الحكومات المتعاقبة تتبنى القضية
«لقد ألقيتُ هذه المباحث حول "مدرسة الزهراء" في السنة الثالثة من إعلان الحرية على صورة خطب للأهالي في كل من بتليس ووان ودياربكر وغيرها من الأماكن، وقابلوني جميعاً بالموافقة وبأن هذه المسألة حقيقة، وممكنة، وقابلة للتطبيق، لذا أستطيع أن أقول:إنني مترجم لما كان يدور بخلدهم في هذه المسألة.([1])
فالسلطان "رشاد" رحمه اللّٰه هو أول من قدّر أهمية إنشاء هذه الجامعة، فخصص عشرين ألف ليرة ذهبية لإنجاز بنائها فقط. وحينما رجعت من الأسر في الحرب العالمية الأولى وافق مائة وثلاثة وستون نائباً -من بين مائتين- في البرلمان ووقّعوا على تخصيص مائة وخمسين ألف ليرة -بقيمة الليرة الثمينة آنئذٍ- للغرض نفسه. وكان مصطفى كمال من ضمنهم. وهذا يعنى أنهم أولوا أهمية لإنشاء هذه الجامعة أكثر من أي شيء آخر. بل حتى وقّع ذلك القرارَ المتغربون من النواب الذين لا يهمهم أمر الدين من قريب أو بعيد والذين قطعوا صلتهم بالأعراف الإسلامية سوى اثنين منهم حيث قالا: نحن بحاجة إلى الحضارة الغربية أكثر من حاجتنا إلى الجمع بين العلوم الدينية والحديثة.([2])
وهكذا طرحتُ عليهم مشروع بناء جامعة في مدينة "وان" باسم "مدرسة الزهراء" على غرار الأزهر الشريف.. حتى إنني وضعت حجرها الأساس بنفسي، ولكن ما إن اندلعت الحرب العالمية الأولى حتى شكلت من طلابي والمتطوعين "فرق الأنصار" وتوليت قيادتهم، فخضنا معارك ضارية في جبهة القفقاس مع الروس المعتدين في "بتليس"..([3])
ثم بعد حوالي ست سنوات ذهبتُ إلى أنقرة، وسعيت في إنجاز تلك الحقيقة، وفعلاً وافق مائة وثلاثة وستون نائباً في مجلس الأمة من بين مائتي عضو على تخصيص خمسة عشر ألف ليرة ورقية لبناء مدرستنا، ولكن يا للأسف -ألف ألف مرة- سدّت جميع المدارس الدينية، ولم أستطع أن أنسجم معهم فتأخر المشروع أيضاً.([4])
وإنه لفأل حسن بعد انكسار حدّة الاستبداد الرهيب "سنة 1950" الذي دام خمساً وعشرين سنة، والذي أنهى حياة المدارس الشرعية، قرارُ وزير المعارف "توفيق إيلري" على إنشاء مدرسة الزهراء في "وان" باسم جامعة الشرق، واستصوب رئيس الجمهورية "جلال بايار" -من حيث لم يحتسب- قرار الوزير وجعله ضمن قائمة المسائل المهمة. وهذا ما كان يتمناه سعيد قبل أربعين سنة، وسيتحقق بإذن اللّٰه.([5]) حيث أدخل رئيس الجمهورية إنشاء الجامعة في الشرق ضمن المسائل السياسية المهمة، حتى إنه حاول إصدار قانون لتخصيص ستين مليوناً من الليرات لإنشائها..»([6])
[1]() صيقل الإسلام، المناظرات.
[2]() الملاحق، ملحق أميرداغ 2.
[3]() الشعاعات، الشعاع الرابع عشر.
[4]() الملاحق، ملحق قسطموني؛ الشعاعات، الثاني عشر؛ اللمعات، اللمعة الثامنة والعشرون.
[5]() الملاحق، ملحق أميرداغ 2.
[6]() الملاحق، أميرداغ 2.
