مسألة تافهة إلاّ أنني سُئلت عنها كذنب كبير
يقولون: إنك لا تضع القبعة على رأسك ولا تنـزع عمامتك في المحكمة وأمثالها من الدوائر الرسمية، بمعنى أنك ترفض تلك القوانين، علماً أن رفضها يوجب عقوبة شديدة.
الجواب: إن ردّ القوانين شيء، وعدم العمل بها شيء آخر مغاير عنه تماماً؛ فإن كانت عقوبة الأول الإعدامَ، فعقوبة الآخر يوم واحد من السجن أو غرامة نقدية قدرها ليرة واحدة، أو إنذار أو توبيخ. فأنا لا أعمل بتلك القوانين، ولست مكلفاً بها، لأنني أعيش عيش الانزواء، فهذه القوانين لا تسرى على المعكتفين المنـزوين.
تنبيه: على الرغم من أن محاكم "إسبارطة" و"أسكي شهر" و"وزارة الداخلية" قد صادرت كتبي الخاصة -المتراكمة منذ عشر سنوات- ورسائلي الخاصة، فإنهم مازالوا ينقبون عمّا اتهمونا به من وجود منظمة سرية، واعترفوا بأنهم لم يعثروا على شيء قط، رغم جميع تدقيقاتهم الصارمة.
فأنا أقول: "أيها السادة! عبثاً ترهقون أنفسكم؛ إن كان ما تبحثون عنه موجوداً، فعدم استطاعتكم العثور عليه طوال هذه المدة يعني أن وراء هذا الأمر قوة لا تُقهر ودهاء لا يُغلب ولا يُصد. فلا مناص لكم إلاّ مصالحته. وإلاّ أمَا يكفيكم إلحاق الضرر بالكثيرين من الأبرياء، بما يمسّ غيرة اللّٰه، فيكون وسيلة لنـزول المصائب أمثال الغلاء والقحط والوباء؟ علماً أن من هو مثلي عصبي المزاج يبوح بأخفى أسراره إلى الغرباء دون تحسب، وقد دافع أمام المحكمة العسكرية العرفية دفاع الرجال الأبطال، والذي يضطر في الشيخوخة إلى التحرز واتخاذ الحيطة والحذر -وفق مسلكه- عن الحوادث المجهولة العاقبة... أقول إن اتهام هذا الرجل بإقامة تنظيم سري -لا يمكن كشفه قط- سذاجة في منتهى البلاهة، أو كيد مدبّر بلا شك.
أطالب حقاً لي من الهيئة الحاكمة!
إن ما صودر من كتبي تفوق قيمتها -عندي- أكثر من ألف ليرة، حيث إن قسماً منها قبلته مكتبة أنقرة بكل اعتزاز وامتنان قبل اثنتي عشرة سنة، ولاسيما ما هو إيماني أخروي خالص كـ"المكتوب التاسع عشر" و"الكلمة التاسعة والعشرين" فلهما أهميتهما لديّ، فهما حصيلة حياتي وكل ما أملك من ثروة معنوية، ذلك لأنهما يبينان قسماً من عشرة أقسام من إعجاز القرآن بياناً واضحاً. فضلاً عن أنني استكتبتهما مذهّبتين خاصتين لنفسي. علاوة على نسخة من رسالة الشيوخ -من بين ثلاثِ أو أربعِ نسخٍ- ولما لم يكن في هذه الرسائل شيء يخص الدنيا فأطالب بكل كياني إعادة هذه الرسائل والرسائل العربية التي تخص ذكريات شيخوختي، فتلك الكتب أُنسي وسلواني وأصدقائي في هذه الدنيا التي أثقلت كاهلي بخمسة أصناف من الاغتراب، حتى لو كنت في السجن أو القبر.
فحرماني من تلك الكتب يعني دفعي إلى غربة لا يمكن أن تطاق. فاحذروا الآهات والزفرات التي تنطلق نتيجة هذه المضايقات الثقيلة المرهقة.
