فقرة من رسالة المناجاة
«يَا رَبَّ العالمين! يَا إله الأولين والآخِرين! يَا رَبَّ السَّمواتِ والأرضين!
لقد علِمتُ بتعليم الرَّسُولِ الأكرم r وبدرس القُرآن الحكيم وآمنت بأن الرَّسُول الأكرم r -في المُقدمة- مستنداً إلى مئات من معجزاته الباهرة، والقرآن الكريم مستنداً إلى آياته الجازمة، ثم جميع الأنبياء عليهم السلام وهم ذوو الأرواح النيرة، وجميع الأولياء وهم أقطاب ذوي القلوب النورانية، وجميع الأصفياء وهم أرباب العقول المُنورة.. يبشرون الجن والأنس بالسعادة الأبدية وينذرون الضالين بجهنم -وهم يؤمنون بهذا ويشهدون عليه- استناداً إلى ما ذكرتَه مراراً وتكراراً من الوعد والوعيد في جميع الكتب السماوية والصحف المُقدسة، واعتماداً على صفاتك وشؤونك القُدسية كالقدرة والرحمة والعناية والحكمة والجلال والجمال، ووثوقاً بعزة جلالك وسلطان ربوبيتك، ويبشرون بكشفياتهم ومشاهداتهم وبعقيدتهم الراسخة بعلم اليقين.
يَا قَادرُ يَا حَكيمُ، يَا رَحمَنُ يَا رَحيمُ، يَا صَادِقَ الوَعدِ الكريم، يَا قَهَّارُ يَاذا الجَلالِ، ويَاذا العِزَّةِ وَالعَظمَةِ والجَلالِ!..
إنك مقدس مطلق، وأنت متعال منـزّه مطلق عن أن تَصِمَ بالكذب كلَّ هذا العدد من أوليائك الصادقين ووعودك العديدة وصفاتك الجليلة وشؤونك المُقدسة.. فتحجب ما تقتضيه حتماً سلطنةُ ربوبيتك، وترد ما لا يحد من أدعية ودعوات صادرة ممن لا يعد من عبادك المقبولين الذين أحببتهم وأحبوك وحببوا أنفسهم إليك بالإيمان والتصديق والطاعة… فأنت منـزّه، وأنت متعال مطلق مستغن عن تصديق أهل الضلالة والكفر الذين يتعرضون لعظمة كبريائك في إنكارهم الحشر، ويتسببون في التجاوز على عزة جلالك ويمسون هيبة ألوهيتك ورأفة ربوبيتك بكفرهم وعصيانهم وبتكذيبهم إياك في وعدك.
فأنا أقدّس عدالتك وجمالك ورحمتك غير المُتناهية -بلا حد ولانهاية- وأنزهها عن هذا الظلم والقبح غير المتناهيين وأرغب أن أتلو بعدد ذرات وجودي الآية الكريمة: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً﴾(الإسراء:43). بل إن رسلك الصادقين -أولئك الذين هم دعاة سلطنتك الحقيقيون- يشهدون ويبشرون ويشيرون بحق اليقين وعين اليقين وعلم اليقين إلى خزائن رحمتك الأخروية وكنوز آلائك في عالم البقاء، وإلى انكشاف تجليات أسمائك الحُسنى تجلياً تاماً خارقاً في دار السعادة، ويرشدون عبادك المُؤمنين بأن أعظم شعاع لاسم "الحقّ" الذي هو مرجع جميع الحقائق وشمسها وحاميها هو: حقيقة الحشر الكبرى».([1])
[1]() الشعاعات، الشعاع الثالث.
