ظهور رسائل النور
الحظوة باسم الله "الرحيم" و"الحكيم"
«أنا الآن في موضع، على ذروة شجرة صنوبر ضخمة عظيمة، منتصبة على قمة شاهقة من قمم جبل "جام". لقد استوحشتُ من الإنس واستأنست بالوحوش.. وحينما أرغَبُ في المحاورة والمجالسة مع الناس أتصوركم بقربي خيالاً، وأجاذبكم الحديث وأجد السلوان بكم. وأنا على رغبة في أن أظل هنا وحيداً مدة شهر أو شهرين، إن لم يحدث ما يمنع. وإن رجعت إلى "بارلا" نتحرى معاً حسب رغبتكم عن وسيلة لمجالسة ومحاورة بيننا. فقد اشتقتُ إليها أكثر منكم.
والآن أكتب إليكم ما ورد بالبال من خواطر على شجرة الصنوبر هذه:
أولاها: خاطرة فيها شيء من الخصوصية، فهي من أسراري، ولكن لا يُكتم عنكم السر، وهو: أنَّ قسماً من أهل الحقيقة يحظون باسم اللّٰه "الودود" من الأسماء الحسنى، وينظرون إلى واجب الوجود من خلال نوافذ الموجودات بتجليات المرتبة العظمى لذلك الاسم. كذلك أخوكم هذا الذي لا يُعدّ شيئاً يُذكر، وهو لا شيء، قد وُهبَ له وضعٌ يجعله يحظى باسم اللّٰه "الرحيم" واسم اللّٰه "الحكيم" من الأسماء الحسنى، وذلك في أثناء ما يكون مستخدَماً لخدمة القرآن فحسب، وحينما يكون منادياً لتلك الخزينة العظمى التي لا تنتهي عجائبُها.
فجميع "الكلمات" إنما هي جلوات تلك الحظوة. نرجو من اللّٰه تعالى أن تكون نائلة لمضمون الآية الكريمة ﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾(البقرة:269)..»([1])
[1]() المكتوبات، المكتوب الرابع.
