فوائدها وثمراتـها
«مجملاً:
تأمين مستقبل العلماء الأكراد والأتراك
وإقحام المعرفة عن طريق "المدرسة" إلى كردستان
وإظهار محاسن "المشروطية" و"الحرية" والاستفادة منها.([1])
وفوائدها بالتفصيل:
الأولى: توحيد المدارس الدينية وإصلاحها...
الثانية: إنقاذ الإسلام من الأساطير والإسرائيليات والتعصب الممقوت، تلك التي أصابت سيف الإسلام المهنّد بالصدأ.
نعم، إن شأن الإسلام الصلابة في الدين وهي المتانة والثبات والتمسك بالحق، وليس التعصب الناشئ عن الجهل وعدم المحاكمة العقلية، إن أخطر أنواع التعصب -في نظري- هو ذلك الذي يحمله قسم من مقلدي أوروبا وملحديها، حين يصرّون بعناد على شبهاتهم السطحية، وليس هذا من شأن العلماء المتمسكين بالبرهان.
الثالثة: فتح باب لنشر محاسن المشروطية.
نعم، ليس هناك في العشائر من فكرٍ يجرح المشروطية، ولكن إن لم تستحسن في نظرهم فلا يستفاد منها. وهذا أشد ضرراً، فلا شك أن المريض لا يستعمل دواءً يظنه مشوباً بالسم.
الرابعة: فتح طريق لجريان العلوم الكونية الحديثة إلى المدارس الدينية، بفتح نبع صافٍ لتلك العلوم بحيث لا ينفر منها أهل المدارس الدينية، ولقد قلت مراراً بأن فهماً خطأً وتوهماً مشؤوماً قد أقاما -لحد الآن- سَدَّين أمام جريان العلوم.([2])
إذ إن أهم الموانع، والبلاء النازل هو توهمنا -نحن والأجانب- بخيال باطل، وجودَ تناقض وتصادم بين بعض ظواهر الإسلام وبعض مسائل العلوم. فمرحى لجهود المعرفة الفياضة وانتشارها، وبخٍ بخٍ لعناء العلوم الغيورة، اللتين أمدّتا تحري الحقائق وشحنتا الإنسانية، وغرستا ميل الإنصاف في البشرية فجهزتا تلك الحقائق بالأعتدة لدفع الموانع، فقضت وستقضي عليها قضاءً تاماً.
نعم، إن أعظم سبب سلب منا الراحة في الدنيا، وحرم الأجانب من سعادة الآخرة، وحجب شمس الإسلام وكسفها هو سوء الفهم وتوهم مناقضة الإسلام ومخالفته لحقائق العلوم.
فيا للعجب! كيف يكون العبد عدوّ سيده، والخادم خصم رئيسه، وكيف يعارض الابن والده! فالإسلام سيد العلوم ومرشدها ورئيس العلوم الحقة ووالدها.
ولكن، يا للأسف.. هذا الفهم الخطأ، هذا الفهم الباطل، قد أجرى حكمه إلى الوقت الحاضر، فألقى بشبهاته في النفوس، وأوصد أبواب المدنية والمعرفة في وجه الأكراد وأمثالهم. فذعروا من توهم المنافاة بين ظواهر من الدين لمسائل من العلوم.([3])
الخامسة: أكرر ما قلته مراراً -بل مائة مرة- إن هذه المدرسة تصالح بين أهل المدرسة "الدينية" والمدرسة "الحديثة" وأهل الزوايا (التكايا) وتجعلهم يتحدون -في الأقل- في المقصد، وذلك بما تحدث فيما بينهم من الميل وتبادل الأفكار.
نعم، نشاهد بأسى وأسف أن تباين أفكارهم كما فرّق الاتحاد فيما بينهم فإن تخالف مشاربهم قد أوقف التقدم والرقي أيضاً، وذلك لأن كلاً منهم بحكم المتعصب لمسلكه ونظره السطحي لمسلك الآخر، انساق إلى الإفراط والتفريط، ففرّط هذا بتضليل ذاك، وأفرط ذاك بتجهيل هذا.
الخلاصة: أن الإسلام لو تجسّم لكان قصراً مشيداً نورانياً ينور الأرض ويبهجها فأحد منازله "مدرسة حديثة"، وإحدى حجراته "مدرسة دينية"، وإحدى زواياه (تكية)، ورواقه مجمع الكل، ومجلس الشورى، يكمل البعض نقص الآخر.. وكما أن المرآة تمثل صورة الشمس وتعكسها فهذه المدرسة الزهراء ستعكس وتمثل أيضاً صورة ذلك القصر الإلهي الفخم في البلدان الخارجية».([4])
[1]() صيقل الإسلام، المناظرات.
[2]() صيقل الإسلام، المناظرات.
[3]() صيقل الإسلام، المحاكمات.
[4]() صيقل الإسلام، المناظرات.
