّعى الوكالة عن سيدنا عيسى عليه السلام، تجاه التيارات الإلحادية المستبدة، وتنـزل الأولى عليهم بالمظلات. فلو تجسمت الأولى والأخريات وصوّرت بصورة إنسان -كما كانت الجرائد ترسم الصور "الكاريكاتيرية" لإظهار قوة الدول ومكانة الحكومات- فإن معنى من المعاني العديدة لما يخبر به الحديث الشريف سيظهر مطابقا تماما في جريدة الأرض وفي صحيفة هذا العصر.
حتى إن معنىً إشاريا لما يشير إليه الحديث من نزول شخص عيسى عليه السلام من السماوات هو أن طائفة ممثلة لسيدنا عيسى عليه السلام وسالكة سلوكه تنـزل بمظلات من الطائرات كبلاء سماوي -بما لم يُسمع به لحد الآن ولم يُشاهد قط- خلف الأعداء مما يظهر المعنى المادي لنـزول عيسى عليه السلام.
نعم، إن ما يفيده الحديث الشريف من نزول عيسى عليه السلام ثابت قطعا إلاّ أن المعنى الإشاري كما يشير بإعجاز إلى هذه الحقيقة فهو يشير إلى معاني أخرى أيضا.
عندما شرعتُ في كتابة بضعة أسطر حول هذه المسألة -بناء على سؤال "فيضي وأمين" وإصرارهما- إنقاذا لإيمان بعض العوام الضعفاء كتّبتْ مطولةً خارج إرادتي. ولم ندرك حكمتها، فتركناها كما هي، لعل فيها حكمة ما. نرجو عفوكم وسماحكم إذ لم نجد متسعا من الوقت لتصحيح هذا البحث وتدقيقه فظل مشوشا.
[صداقة الأبطال]
باسمه سبحانه
﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعدد حروفات القرآن..
بارك الله فيكم، وجعلكم سعداء. إن سعيكم الجاد ونشاطكم المستمر يبث الشوق ويثير الهمم هنا وفي أماكن أخرى أيضا. فحمدا لله بما لا يتناهى من الحمد، إن فتوحات رسائل النور تتزايد يوما بعد يوم. فإن أهل الإيمان يشعرون بجروحهم ويضمدونها برسائل النور.
لله الحمد، إن طلاب النور في هذا الزمان الذين حظوا بالإيمان الكامل ضمن السنة الشريفة، قد أخذوا مسلكا يلفت إليهم أنظار الأولياء والمرشدين. لذا فإن المرشدين الحقيقيين الذين يَظهرون في كل عصر سيحاولون بلا شك كسب طلاب النور إلى صفهم، إذ لو كسب أحدُهم طالبا لرسائل النور فإنه يُنـزله منـزلة عشرين مريد.
أُرسل الحقيقة التي بيّنتُها لـ"فيضي" حول المشقات الحاصلة من خدمة رسائل النور وما فيها من مجاهدة وبذل، تجاه الأذواق والجاذبية المترشحة من الولاية، أرسلها لكم لعل فيها فائدة في تلك المناطق.
بلغوا سلامي إلى إخواني عامة فردا فردا.
أخي فيضي!(*) إن كنت ترغب أن تكون مثيل أبطال ولاية إسبارطة، فعليك أن تُشبههم وتكون مثلهم تماماً. فلقد كان معنا في السجن([2]) شيخ عظيم ومرشد مرموق ذو جاذبية من أولياء الطريقة النقشبندية -رحمه الله- جالَسَ ما يقرب من ستين من طلاب النور طوال أربعة أشهر وحاورهم محاورات مغرية لجلبهم إلى الطريقة، إلاّ أنه لم يتمكن إلاّ من ضم واحدٍ منهم إلى صفه، وبصورة مؤقتة. أما الباقون فقد ظلوا مستغنين عنه وهو الولي الصالح، إذ كفتهم الخدمةُ الإيمانية الرفيعة التي تقدمها رسائل النور، واطمأنوا بها. ولقد فقه أولئك الأبطال بقلوبهم الواعية ورأوا ببصيرتهم النافذة الحقيقةَ الآتية:
إن خدمة رسائل النور هي إنقاذ الإيمان، أما الطريقة والمشيخة فهي تُكسب المرء مراتب الولاية. وإن إنقاذ إيمان شخص من الضلال أهم بكثير وأجزل ثواباً من رفع عشرة من المؤمنين إلى مرتبة الولاية؛ حيث إن الإيمان بمنحه للإنسان السعادة الأبدية يضمن له ملكاً أوسع من الأرض كلها. أما الولاية فإنها توسّع من جنة المؤمن وتجعلها أسطع وأبهر. وكما أن رفع مرتبة إنسان اعتيادي إلى سلطان، أعظم من رفع عشرة من الجنود إلى مرتبة القائد، كذلك الثواب في إنقاذ إيمان إنسان من الضلالة أعظم وأجزل من رفع عشرة من الناس إلى مرتبة أولياء صالحين. فهذا السر الدقيق هو الذي أبصرته القلوب النفاذّة لإخوانك في إسبارطة، وإن لم تره عقول قسم منهم. ولهذا فضّلوا صداقة شخص ضعيف مذنب مثلي، على صداقة أولياء عظام بل على مجتهدين إن وجدوا.
فبناء على هذه الحقيقة لو أن قطباً من أقطاب الأولياء أو شيخاً جليلاً كالكيلاني، أتى إلى هذه المدينة وقال لك: "سأرفع مرتبتك إلى مرتبة الولاية في عشرة أيام"، وذهبت إليه تاركاً رسائل النور، فلا تستطيع أن تصادق أبطال إسبارطة.
([1]) المقصود إعلان المشروطية، وهي إدارة البلد على النمط الغربي من مجلس نيابي ودستور ووزارة مسؤولة أمام المجلس النيابي.( المترجم).
[2]() المقصود سجن أسكي شهر.
