2- إصلاح الولايات الشرقية

«كنت ألمس الوضع الرديء لما كان يعيشه أهالي الولايات الشرقية فأدركت أن سعادتنا الدنيوية ستحصل -من جهة- بالعلوم الحديثة الحاضرة، وأن أحد الروافد غير الآسنة لتلك العلوم سيكون العلماء، والمنبع الآخر سيكون حتماً المدارس الدينية، كي يأنس علماء الدين بالعلوم الحديثة.

وحيث إن زمام الأمر في تلك البقاع التي أغلبيتها الساحقة أُمّيون بيد علماء الدين، فهذا الشعور هو الذي دفعني إلى المجيء إلى إسطنبول. ظناً مني أن نلقى السعادة في "دار السعادة" في ذلك الوقت.([1])

[فقدّم إلى السلطان عبد الحميد العريضة الآتية لضرورة إنشاء مدرسة الزهراء في الولايات الشرقية:]

 على الرغم من أن الحكومة على علم بأحوال أهالي كردستان الذين يمثلون عنصراً مهماً في الأمة العثمانية، فإني أرجو السماح لي بتقديم بعض المطاليب الخاصة بالخدمة العلمية السامية.

إن في هذا العالم، عالم الرقيّ والحضارة، ينظر بعين الشكر والتقدير إلى أوامر الحكومة بإنشاء مدارس في قصبات كردستان وقراها، أسوة بالإخوة الآخرين وبجنب ما تنجزه من خدمات في مرافق أخرى. إلاّ أن مدى الاستفادة من هذه المدارس ينحصر في الذين يعرفون اللغة التركية، بينما يحرم الأكراد من العلوم والمعارف لعدم معرفتهم باللغة التركية ولعدم معرفة معلميهم باللغة المحلية، لذا لا يجدون أمامهم سوى الانخراط في المدارس الدينية طريقاً للمعرفة، مما يسبب شماتة الغرب لتفشي الجهل وحدوث الاضطرابات وانتشار الشبهات والأوهام فيما بينهم. وهذا ما يدعو أهل الغيرة والحمية إلى التأمل حيث الأكراد قد ظلوا في أماكنهم، بينما استفاد من هم أوطأ منهم من كل جهة منذ القدم من توقفهم هذا.

فهذه النقاط الثلاث تقض مضجع أهل البصيرة، لأنها تمهّد لضربة عنيفة توجّه إلى الأكراد في المستقبل.

وعلاج هذا النقص هو قيام الحكومة بفتح ثلاث مدارس نموذجية للتعليم في مواقع مختلفة من كردستان.

إحداها: في "بيت الشباب" التي هي مركز عشائر الأرتوشي.

ثانيتها: وسط "موتقان" و"بلقان" و"ساسون".

ثالثتها: في "وان" التي تمثل وسط "حيدران" و"سبكان".

وتدرس في هذه المدارس العلوم الدينية مع العلوم الحديثة الضرورية، وليكن في كل مدرسة خمسون طالباً في الأقل تتكفل الحكومة بمعاشهم.

ومن الأسباب المهمة لحياة كردستان المادية والمعنوية مستقبَلاً هو إحياء بعض المدارس. ويتم بإرساء أسس المعارف في هذه المنطقة، فتتقرر وحدة الأمة عليها، وتسلّم قوتها العظيمة -التي تضيع نتيجة الاختلافات الداخلية- إلى الحكومة لتوجيهها لمقاومة الأعداء في الخارج.

وبهذا يتيسر لأهل المنطقة السبيل لإظهار جوهر فطرتهم واستعدادهم لتقبل المدنية واستحقاقهم العدل».([2])

 

[1]() صيقل الإسلام، المحكمة العسكرية.

 

[2]() (ب) 147 عن جريدة الشرق وكردستان 19/11/1908 العدد 1.

Ekranı Genişlet